"مدبرات منازل" بغزة للتخفيف من ثقل البطالة

20 يناير 2015
نساء غزة ينتظرن إعادة الإعمار (أرشيف/Getty)
+ الخط -
لم يقف تقدم العمر ومشقة الطريق عائقاً أمام الخمسينية أم خليل المصري، التي رغبت في اقتحام سوق العمل الخدماتي، لتوفير مصدر دخل لها ولعائلتها التي تتألف من ولدين وثلاث بنات، بعدما أقعد المرض زوجها، وأجبر ضيق الحال أولادها على عدم إكمال تعليمهم المدرسي بشكل منتظم.
وتعمل "أم خليل" في مجال رعاية المسنين والعجزة ضمن طاقم موظفي شركة "وايت بال" المتخصصة في الخدمات اللوجستية وأعمال النظافة ومدبرات المنازل، التي تأسست قبل نحو ثلاث سنوات في قطاع غزة.
وتقول أم خليل المصري لـ "العربي الجديد"، "إن العمل الخدماتي لا يعيب صاحبه، ولا يجعل يديه تمد لطلب الحاجة من أحد"، موضحة أنها تتميز في تأدية مهامها الوظيفية في الشركة بالتوازي مع مسؤوليتها كأم داخل البيت.
وتضيف المصري: "انتظاري لرؤية فرحة نجاح أولادي، كان حافزا لمواصلة العمل والتميز عن الآخرين، ونجحت بالتغلب على عقبات النظرة المجتمعية نحو المرأة العاملة، مبينة أنها لا تتردد بإخبار الجيران أنها تعمل في مجال رعاية المسنين حين تخرج للعمل كل صباح".
أما الشاب، مجدي أبو عودة (31 عامًاً) الذي أنهى الدراسة الثانوية العامة قبل سنوات، فحاله كالمئات من الشباب العاطلين عن العمل، الذين أفرزهم الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة منذ نحو سبع سنوات، الأمر الذي دفعه للعمل بعدة مجالات تكفل له ولعائلته مصدر دخل مالي.
ويذكر أبو عودة لـ "العربي الجديد"، أنه التحق بالعمل في الشركة منذ تأسيسها، لكي يبتعد عن شبح البطالة الذي يلاحق الجميع، في ظل انسداد أفق العمل، في وجه جميع شرائح المجتمع، وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
ويضيف أبو عودة، وهو أب لطفلة، أنه لا يجد نظرة سلبية مجتمعية نحو الشباب أو النساء الذين يعملون في مجال تدبير المنازل ورعاية المسنين، بل هو عمل كسائر الأعمال والوظائف له احترامه وتقديره.
ويخضع العاملون في الشركة لمجموعة من الدورات التدريبية للتعامل مع الزبائن والمؤسسات، ورفع قدراتهم على أداء مهامهم، ولتعزيز مكانتهم كفرد فاعل بالمجتمع يوفر دخلا ماليا له، فيما يتاح العمل فيها لجميع الشرائح والفئات العمرية، بغض النظر عما إذا كان الطالب خريجا أم لا.
من جهتها، توضح رئيس مجلس إدارة الشركة، حنان الشلبي، أن شركتهم تتميز بأنها خدماتية يحتاجها السوق المحلي والمؤسسات المختلفة، ولم تكن بحاجة إلى رأس مال كبير عند تأسيسها على عكس الشركات الأخرى، بجانب مساهمتها الفاعلة في التخفيف من وطأة البطالة المنتشرة في القطاع.
وتقول الشلبي لـ "العربي "الجديد"، إنّ أعمال الشركة تتنوع، من تنظيف المنازل والمؤسسات المختلفة والعمارات وواجهات المباني، ونقل الأثاث المنزلي، بجانب توفير عمالة مدبرات منازل وحارسات وجليسات أطفال، وأيضا تقديم استشارات في تصميم الديكور للمنازل والشركات.
وتضيف صاحبة فكرة تأسيس الشركة: "تمكنت الشركة من تشغيل نحو 400 شخص، بجانب المساهمة في توقيع عقود سنوية لنحو 40 شخصا آخرين".
وتبين الشلبي أن أبرز الخدمات المطلوبة هم عمال وعاملات النظافة ومدبرات المنازل وجليسات مسنين، موضحة أن العديد من المتقدمين للعمل في الشركة هم من خريجي وخريجات الجامعات بتخصصات مختلفة.
وتواجهه أغلب الشركات الخدماتية التي يعمل بها العنصر النسائي بعض المعيقات، أبرزها النظرة السلبية المجتمعية إلى عمل المرأة خاصة كمدبرة منازل، لذا تعمل الشركة جاهدة على مواجهة تلك النظرة وتصحيحها.
وتضم شركة "وايت بال" بين جنباتها مجموعات ترفع شعارات تتوافق مع طبيعة عملها، كمجموعة "الزهور المتفتحة" لرعاية المسنين والعجزة، "ولا تطعمني سمكا علمني الصيد" التي تختص بمدبرات المنازل وعمال وعاملات النظافة ومن كان يمارس عادة التسول سابقا.
المساهمون