رسم خبراء طاقة في لندن، أربعة سيناريوهات لما يمكن أن يفضي إليه اجتماع الجزائر للمنتجين في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" والمنتجين خارجها وعلى رأسهم روسيا والمقرر عقده يوم 26 سبتمبر/ ايلول الجاري.
وحتى الآن، تدور التوقعات حول اتخاذ إجراء لسحب فائض الإنتاج حتى تتمكن أسعار النفط من الارتفاع، ولكن من غير المعروف كيفية حدوث ذلك.
يذكر أن وكالة الطاقة الدولية أشارت في تقريرها الصادر أمس، إلى أن الفائض النفطي في أسواق الطاقة، ربما يستمر فترة أطول من توقعات محللي الأسواق، وأنه سيستمر خلال النصف الأول من العام القادم.
وتأتي هذه التوقعات وسط مخاوف من تواصل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، خلال الفترة المقبلة، بسبب المتاعب الاقتصادية المتواصلة في اقتصادات منطقة اليورو والعديد من دول أميركا الجنوبية.
بناءً على هذه البيانات السالبة، تراجعت أسعار النفط، أمس الثلاثاء، بفعل مخاوف تتعلق بارتفاع عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة وإقبال المستثمرين على جني الأرباح بعد صعود أسعار الخام يوم الإثنين.
وجرى تداول خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة عند 47.67 دولاراً للبرميل في الجلسة الصباحية في لندن بانخفاض 65 سنتاً، أو 1.4% عن سعر التسوية يوم الإثنين. ولم تجد أسعار النفط دعماً يذكر من بيانات نمو الناتج الصناعي الصيني في أغسطس/آب على الرغم من ايجابياتها.
ولكن على الرغم من هذه العوامل السالبة، يضع المستثمرون في النفط آمالهم على خطط الصين ملء خزانات الاحتياطي الاستراتيجي خلال السنوات المقبلة.
في هذا الصدد، قال المحلل الاستراتيجي بشركة "بي في أم" تاماس فارغاس، في مذكرة لعملاء الشركة: "بناء على أساسيات العرض والطلب، فمن غير المحتمل أن يستمر تحسن أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، وهذا هو السبب في انخفاض أسعار النفط اليوم".
وحسب بيان الشركة الأميركية، فإن المضاربين خفضوا مشتريات العقود الآجلة لخام برنت بحوالي 80 مليون برميل في الأسبوع الماضي".
وأشار فارغاس في المذكرة، الى أن عيون المضاربين على العقود الآجلة تتركز الآن على بيانات المخزونات الأميركية.
ومن بين العوامل السالبة الأخرى التي من المقرر أن تؤثر على مستقبل تحسن أسعار النفط، التقرير الذي أصدرته وزارة الطاقة الأميركية في نهاية شهر أغسطس/آب وأوصت فيه بخفض مخزونات الاحتياطي النفطي الاستراتيجي بحوالي 100 مليون برميل خلال الأعوام من 2017 الى 2020.
وعلى الرغم من أن هذه التوصية من غير المحتمل أن تصبح قراراً، وسط التوترات الدولية في بحر الصين وبين روسيا وواشنطن في عدة مناطق ساخنة في العالم، إلا أنها ستظل أحد العوامل السالبة التي ينظر لها تجار النفط في تقييم العقود الآجلة.
وسط هذه العوامل الضاغطة على الأسعار، يترقب المضاربون على أسعار النفط، قرارات اجتماع الجزائر المقبل.
وحسب تعليقات خبراء في لندن، فإن السحب القاتمة تتجمع في سماء السوق النفطية وبالتالي هنالك حاجة لقرار جريء من المنظمة وروسيا يسمح بسحب الفائض من السوق في اجتماع الجزائر.
وتدور سيناريوهات حول أربعة احتمالات لنتائج الاجتماع، وهي:
السيناريو الأول: أن تتفق دول" أوبك" وروسيا على تجميد إمدادات المنظمة لدى مستويات الإنتاج في يوليو/تموز الماضي. وهو ما يعني أن المنظمة البترولية ستجمد الإنتاج لدى مستوى 33.4 مليون برميل يومياً. وذلك حسب بيانات وكالة الطاقة الدولية الصادرة الأسبوع الماضي.
ولكن تواجه هذا السيناريو تحديات، وهي كيفية إقناع إيران والعراق ونيجيريا بتجميد إنتاجهم.
وحسب تعليقات شركة "كابيتال إيكونومكس ليمتد" الخاصة بأبحاث الطاقة في لندن، فإن هذه الدول ترغب في زيادة إنتاجها النفطي، خلال العام الجاري والعام المقبل، بعضها لأسباب سياسية، مثل العراق وإيران وأخرى لأسباب اقتصادية، مثل نيجيريا التي تعيش أوضاعاً اقتصادية متدهورة.
أما العقبة الأخرى أمام مساهمة مثل هذا الاتفاق في دفع عجلة الأسعار الى أعلى، فهي احتمال تضخيم بعض الدول مستوى إنتاجها في يوليو، حتى تتمكن من مواصل الإنتاج بمستويات أكبر دون أن تتهم أنها عرقلت الاتفاق.
السياريو الثاني: هو استثناء بعض الدول من الاتفاق، مثلما صرح بذلك الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في تصريحات قبل أيام أنه يرغب في استثناء إيران.
وفي حال فتح مثل هذا الباب، فإن الاتفاق ربما يفشل حسب رأي خبراء في لندن. وذلك ببساطة ربما تعارض السعودية الاتفاق، كما يمكن أن تطالب دول أخرى باستثنائها من الاتفاق.
السيناريو الثالث: أن تتخذ المنظمة والمنتجون خارجها، خاصة روسيا، قراراً جريئاً بخفض الإنتاج النفطي بكميات تتراوح بين 1.5 ومليوني برميل، حتى تتمكن من سحب الفائض النفطي، خلال شهرين، وتسمح للأسعار بالارتفاع لحظياً فوق 50 دولاراً.
وحسب قول محللي أسواق في لندن، فإن أي اتفاق لخفض الإنتاج سيترجم فوراً في زيادة مشتريات العقود الآجلة للنفط، وهو ما يعني أن الطلب سيرتفع وترتفع تبعاً لذلك أسعار النفط.
السيناريو الرابع: أن تترك حصص الإنتاج عند مستوياتها الحالية، وهو ما يعني فشل الاتفاق بين أوبك والمنتجين خارجها.
وسيترجم مثل هذا الفشل في انخفاض أسعار النفط الى عتبة 40 و43 دولاراً للبرميل من مستوياته الحالية.