لم تكن الأيديولوجيا السياسية ولا حتى صراع على السيطرة السياسية في صلب ما دفع المتظاهرون في إسرائيل للخروج من لامبالاتهم واسترخائهم السياسي الذي ميّزهم خلال العقدين الأخيرين، فهؤلاء، في غالبيتهم العظمى، تقاعدوا عمليا من السياسة ومن الأيديولوجيا.
تصادف صدور تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي"، بنمو شعور عميق للفلسطينيين - غير المتعاونين - بانهيار مسلمات وفرضيات عملهم السياسي في كل مكان. لقد انهارت الحركة الوطنية الفلسطينية بشكلها الذي نعرفه حتى الآن.
إن زيادة قوتنا السياسية كرديف لأمرين أولهما زيادة الارتباط ببعدنا الفلسطيني وثانيا إضعاف إسرائيل ومخططها في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية عموما وليس فقط داخليا.
المطلوب حوار وطني فلسطيني مع الداخل، يقرأ الصورة تماما قراءة فلسطينية، ويحتكم لمرجعيات فلسطينية، في مقدمها "شعب واحد، قضية واحدة، وطن واحد"، أما الشعاب فهي لا تصلح أن تكون خريطة، ولا أن تكون بوصلة.
اختارت السلطة الفلسطينية التعاون مع التنسيق الأميركي –السعودي- المصري بشأن نص بيان مجلس الأمن بشأن القدس، والسكوت على تمرير صيغة عامة. وبهذا خسر الشعب الفلسطيني محطة مهمة، وذات دلالات كبيرة من حيث الاستعداد لتغيير فعلي لقواعد اللعبة السياسية.
تسعى إسرائيل إلى ترويج نفسها عالمياً عبر تقديم نفسها بوصفها دولة جيدة، فهل هنالك حقاً "إسرائيل جيدة"، وهل "الحلم الصهيوني"، يؤسس لحياة طبيعية وإنسانية؟
تلك أسئلة، وغيرها، تجيب عليها النائب الفلسطينية في الكنيست عن حزب التجمع الديمقراطي، حنين زعبي.
تحرير النقاش السياسي من جدران الغرف المغلقة للقائمة العربية المشتركة إلى الجمهور الواسع الذي أعطى ثقته العالية للمشتركة، من شأنه أن يعيد إحياء السياسة نفسها، بل وإحياء الأحزاب العربية التي مات حضورها السياسي، إثر موت النقاش السياسي بينها.
القضية السياسية العميقة الكامنة وراء ضوضاء التحريض، هي المعركة على حسم أو محاولة حسم السؤال: هل تشمل المساواة قبول العربي كفلسطيني يتماثل مع نضال شعبه من دون تردد؟
ليس الانحياز للشعب السوري ضد من يطلق النار عليه في تظاهراته السلمية أمراً يحتاج تفسيراً. وقبل أن "نفسر"، لمن يحتاج تفسيراً، انحياز بشارة للشعب السوري، علينا أن نفسر، أيضاً لمن يحتاج تفسيراً، "انحيازه" للمقاومة وعبرها للنظام السوري، قبل سؤال الثورة.