أسفرت هجمات تنظيم "داعش" الإرهابي، في مدن بغداد وذي قار والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك طوال الأسبوع الماضي، عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 300 مدني وعنصر أمن في سلسلة اعتداءات انتحارية، وهجمات صاروخية وتفجير عبوات ناسفة استهدفت تجمعات شعبية لمواطنين وأسواق ومطاعم ومدرستين وأحياء سكنية، وفقاً لبيانات صدرت عن وزارتي الداخلية والصحة العراقية.
وكان أعنف تلك الاعتداءات قد أسفر عن مقتل 69 مدنياً، وجرح نحو 100 آخرين في ذي قار، وعاصمتها المحلية الناصرية جنوب العراق، عندما هاجم إرهابيون مطعماً شعبياً، وأطلقوا النار على الموجودين داخله وحوله، قبل أن يفجر أحدهم نفسه. كما استهدف اعتداءان مدرستين في صلاح الدين وتحديداً بلدة الدور، فضلاً عن اعتداء في الموصل ثم هجوم مسلح أعقبته ثلاثة اعتداءات انتحارية في ديالى استهدفت قوات أمنية اعقبها هجوم في كركوك استهدف متجرا لبيع الكحول ثم تفجير بواسطة عبوات ناسفة شرقي بغداد داخل حي سكني. وانتهى يوم الأحد الماضي بتفجير في الأنبار أعقبه سقوط قذائف هاون ببلدة الرطبة المحررة حديثاً من سيطرة "داعش"، فيما أعلنت خلية الإعلام الحربي، يوم السبت الماضي، عن إحباط مخطط لتنظيم داعش للهجوم على مدينة كربلاء التي تضم مرقدي الإمامين الحسين بن علي والعباس، واللذين يعدان من أهم المزارات الدينية في العراق.
ووفقاً لمسؤول رفيع في وزارة الداخلية العراقية فإن الاعتداءات التي نفذها تنظيم "داعش" خلال أسبوع أسفرت عن مقتل 119 عراقياً من بينهم 23 عنصر أمن وجيش والباقون من المدنيين فضلاً عن إصابة 210 آخرين من بينهم 6 أشخاص بحالة حرجة.
وأوضح المسؤول في حديث مع "العربي الجديد" أن "الاعتداءات الأخيرة لتنظيم داعش لا تشير إلى أنها انتقامية فحسب بل تؤكد وجود فشل أمني واستخباري". ولفت إلى أن "التنظيم تمكّن من اختراق مدن الجنوب وتنفيذ اعتداءات إرهابية داخلها والأخطر أنه لم يتم اعتقال عناصره ونتوقع أنه يوجد أكثر من خلية إرهابية تابعة له". كما أشار إلى أنه تمت إقالة "ثلاثة ضباط كبار ونقل عدد آخر كعقوبات بسبب التفجيرات التي كشفت عن قصور كبير في المنظومة الأمنية بالجنوب".
وأكد المسؤول الأمني نفسه أنّ "حالة الاستنفار مستمرة، ونتوقع تنفيذ اعتداءات جديدة، لذا نسعى إلى تفعيل الجانب الاستخباري أكثر وأكثر، خصوصاً أن داعش خسر ويحاول الآن الانتقام، وهذه مرحلة او صفحة كنا نتوقعها".
من جهته، قال مسؤول حكومي عراقي إن رئيس الحكومة حيدر العبادي أمر بمراجعة شاملة لخطط أمن المحافظات الجنوبية ومراجعة عمل حواجز التفتيش وبوابات الدخول للمحافظة، فضلاً عن مراقبة جوية للصحراء التي تربط مدن غرب العراق بالجنوب. ولفت إلى أن "اعتداءات داعش المتكررة قد تؤدي إلى حالة فوضى واختلال في أمن المحافظات الجنوبية وبغداد وبالتالي يوجد مخاوف من نعرات طائفية وهو ما نسعى لمنع حدوثه".
وبرأي عضو البرلمان العراقي عن التحالف الوطني العراقي، عالية نصيف، فإنه "كان على الحكومة الاستعداد لهذه المرحلة قبل تحرير الموصل فالعمليات الحالية انتقامية من تنظيم منهزم". وأضافت نصيف "حذرنا من وقت مبكر وكان يجب الاستعداد وهناك عمليات تقسيم إداري بين المحافظات في العمل الأمني تربك كثيراً". كما لفتت إلى أن "الاعتماد على مختاري المناطق في رصد الغرباء وجمع المعلومات عن القادمين الجدد غير مجدٍ"، معربة عن اعتقادها أنه "يوجد قصور استخباري، وعندما تكون هناك انتصارات ستكون هناك عمليات انتقام من المدنيين الأبرياء على يد عصابات داعش الإرهابية".
بدوره، اعتبر رئيس لجنة الأمن والدفاع العراقية، حاكم الزاملي، في حديث مع "العربي الجديد" أن "الاعتداءات الأخيرة تستدعي جهداً أكبر على المستوى الاستخباري في كل مدن البلاد". ولفت إلى وجود "تحقيقات مكثفة تجريها قوات الأمن". وأضاف "تم تحقيق تقدم ونأمل قرب الإعلان عن القبض على المتورطين".
كما رأى عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، النائب محمد الكربولي، أن الخرق الأمني في محافظة ذي قار انتكاسة أمنية تؤشر إلى ضعف وعدم جاهزية وترهل الأجهزة الحكومية المعنية بحفظ أمن المواطن. وكشف عن توجه لجنة الأمن والدفاع البرلمانية إلى استدعاء قيادات الأجهزة الأمنية والمعلوماتية في محافظة ذي قار للوقوف على خلفيات الحادث الإرهابي وتحديد الجهة المقصرة لمحاسبتها. وشدد على ضرورة محاسبة من يثبت تقصيره من قيادات المحافظة الأمنية واستبدال كافة القيادات الميدانية فيها.