كُنّا على طاولة بلاستيكية بيضاء في "مهرجان الشعر" بسيدي بوسعيد، أنا وسامي، وكان سامي نورسَ اللقاءات، ينقُر المهرجان، ويختفي يومَين ثلاثة، ثم يعُود. كنتُ أنظرُ له كشبح، مألوم بشيءٍ ما، غير همومنا الثقافية اللّحظية، أو ضجيجنا بالمهرجانِ والسهرات.
تخيَّلتُكِ أكثر من مرّة/ممرّضةً تنحنين باللباس الأبيض الشفّاف/ على تعديل أنبوب "المُغذِّي" لمريضٍ أنتِ أهلُه/ العافيةُ فيك طافحة/ والرمَّان في أسعد حالاته/ بالرابعة والعشرين أنتِ/ والناضج الأسمر من التين لوَّحته شمس أغسطس.
السوادُ فضيحةٌ بيّنةٌ في المَمرّات/ السوادُ غلطةٌ/ أو نصيحةٌ ضاعت في الهواء الطَّلْق/ والتلفّتُ الحارُّ حريقُ "الدَلّةِ" في بهو الفنادق/ السوادُ على الكرسيّ، ينظر في قدره، ينتظره؛ يتأمّله/ السوادُ الداكنُ المُظلم بهيجٌ.
هذا المتمرجح فوق الكذبة، أبٌ تافهٌ، لن يسند أيامهم المقبلة؛ لن يقيم أوَد أرواحهم المتجدّدة مثل جلدِ ثعبان؛ لن يكون الأضلُعَ السميكة في جوانب البيت. هو جدارٌ، جدارٌ واحد فقط، وقد يتحوّل في القادم من أيامه - وعلى أقل تقدير - إلى عتبة.
"علّاوي"/ الفتى العراقيُّ المتعلّقُ بأطرافِ معطفي/ نهفُّ بأرداننا على النهر الصغير/ كلّما مررنا به/ وأقول: اخفِ الأجنحةَ يا علي/ لنتظاهر أنّنا بشريّون، خبّئْ الفراشةَ في جيبِك لا تُظهرْها لأحد، المسافة قريبة جداً حتى وصولاً لجسر.
سأشاغبُكم في ليلكم ونهاركم / في الممرات والشوارع التي تعبرونها وحدكم، في الغرف والمكاتب المغلقة / كلما نظرتم في مراياكم سترون إشارة مني / أمد لكم لساني في المرآة / أقفز فوق ظهر المصلي منكم / وأنفخ في أذن النائم / أنا العابر في أحلامكم.