الأسد يستجدي المستثمرين لإحياء الصناعة

02 يناير 2015
جنود تابعون لنظام الأسد في مصنع مُدمّر بحلب(فرانس برس)
+ الخط -
لم يسعف التفاف رئاسة وزراء النظام السوري بنقل المنشآت الصناعية إلى المناطق الحرة، بعد هروب المستثمرين السوريين والعرب والأجانب بفعل الحرب والحصار، في محاولة للحفاظ على الموارد التي كانت توفرها المناطق الحرة للخزينة العامة، والتي كانت تأتي ضمن فوائض المؤسسات الاقتصادية، ثالثاً بعد النفط والضرائب.
وبلغ حجم التراجع في المبادلات التجارية التي تُنتجها المناطق الحرة السورية، خلال الأعوام الثلاثة الأولى من الأزمة نحو 324 مليار ليرة (1.8 مليار دولار)، منها 119 مليار ليرة لعام 2013 و130 ملياراً لعام 2012 و75 مليارا لعام 2011.
وقالت المؤسسة، في بيانات نهاية العام 2013، إنها خسرت كتلة إيرادات قدرت بنحو 170 مليون ليرة قياساً بسنة الأساس 2010 والتي بلغت فيها قيمة الإيرادات بحدود 1.47 مليار ليرة، وتراجع في العام 2011 إلى 941 مليون ليرة وفي العام 2012 بلغت قيمتها 931 مليون ليرة وتحسنت في العام 2013 إلى مستوى 938 مليون ليرة، وزادت قيمة الإيرادات حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لأكثر من 1.3 مليار ليرة.

مخالفة وتجاوزات

قال المحلل الاقتصادي السوري حسين جميل إن وزارة الاقتصاد حاولت، بعد قرارات رئاسة الوزراء المخالفة لمرسوم إنشاء المناطق الحرة، أن ترفع المبادلات التجارية وإيرادات المؤسسة، فسمحت للصناعيين السوريين، نقل منشآتهم من المدن والمناطق الصناعية إلى المناطق الحرة، ودعمت مخالفة المرسوم بقرارات تقسيط البدل لدفعات، والسماح بالدفع بالدولار أو العملة السورية، والسماح بالوضع بالاستهلاك المحلي للآليات الجديدة، والمستعملة الموجودة في المناطق الحرة والتي يزيد سنة صنعها على تسع سنوات عدا سنة الصنع، بغض النظر عن الوزن، شرط تسديد كل الرسوم الجمركية وبقية الرسوم المترتبة الأخرى.
وأضاف جميل لـ "العربي الجديد": "غير أن كل تلك الالتفافات لم تُجد شيئاً، لأن المناخ في المناطق الحرة، لا يختلف كثيراً عن المناخ الاستثماري السوري بشكل عام"، سواء لجهة صعوبة تأمين المواد الأولية أو تصريف الإنتاج في واقع الحصار المفروض، ما أدى لتراجع رأس مال الشركات الأجنبية المستثمرة في المناطق الحرة إلى أقل 11 مليار ليرة (61 مليون دولار)، وانخفضت حركة البضائع من وإلى المناطق الحرة إلى أقل من 30 مليار ليرة (166 مليون دولار) طيلة العام الماضي، فيما تراجع الإنتاج والتصدير وبالتالي محدودية الإيرادات التي كانت تحصلها الحكومة من أكبر المؤسسات الحكومية التي كانت تساهم في موارد الخزينة.


هروب الصناعة السورية

وتراجعت عائدات المناطق الحرة بعد هروب المستثمرين الأجانب والصناعيين السوريين لدول الجوار التي وجدوا فيها ملاذاً بعد الأتاوات التي يفرضها النظام لتمويل حربه على الثورة، وهرباً من حمم القذائف التي أتت على منشآتهم، ففي دمشق وريفها فقط، تقدم 273 صناعياً بكتب لغرفة صناعة دمشق للتعويض عن الأضرار التي لحقت بمنشآتهم، والتي تجاوزت وفق بيانات غرفة الصناعة 49 مليار ليرة.
وقصف نظام بشار الأسد الأحياء والتجمعات الصناعية بالصواريخ والبراميل المتفجرة، وأيضاً بعد تخريب مسلحين بعض المنشآت وتفكيك خطوط إنتاجها وبيعها كخردة أو نقلها لبعض الدول المجاورة.
واحتل السوريون المركز الأول في الاستثمارات الأجنبية المساهمة في الشركات المؤسسة حديثا في تركيا بعدد شركات بلغ 489 شركة، بحسب اتحاد الغرف وبورصات السلع التركية.
وأظهرت بيانات "دائرة مراقبة الشركات" بالأردن، أن السوريين تصدروا قائمة الشركات المسجلة في الدائرة منذ بداية العام 2014 وحتى نهاية يوليو/تموز الماضي، حيث أظهرت البيانات تسجيل شركات بأسماء 226 شريكاً سورياً، بلغ مجموع حصصهم 13.162 مليون دينار أردني.

الوقت المستقطع

تسعى حكومة بشار الأسد إلى استعادة الصناعيين السوريين، من خلال وعود بالمشاركة في إعادة الإعمار وتعديل القوانين وجدولة الديون، بعد قرار السماح بنقل وتوطين المنشآت في المناطق الحرة.
وقال مدير المؤسسة العامة للمناطق الحرة، محمد كتكوت، إن المؤسسة أنجزت مشروع قانون جديد خاص بالمناطق الحرة الاقتصادية، والذي أصبح في مراحله الأخيرة.
وأضاف كتكوت في تصريحات صحافية: "أن القانون يعالج أيضاً قضايا المخالفات والإشكالات الخاصة بالمناطق الحرة وتقديم بعض المزايا الإضافية الجديدة والتركيز على تطوير نظام الاستثمار الخاص، ولن تخضع الاستثمارات لنظام المؤسسة المعمول فيه حالياً بعد إحداث مناطق حرة خاصة، حسب خطة وزارة الاقتصاد، التي تتضمن قيام مناطق اقتصادية تخصصية خاصة خلال عام 2015".
ووصف المحلل علي الشامي، خطوة "المناطق الحرة" بالاستجداء العبثي في الوقت الضائع، لأن رأس المال السوري الذي أسس مشروعات في الخارج وذاق جور القوانين والضرائب في سورية، لن يعود ويترك الإعفاءات والتسهيلات التي قدمتها دول الجوار.
وأضاف الشامي لـ "العربي الجديد": واقع الحرب المفتوحة وغير محددة النهاية، تمنع أي رأسمال من المجازفة والاستثمار في سورية، "من يريد أن يعرف طبيعة العمل في المناطق الحرة في سورية، سواء في دمشق والمطار، أو في عدرا، فليسأل فقط عن نسبة استثمارات ابن خال الأسد رامي مخلوف، وحجم الرشى التي كانت تدفع لإدخال البضاعة أو تخزينها في مخازن وساحات المناطق الحرة"، على حد تعبيره.
وتابع الشامي: لتنفع نظام الأسد شراكته مع إيران التي أوصت وزارة الاقتصاد أخيرا بضرورة تشميل المنتجات المصنعة في المناطق الحرة السورية والإيرانية بالتعليمات التنفيذية لاتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين، "ليكتمل الاحتلال العسكري الإيراني بإغراق تجاري وسلعي للسوق السورية".
المساهمون