كيف يمكن لبشر أن يتدخل ويحدد مصيراً موجوداً، أعلى منه مكانة ومنزلة (القدس والأقصى الشريف)، وهو ذو قدرة محدودة، وإن تمددت وتوسعت؟ وهل يمكن لنفس البشر، أو اللاعبيين الأساسيين في هذه الصفقة، تحديد قيمة مادية مالية للقدس وللأقصى الشريف؟
لا تتوقف أهمية المسجد الأقصى على كونه مكاناً للعبادة لدى كل من يدين بالدين الإسلامي العظيم، بل يضاف إلى ذلك كينونته وذاته التي ترمز إلى كل ما هو نبيل طاهر نقي في هذه الحياة المعاشة.
الثمرة لا تبيت وحدها، ولا تعطي فائدتها إلا بعد عناية واهتمام بها، وكذلك جيل الشباب الفتي الذي يشع حماسا، ينتظر من يحوله إلى علامة كاملة في النبوغ المتواصل، من دون كلل ولا ملل.
إنه السلام الصالح لكل زمان ومكان، السلام الذي نبع من عظمة الإسلام وطيبة العروبة، إنه السلام الذي يراعي قدر الكبير، ويعطف على المرأة والصغير. السلام الخالي من لغة السلاح وعبارات التهديد والوعيد بالسحق والتدمير.
تحتاج صناعة السلام بين المسلمين وإسرائيل إلى الصدق من الجانب الإسرائيلي، هذا الصدق الذي يشمل منح القدس للمسلمين والعرب، من دون حجج ولا شروط فارغة الجوهر والمضمون، فمتى صدقت إسرائيل، واعترفت بالحق الإسلامي والعربي بالقدس؟
تطبيق استراتيجية التحفيز الإيجابي للشباب العربي ليكون فعالا منتجا هي ما يصنع وطنا قويا قادرا على مقارعة أمواج الحياة والتغلب عليها، وتحويلها لمنفعته أمواجا تسير بمركبة الحياة إلى بر الأمان نحو المجد والتميز.
فلسطين أرض ذات طابع سلمي تعايشي بين الناس، لا تقبل سلاحا ولا نزاعا يغير طابعها الأصيل، وفق مخطط إسرائيل وميولها التي ترفض التعايش السلمي، وتسير وفق نهجها الثابت في الهيمنة الكاملة التي تنزع الشرعية للوجود العربي الإسلامي في فلسطين.
حضر أتباع المنهج الصهيوني إلى فلسطين، وتكاثروا فيها، وازدادت أعدادهم، لتصل الآن إلى عشرة ملايين أو يزيد قليلا، متبعين جلّ الوسائل والسبل المؤدية إلى التمكّن والتثبت في فلسطين.
تتتابع النكبات وتستمر، ليصير النسيج العربي والإسلامي أكثر وهنا من بيت العنكبوت، ويبقى في النفس سؤال حائر: متى تجتمع أمة الإسلام والعروبة على مائدة واحدة، وتأكل من الطبق نفسه، لتكون كما أرادها الرسول الكريم ذات رسالة واحدة؟
وصل الكيان الإسرائيلي إلى ثباته الحالي وإمكاناته الصناعية والاقتصادية بفضل أفراد الأمتين العربية والإسلامية الذين اشتغلوا بصراعات وخلافات ممتدة لا تعرف طريقا إلى النهاية، بل تتناسل من ذاتها.