5 سنوات من الحرب تستنزف السلاح الجوي للنظام السوري

05 يوليو 2016
روسيا ساعدت النظام على صيانة وتطوير طائراته (فرانس برس)
+ الخط -
منذ الأيام الأولى لتحويل النظام السوري، الثورة الشعبية إلى حرب أهلية، زجت دمشق سلاحها الجوي في المعارك ضد المعارضة السورية ومناطق سيطرتها، مستفيدة من عدم امتلاكها أسلحة نوعية تردع الطائرات الحربية عن ارتكاب المجازر بحق المدنيين. لكن على الرغم من ذلك، فقد تمكّنت الفصائل المقاتلة للنظام السوري خلال السنوات الأربع الماضية، من إسقاط عشرات الطائرات الحربية والمروحية، بمضادات أرضية، تُستخدم أساساً في المعارك البرية، فكان أن خسر النظام أول مروحية في مارس/آذار عام 2012 في محافظة إدلب، بمضادات أرضية للجيش السوري الحر، وتوالت الحوادث المماثلة لاحقاً، وصولاً إلى الأسبوع الماضي، الذي فقَدَ فيه النظام ثلاث طائرات في ريف دمشق.

وحول إسقاط هذه الطائرات الثلاث، يؤكد المتحدث العسكري باسم "جيش الإسلام" حمزة بيرقدار، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الطائرة الأولى والتي كانت من طراز هليكوبتر، تم استهدافها مساء الاثنين 27 من الشهر الفائت بعد رصد طلعاتها لعدة أيام متتالية، وهي كانت مجهزة لتلقي ببراميلها المتفجرة على جبهة البحارية، حيث تم استهدافها بمنظومة "الأوسا" التي اغتنمها جيش الإسلام منذ ثلاث سنوات من كتيبة الدفاع الجوي في الغوطة الشرقية، مما أدى لإصابتها إصابة مباشرة وسقوطها ومقتل معظم طاقمها، عُرف منهم العميد محمد بدر حسن".

أما بالنسبة للطائرة الثانية، فيوضح بيرقدار أنها "من طراز ميغ 29، وتم استهدافها صباح يوم الثلاثاء 28 من الشهر الفائت في القلمون الشرقي وتمت إصابتها بشكل مباشر، حيث سقطت بالقرب من مطار السين العسكري"، مشيراً إلى أنه "تم صباح يوم الجمعة الماضي، وبواسطة كتيبة الدفاع الجوي التابعة لجيش الإسلام، استهداف طائرة ثالثة للنظام من طراز سوخوي 22، سقطت في القلمون الشرقي، واستطاع قائد الطائرة وهو برتبة رائد، القفز من قمرة القيادة، وسقط بالقرب من الحاجز المشترك، فقامت جبهة النصرة في القلمون الشرقي بأسره وإعدامه على الفور بعد أخذ بعض الإفادات منه". وفيما يتحفظ المتحدث عن ذكر المكان الذي تم الاستهداف منه، أو آلية استهداف الطائرتين الحربيتين يومي الثلاثاء والجمعة الماضيين، فإن سقوط ثلاث طائرات للنظام السوري دفعة واحدة خلال أسبوع، أعاد طرح السؤال، حول عدة وعتاد أسطول النظام الجوي، والذي أجمع مختصون على أنه لا يمتلك قوة فاعلة في حرب الجيوش النظامية.

يعود تأسيس سلاح الجو السوري، إلى أواخر أربعينيات القرن الماضي، بعيد فترة الاستقلال عن فرنسا مباشرة، وقد بدأ تأسيسه بعدد ضئيل من الطائرات الحربية الصغيرة القديمة، لكن بحسب اللواء الطيار المنشق عن النظام محمد فارس، فإن "الفترة الذهبية لتوسع الأسطول الجوي كانت في السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، في فترة العلاقات القوية بين سورية والاتحاد السوفييتي حينها". ويؤكد اللواء فارس في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الفترة اللاحقة شهدت إهمال النظام لتطوير سلاحه الجوي، خصوصاً عند وصول بشار الأسد للسلطة، مشيراً إلى أنه "مع انطلاق الثورة السورية أعاد النظام اهتمامه بسلاح الجو، وبدأ بتطويره وصيانة الطائرات القديمة، إذ من المؤكد أنه استعان بالروس إن كان لجهة الخبراء أو لجلب قطع غيارٍ تعيد تأهيل الطائرات التي كانت غير صالحة لشن الغارات". ويدل على صحة هذه المعلومات، ما كانت قد نشرته مجلة "جينز" البريطانية العسكرية المتخصصة أخيراً، من أن "اعتقاداً يسود على نطاق واسع بأن روسيا قامت بصيانة بعض طائرات الهليكوبتر الهجومية من طراز Mi- 24 Mil السورية"، كما أن "21 طائرة من طراز سوخوي SU 24M، وهي طائرات قاذفة أرضية، تمت ترقيتها إلى مستوى SU24M2 في مصنع صيانة للطائرات غرب موسكو".


أما عن قوة الأسطول الجوي العسكري الذي يمتلكه النظام السوري، فيشير فارس إلى أن "العمود الفقري لأسطول النظام الجوي الآن هو طائرات ميغ 23، كما أنه يمتلك سربين (يتراوح عدد الواحد بين 12 و16 طائرة) من طراز ميغ 29، وأيضاً عدداً كبيراً من طائرات ميغ 21 لكن هذه الأخيرة قديمة، ويضاف إلى ذلك طائرات السوخوي 22 و24 وهي قاذفات استراتيجية".

لا توجد إحصائية دقيقة لعدد الطائرات الحربية والمروحية التي يمتلكها النظام السوري هذه الأيام، لكن معظم الأرقام المتوافرة وفق تقاطع المعلومات التي أدلى بها ضباط انشقوا عن النظام، وكذلك ما تنشره مواقع عسكرية عالمية متخصصة، تشير إلى أن النظام يمتلك أسطولاً جوياً يتكوّن من قرابة 450 طائرة مقاتلة وطائرة هجوم أرضي (طرازات ميغ وسوخوي)، وما بين 150 و200 مروحية (معظمها روسية الصنع طراز ميل مي 25)، فضلاً عن نحو 200 طائرة استطلاع ونقل جوي وتدريب.

لكن هذا العدد الكبير نسبياً من الطائرات، قياساً بجيوش المنطقة، "لا يمنح النظام أي تفوّق نوعي"، بحسب اللواء فارس، "ولو كان يخوض معارك جيوش فلا قيمة استراتيجية لطائراته، فيما القوة التي يمتلكها الآن في حربه على الشعب، كون هذا الطيران يحلّق بأريحية لعدم وجود صواريخ أرضية مضادة للطائرات، ولو امتلكت الفصائل المقاتلة بضع عشرات منها لشهدنا تغييراً كبيراً في مجرى العمليات العسكرية". ويضيف فارس أن "طيران النظام غير مزود بتقنيات ذكية ويفتقد لدقة الإصابة، ويستخدم وسائل غبية في قصف المناطق المدنية، لا سيما سلاح البراميل الأعمى الذي لا يميز أي هدف ويفتك بالمدنيين"، مشيراً إلى أن "القوة الجوية للنظام أصيبت باستنزاف كبير نتيجة قِدم الطائرات وكثرة الطلعات التي تنفذها، فضلاً عن الأعداد التي سقطت منها ومقتل طواقهما"، كما أن "انشقاق العشرات من الضباط في سلاح الطيران أثر على جهوزيته بشكل كبير".

وعلى الرغم من ذلك، فإن طائرات النظام الحربية، وإن أصيبت بهذا الاستنزاف خلال السنوات القليلة الماضية، فإن غاراتها اليومية، والتي تشير بعض التقارير إلى أنها تقارب الخمسين طلعة قتالية، ما زالت تستهدف مناطق سيطرة المعارضة السورية، موقعة المزيد من الضحايا المدنيين، آخرها السبت الماضي، عندما قتلت هذه الهجمات الجوية نحو 30 مدنياً في بلدة جيرود بريف دمشق.

المساهمون