يتخذ الحاج أحمد، البالغ من العمر 68 عاماً، من شوارع وسط العاصمة اليمنية مكاناً للحصول على لقمة العيش، وإكمال ما تبقّى من عمره. ويقول لـ"العربي الجديد" إنه أصبح وحيداً بعدما ماتت زوجته، وله ثلاثة أولاد يعيشون بعيداً عنه، ولا يتذكر آخر مرة زاره أيّ من أولاده، ويشير إلى أنه غير قادر على العمل، كما أنه لا يعرف طريق الدولة، علها تضمن له أن يعيش ما تبقى من عمره بكرامة... هذه الطريق التي لا يعرفها الحاج أحمد، لا تبدو سالكة أمامه وأمام كثيرٍ من المسنين. فالدولة اليمنية لا توفر أيّ رعاية لهذه الشريحة.
زارت "العربي الجديد" وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية وهي الجهة المختصة بالرعاية الاجتماعية لمختلف شرائح المجتمع، وتقول الوزارة على لسان أحد مسؤوليها، طلب عدم ذكر اسمه، إن شريحة كبار السن لا تخصص لها ميزانية من الدولة، ممّا يدل على أن درجة الاهتمام بها متدنية جداً.
ويكشف المسؤول، أن اليمن كلها لا تضم سوى أربعة مراكز لرعاية المسنين، تابعة لمنظمات دولية، تتوزع في أربع محافظات: أمانة العاصمة وعدن وتعز والحديدة، وتحتضن 200 مسن من الجنسين على الأكثر.
ويبرر المسؤول أنه "عندما تتقدم وزارة الشؤون الاجتماعية بمقترحات تخدم شريحة كبار السن إلى وزارتي المالية والتخطيط يتم إهمالها تماماً"، ويضيف: "الدولة لا تتابع فعلياً قضايا رعاية كبار السن، لكنها أسندت هذا الملف إلى المجتمع والجمعيات والمنظمات والقطاع الخاص. مؤكداً أن "واقع شريحة المسنين يتطلب وجود مركز في كل محافظة كحد أدنى، و3 إلى 4 مراكز في المحافظات الكبرى كعدن وتعز وصنعاء والحديدة وإب وحضرموت، ومن المفترض أن يكون في اليمن 50 مركزاً لرعاية المسنين على الأقل".
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن فئة كبار السن (65 عاماً وما فوق) تصل في اليمن إلى 4% من إجمالي عدد السكان البالغ 25 مليون نسمة، وهو ما يراه الباحث الاقتصادي، مختار القدسي، رقماً كبيراً، حيث يصل عددهم تقريباً إلى مليون نسمة.
يقول القدسي لـ"العربي الجديد": "لنفترض أن ما نسبته 25% من فئة كبار السن مُعدمون ولا معيل لهم، ويجب على الدولة إعالتهم، فإن ذلك سيتطلب من الدولة تقديم الرعاية لـ250 ألف مسن، وبكلفة 200 دولار شهرياً للفرد، خصوصاً أنهم يعانون من أمراض مختلفة كأمراض القلب والسكري والضغط ومختلف أمراض الشيخوخة، وجميعها مُكلفة في دولة تعاني من ضعف جهازها الصحي. بمعنى أن هؤلاء يحتاجون إلى ميزانية سنوية لضمان الشيخوخة، لا تقل عن 600 مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ بسيط أمام دولة تقدم أكثر من 3.5 مليارات دولار من موازنتها لدعم المشتقات النفطية التي تستفيد منها جهات نافذة في الدولة، تعمل على تهريب هذه المشتقات نحو دول القرن الأفريقي".
وبحسب وزارة الشؤون، فإن دور الدولة في رعاية المسنين يقتصر على بعض المسوحات، بحيث لا يتم رصد الميزانية الكافية لتنفيذ الخطط والبرامج والدراسات الهادفة إلى إبراز حاجات هذه الفئة.
وتجولت "العربي الجديد" في المركز الوحيد لرعاية العجزة والمسنين في صنعاء والتابع لـ"بعثة الإحسان" ومقرها الرئيس في "كالكتا –الهند"، وتعمل على توفير الدواء من فرع البعثة في ألمانيا. تقول مديرة البعثة في اليمن، إن المركز يحتضن حالياً 96 حالة منها 70% من كبار السن، و30% من المعاقين، وقد أوقفت إدارة المركز استقبال أيّ حالة بصورة شخصية، واكتفت باستقبال من يتم إيصالهم إلى المركز من الشرطة، كون المركز يهتم فقط بمن لا معيل لهم.
وتشير مديرة البعثة إلى أن كُلفة رعاية الفرد الواحد مرتفعة، خصوصاً أنهم يحتاجون إلى العلاج، وأن هناك أشخاصاً يعانون من أمراض متعددة، ورفضت الإفصاح عن موازنة المركز "الذي يمارس عمله بطريقة خيرية ويلتزم بتقديم أعمال إنسانية".
جريمة كبرى
يشير المتخصص في شؤون الفساد، محمد العبسي، في مدونته، إلى أن أكثر من 350 مليون دولار تدفعها وزارة الشؤون الاجتماعية اليمنية لأشخاص معظمهم غير مستحقين، وليسوا فقراء تحت بند الإعانات والمنح والمنافع الاجتماعية... ما يعني أن كلفة إنشاء نظام صحي لكبار السن متوافرة.
من جانبه، يقول الباحث الاجتماعي، محمد عبد الخالق، إن قلة مراكز رعاية المسنين تُعد جريمة كبرى في حق هؤلاء الذين خدموا في السلك المهني والوظيفي، وكان لهم الدور في بناء الإنسان والمجتمع، حيث يصل الاهتمام بهم إلى الصفر في دولة موقعة على اتفاقيات حقوق الإنسان، كما أنها عضو في الاتحاد الدولي لرعاية كبار السن وملتزمة بالاتفاقيات الموقعة على أساسها، إلا أنها لا تلتزم بشيء من ذلك
زارت "العربي الجديد" وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية وهي الجهة المختصة بالرعاية الاجتماعية لمختلف شرائح المجتمع، وتقول الوزارة على لسان أحد مسؤوليها، طلب عدم ذكر اسمه، إن شريحة كبار السن لا تخصص لها ميزانية من الدولة، ممّا يدل على أن درجة الاهتمام بها متدنية جداً.
ويكشف المسؤول، أن اليمن كلها لا تضم سوى أربعة مراكز لرعاية المسنين، تابعة لمنظمات دولية، تتوزع في أربع محافظات: أمانة العاصمة وعدن وتعز والحديدة، وتحتضن 200 مسن من الجنسين على الأكثر.
ويبرر المسؤول أنه "عندما تتقدم وزارة الشؤون الاجتماعية بمقترحات تخدم شريحة كبار السن إلى وزارتي المالية والتخطيط يتم إهمالها تماماً"، ويضيف: "الدولة لا تتابع فعلياً قضايا رعاية كبار السن، لكنها أسندت هذا الملف إلى المجتمع والجمعيات والمنظمات والقطاع الخاص. مؤكداً أن "واقع شريحة المسنين يتطلب وجود مركز في كل محافظة كحد أدنى، و3 إلى 4 مراكز في المحافظات الكبرى كعدن وتعز وصنعاء والحديدة وإب وحضرموت، ومن المفترض أن يكون في اليمن 50 مركزاً لرعاية المسنين على الأقل".
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن فئة كبار السن (65 عاماً وما فوق) تصل في اليمن إلى 4% من إجمالي عدد السكان البالغ 25 مليون نسمة، وهو ما يراه الباحث الاقتصادي، مختار القدسي، رقماً كبيراً، حيث يصل عددهم تقريباً إلى مليون نسمة.
يقول القدسي لـ"العربي الجديد": "لنفترض أن ما نسبته 25% من فئة كبار السن مُعدمون ولا معيل لهم، ويجب على الدولة إعالتهم، فإن ذلك سيتطلب من الدولة تقديم الرعاية لـ250 ألف مسن، وبكلفة 200 دولار شهرياً للفرد، خصوصاً أنهم يعانون من أمراض مختلفة كأمراض القلب والسكري والضغط ومختلف أمراض الشيخوخة، وجميعها مُكلفة في دولة تعاني من ضعف جهازها الصحي. بمعنى أن هؤلاء يحتاجون إلى ميزانية سنوية لضمان الشيخوخة، لا تقل عن 600 مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ بسيط أمام دولة تقدم أكثر من 3.5 مليارات دولار من موازنتها لدعم المشتقات النفطية التي تستفيد منها جهات نافذة في الدولة، تعمل على تهريب هذه المشتقات نحو دول القرن الأفريقي".
وبحسب وزارة الشؤون، فإن دور الدولة في رعاية المسنين يقتصر على بعض المسوحات، بحيث لا يتم رصد الميزانية الكافية لتنفيذ الخطط والبرامج والدراسات الهادفة إلى إبراز حاجات هذه الفئة.
وتجولت "العربي الجديد" في المركز الوحيد لرعاية العجزة والمسنين في صنعاء والتابع لـ"بعثة الإحسان" ومقرها الرئيس في "كالكتا –الهند"، وتعمل على توفير الدواء من فرع البعثة في ألمانيا. تقول مديرة البعثة في اليمن، إن المركز يحتضن حالياً 96 حالة منها 70% من كبار السن، و30% من المعاقين، وقد أوقفت إدارة المركز استقبال أيّ حالة بصورة شخصية، واكتفت باستقبال من يتم إيصالهم إلى المركز من الشرطة، كون المركز يهتم فقط بمن لا معيل لهم.
وتشير مديرة البعثة إلى أن كُلفة رعاية الفرد الواحد مرتفعة، خصوصاً أنهم يحتاجون إلى العلاج، وأن هناك أشخاصاً يعانون من أمراض متعددة، ورفضت الإفصاح عن موازنة المركز "الذي يمارس عمله بطريقة خيرية ويلتزم بتقديم أعمال إنسانية".
جريمة كبرى
يشير المتخصص في شؤون الفساد، محمد العبسي، في مدونته، إلى أن أكثر من 350 مليون دولار تدفعها وزارة الشؤون الاجتماعية اليمنية لأشخاص معظمهم غير مستحقين، وليسوا فقراء تحت بند الإعانات والمنح والمنافع الاجتماعية... ما يعني أن كلفة إنشاء نظام صحي لكبار السن متوافرة.
من جانبه، يقول الباحث الاجتماعي، محمد عبد الخالق، إن قلة مراكز رعاية المسنين تُعد جريمة كبرى في حق هؤلاء الذين خدموا في السلك المهني والوظيفي، وكان لهم الدور في بناء الإنسان والمجتمع، حيث يصل الاهتمام بهم إلى الصفر في دولة موقعة على اتفاقيات حقوق الإنسان، كما أنها عضو في الاتحاد الدولي لرعاية كبار السن وملتزمة بالاتفاقيات الموقعة على أساسها، إلا أنها لا تلتزم بشيء من ذلك