50 عاماً لإعادة بوصلة التنمية إلى الاقتصاد اليمني

06 ابريل 2015
عمالة الأطفال في اليمن بسبب الفقر (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
المرحلة التي يعيشها اليمن هي الأخطر في تاريخه. لها آثار سلبية تهدّد التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتنذر بولادة أجيال غير قادرة على البناء، مع الزج بأجيال المستقبل في معترك الحروب والصراعات السياسية.


حذّر تقرير للأمم المتحدة من تجنيد الأطفال اليمنيين والزج بهم في الحروب، ورصد التقرير حملات التجنيد التي تقوم بها جماعة الحوثيين في صعدة شملت الأطفال، كما يحدث أيضاً في أبين من خلال قيام "جماعة أنصار الشريعة"، المنتمية إلى "تنظيم القاعدة"، بتجنيد الأطفال في خنفر وزنجبار ومناطق أخرى.


تتربى تلك الأجيال وفي أيديها السلاح، وهو ما يعد مؤشراً خطيراً لا يمكن التعويل عليه لإعادة بناء اليمن، بحسب ما يراه الباحث الاقتصادي مختار القدسي، ويشير إلى أن "ظاهرة تسليح الأطفال والتسرب من المدارس يُنذر بولادة جيل فاشل، وهو ذاته سينتج عنه أجيال فاشلة لا تعرف طريق التنمية. ويمكن القول إن اليمن يحتاج إلى أكثر من 3 أجيال للتخلّص من هذه الآثار السلبية المترتبة على الصراعات السياسية التي تشهدها البلد منذ 4 سنوات".

ويقول القدسي إن استمرار هذه الممارسات وعدم التنبّه لمخاطرها، يزيد من تفاقم المشكلة، حيث إن التعويل على 3 أجيال لقيادة التحول الاجتماعي والاقتصادي في البلد قد لا ينجح، إذا استمر استغلال أجيال المستقبل في الصراع، مبيّناً أن البلاد لن تتمكن من التوجه إلى التنمية التي حرمت منها منذ ما يزيد عن 50 عاماً بسبب ممارسات الجهات النافذة لتجهيل الناس وتوجيههم نحو الصراع المسلح، وهي المدة الزمنية نفسها التي قد تحتاجها للتخلص من هذه الصراعات وتوجيه أبنائها نحو التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

أزمة بنيوية

من جهته، يرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، الدكتور فؤاد الصلاحي، أن "اليمن يعاني من مشكلات اجتماعية واقتصادية حادة، بل إن البلاد تمر في أزمة بنيوية شاملة ودخلت مرحلة حرجة مع فشل النظام والحكومة في معالجة أسباب الأزمة ومظاهرها معاً". ويضيف، لـ"العربي الجديد": "مع تزايد حدة الصراع بين أطراف متعددة ووجود مليشيات مسلحة لأحزاب وجماعات مختلفة، جرى تجنيد الأطفال ترغيباً وترهيباً".

ويشير إلى أن الأزمات الراهنة بكل مظاهرها تعكس آثاراً سلبية على الأفراد والأسرة والمجتمع ولا تتعافى سريعاً إلا إذا ظهرت دولة مؤسسية تقوم بدورها في معالجة كل ما نجم عن تلك الأزمات. والسائد حالياً استمرار الأزمة واستمرار ضعف الدولة، ما يجعل من اليمن دولة فاشلة. ويعتبر أن "ما نعيشه حالياً سيدفع اليمن كلفته لأجيال متعددة لاحقة وفي مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية".

بدوره، الخبير الاجتماعي، عبد الباقي شمسان، يرى أن اليمن يشهد منعطفاً تاريخياً سيؤثر سلباً على المجتمع لعقود طويلة، حيث إن المسألة لا تتوقف عند التدهور الاقتصادي والاجتماعي وإنما تقويض كل العمليات الوطنية، وإن كانت محدودة، في بناء الدولة الوطنية القائمة على المواطنة المتساوية.

ويؤكد شمسان أن اليمن يحتاج إلى فترات طويلة لتحقيق النهوض الاجتماعي والاقتصادي، خاصة في ظل سعي مختلف الأطراف إلى الحفاظ على مصالحهم وتدمير أجيال المستقبل وعدم التوجه إلى التنمية، مبيّناً أن هذا الانقسام وتداخل العوامل الداخلية والخارجية قسم الفضاء اليمني إلى مجموعات متمترسة للدفاع عن مصالحها على حساب الوطنية.


ووفقاً للتحليل الشامل لوضع الأطفال في اليمن، 2014، الذي نفذته "منظمة اليونيسف"، فإن اليمن تُعد الدولة الأولى في العالم بالنسبة للتسرّب من التعليم، حيث بلغت 80%، وفي بعض المحافظات 90%. كما أشارت دراسة ميدانية حديثة، نفذتها مبادرة حماية الأطفال والشباب وبدعم من مكتب الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية "أوتشا"، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، إلى أن محافظة صنعاء تحتل المرتبة الأولى في استقطاب الأطفال للتجنيد في الجماعات المسلحة بنسبة 89.9%، تليها محافظة عدن، ثم تعز، وبالنسبة للأطفال الذين يتم تجنيدهم في القوات المسلحة، احتلت محافظة ذمار المرتبة الأولى بنسبة 68.8%.

إقرأ أيضا: أزمات الأردن الإقليمية.. أجيال تدفع ثمن حروب الجوار
المساهمون