يعد عام 2016 عام المفاجآت الكبرى بحق، إذ لم يكن من الأعوام المريحة بالنسبة للمستثمرين في أسواق المال والصرف وسط العديد من الاضطرابات المالية والسياسية التي شهدها. حيث بدأ بأسوأ كارثة مالية في البورصة الصينية، امتدت حرائقها لتهدد أسواق المال العالمية التي خسرت قرابة 3 ترليونات في شهر يناير/ كانون الثاني، كما انتهى العام باضطرابات سياسية كان آخرها فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
واشتعلت شرارة سوق المال الصيني، في أعقاب رفع سعر الفائدة الأميركية بنسبة 0.25% في منتصف ديسمبر/ كانون الأول من العام 2015، حيث انهار سعر صرف اليوان وهرع المستثمرون وأثرياء الصين إلى بيع موجوداتهم في الأسهم وشرعوا في إجراء تحويلات ضخمة إلى حساباتهم الدولارية في الخارج، وهو ما أدى إلى انهيار البورصة الصينية.
وفي الخامس من يناير الماضي اضطرت الحكومة الصينية إلى تعليق التداول في البورصة الصينية بعد أن شهدت سوق المال الصينية أسوأ أداء لها منذ 9 سنوات، حيث خسر مؤشر "شنغهاي سي إس آي 300"، 7.02% من قيمته السوقية.
وانخفض المؤشر بحوالي 261.94 نقطة إلى 3469.07 نقطة قبل تعليق التداول. وحدث هذا الانهيار رغم الإجراءات المالية والنقدية التي نفذتها الحكومة الصينية في العام 2015 لتهدئة أسواق المال المضطربة.
وكانت المفاجأة الثانية، توقيع الاتفاق النووي الإيراني الذي أثار هلعاً في أسواق الطاقة العالمية، بسبب أن التخمة النفطية ستزداد مع السماح لإيران بالتصدير النفطي مرة أخرى بعد الحظر. وكانت النتيجة انهيار أسعار النفط إلى 27 دولاراً لأول مرة منذ العام 2003.
وهدد هذا الانهيار بسقوط نظام الحكم في فنزويلا، حيث اندلعت المظاهرات الغاضبة في كراكاس التي كادت أن تسقط الحكومة الفنزويلية ، كما سببت أزمة سيولة دولارية في المصارف الغربية، بسبب شح تدفق "البترودولار" من السعودية ودول الخليج التي بدأت بالسحب من أرصدتها، واضطرت دول مجلس التعاون الخليجي إلى إجراء عمليات تقشف مؤلمة وفرض ضرائب ورسوم على بعض الخدمات.
وفي 23 يونيو/ حزيران، حدثت المفاجأة الكبرى، ألا وهي تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، خلافاً لتوقعات استطلاعات الرأي. وبعد إعلان النتيجة خيمت الصدمة على حي المال والأعمال في لندن، حيث وصفها أحد موظفي الأسواق المالية في العاصمة البريطانية، بـ"الكارثة اللعينة".
وكان المسؤولون في "حي السيتي" في لندن حذروا قبل الاستفتاء من أن الأوساط المالية البريطانية ستخسر الكثير في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي، مبدين مخاوفهم من عاصفة مالية، ولافتين إلى احتمال أن تحرم المصارف البريطانية، على المدى البعيد، من حقوق الدخول إلى السوق المالية الأوروبية.
وكانت النتيجة تراجع الجنيه الإسترليني بحوالى 12% مقابل الدولار، و8% مقابل اليورو فور ورود معلومات أولية تفيد بانتصار مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما هبطت بورصة لندن بأكثر من 7% في التعاملات الصباحية. ولكن البورصة عادت بعد ثلاثة أيام لتعويض ما فقدته، غيرأن الاسترليني، الذي كان سعره ليلة الاستفتاء 1.50 دولار، لا يزال يتأرجح في نطاق 1.24ـ 1.26.
اقــرأ أيضاً
وفي صبيحة 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، كانت المفاجأة الثانية الكبرى، حيث أعلنت نتيجة الانتخابات الأميركية بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الأميركية. والرئيس المنتخب دونالد ترامب، أعلن برامج اقتصادية انعزالية ووعد بتمزيق العديد من الاتفاقات التجارية التي وقعتها الولايات المتحدة بما في ذلك اتفاقية النافتا واتفاقية الشراكة عبر الأطلسي. وكانت النتيجة اهتزاز أسواق المال لساعات، ولكن سرعان ما عادت أسواق المال والصرف للصعود، ولا تزال تواصل الصعود المستمر، خاصة في "وول ستريت" والبورصات الأوروبية. لكن أسواق الصرف ظلت مضطربة، لأن المتعاملين كانوا يتوقعون هبوط الدولار في أعقاب إعلان فوز الرئيس ترامب ولكن المفاجأة أن الدولار ارتفع بقوة بعد يومين فقط، وهدد عملات الدول الناشئة وبعض العملات الآسيوية. ولا تزال الاقتصادات الناشئة تعاني من قوة الدولار.
وفي أوروبا شهد شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مفاجأتين، الأولى كانت سقوط الاستفتاء الإيطالي على "تعديل دستوري" انتهى باستقالة رئيس الوزراء ماتيو رينزي.
ورغم أن الاستفتاء لاعلاقة له بمنطقة اليورو أو أداء الحكومة الإيطالية، إلا أن حركة" فايف ستارز" الشعبوية المتطرفة التي تطالب بخروج إيطاليا من منطقة اليورو، وظفت الاستفتاء لتعبئة الجماهير الإيطالية ضد منطقة اليورو والمؤسسات التقليدية الحاكمة. وبالتالي فتح الاستفاء الباب أمام صعود حركة "فايف ستارز" للحكم في أية انتخابات قادمة، وهو ما سيعني عملياً للأسواق الأوروبية وللعملة الأوروبية تحديداً، المزيد من الاضطراب وسط احتمال تفكك دول الاتحاد الأوروبي.
وعانت أوروبا خلال العام الجاري من أزمة تدفق المهاجرين من سورية ومنطقة شمال أفريقيا ودول أفريقيا جنوب الصحراء. وهذه الموجات سببت أزمات سياسية لبعض الدول، كما ساهمت في الضغط على ميزانيات الإنفاق الاجتماعي في دول أخرى.
وفي منتصف الشهر الجاري، أعلن مصرف الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" رفع نسبة الفائدة الأميركية التي دعمت صعود الدولار إلى أعلى مستوياته منذ 14 عاماً لتعم المتاعب في الصين ودول الاقتصادات الناشئة.
ووسط احتمالات تواصل قوة الدولار، تتواصل عمليات هروب الأموال والاستثمارات من اقتصادات العالم الناشئ وحتى دول منطقة اليورو والصين إلى الحسابات الدولارية في مناطق الأفشور والموجودات الأميركية. وهذا العامل يهدد بإضعاف النمو الاقتصادي العالمي.
ولا يزال العالم يترقب صعود الرئيس المنتخب الملياردير ترامب للحكم وحول ما إذا كان سيتنازل عن بعض السياسات الارتجالية التي أعلن عنها في برنامجه الانتخابي، وهي سياسات إذا نفذت فمن المعتقد أن "تحدث انقلابا اقتصاديا"، وربما تكون بداية لدورة جديدة ينكمش فيها الاقتصاد الليبرالي وعولمة التجارة والاستثمار. وحسب توقعات، فإن بنك الاحتياط الفدرالي ربما يرفع الفائدة الأميركية ثلاث مرات أخرى خلال العام المقبل.
وكانت المفاجأة السارة الوحيدة في عالم المال هذا العام، هي اتفاق منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على إجراء أول خفض لإنتاج النفط منذ 2008، بعد أن قبلت السعودية، أكبر منتج في أوبك، خفضاً كبيراً في إنتاجها، وتخلت عن مطالبها أن تشارك إيران في خفض إنتاجها.
وأدى هذا الخفض إلى ارتفاع سعر النفط فوق 55 دولاراً، وبلغ في بعض الأسابيع 58 دولاراً ليقترب من 90 دولاراً.
وبعث ارتفاع سعر النفط الحياة في أسواق المال العربية والعالمية وزاد من التفاؤل في المنطقة العربية، بأنّ العام الجديد 2017 سيحمل أنباء سارة للمستثمرين والمواطنيين. وما يزيد من هذا التفاؤل إعلان الدول غير الأعضاء فيها خفض إنتاجها النفطي بنحو 600 ألف برميل يوميا، خصوصا بعد أن أعلنت روسيا استعدادها لخفض إنتاجها بحوالى 300 ألف برميل يومياً.
اقــرأ أيضاً
وهدد هذا الانهيار بسقوط نظام الحكم في فنزويلا، حيث اندلعت المظاهرات الغاضبة في كراكاس التي كادت أن تسقط الحكومة الفنزويلية ، كما سببت أزمة سيولة دولارية في المصارف الغربية، بسبب شح تدفق "البترودولار" من السعودية ودول الخليج التي بدأت بالسحب من أرصدتها، واضطرت دول مجلس التعاون الخليجي إلى إجراء عمليات تقشف مؤلمة وفرض ضرائب ورسوم على بعض الخدمات.
وفي 23 يونيو/ حزيران، حدثت المفاجأة الكبرى، ألا وهي تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، خلافاً لتوقعات استطلاعات الرأي. وبعد إعلان النتيجة خيمت الصدمة على حي المال والأعمال في لندن، حيث وصفها أحد موظفي الأسواق المالية في العاصمة البريطانية، بـ"الكارثة اللعينة".
وكان المسؤولون في "حي السيتي" في لندن حذروا قبل الاستفتاء من أن الأوساط المالية البريطانية ستخسر الكثير في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي، مبدين مخاوفهم من عاصفة مالية، ولافتين إلى احتمال أن تحرم المصارف البريطانية، على المدى البعيد، من حقوق الدخول إلى السوق المالية الأوروبية.
وكانت النتيجة تراجع الجنيه الإسترليني بحوالى 12% مقابل الدولار، و8% مقابل اليورو فور ورود معلومات أولية تفيد بانتصار مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما هبطت بورصة لندن بأكثر من 7% في التعاملات الصباحية. ولكن البورصة عادت بعد ثلاثة أيام لتعويض ما فقدته، غيرأن الاسترليني، الذي كان سعره ليلة الاستفتاء 1.50 دولار، لا يزال يتأرجح في نطاق 1.24ـ 1.26.
وفي صبيحة 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، كانت المفاجأة الثانية الكبرى، حيث أعلنت نتيجة الانتخابات الأميركية بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الأميركية. والرئيس المنتخب دونالد ترامب، أعلن برامج اقتصادية انعزالية ووعد بتمزيق العديد من الاتفاقات التجارية التي وقعتها الولايات المتحدة بما في ذلك اتفاقية النافتا واتفاقية الشراكة عبر الأطلسي. وكانت النتيجة اهتزاز أسواق المال لساعات، ولكن سرعان ما عادت أسواق المال والصرف للصعود، ولا تزال تواصل الصعود المستمر، خاصة في "وول ستريت" والبورصات الأوروبية. لكن أسواق الصرف ظلت مضطربة، لأن المتعاملين كانوا يتوقعون هبوط الدولار في أعقاب إعلان فوز الرئيس ترامب ولكن المفاجأة أن الدولار ارتفع بقوة بعد يومين فقط، وهدد عملات الدول الناشئة وبعض العملات الآسيوية. ولا تزال الاقتصادات الناشئة تعاني من قوة الدولار.
وفي أوروبا شهد شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مفاجأتين، الأولى كانت سقوط الاستفتاء الإيطالي على "تعديل دستوري" انتهى باستقالة رئيس الوزراء ماتيو رينزي.
ورغم أن الاستفتاء لاعلاقة له بمنطقة اليورو أو أداء الحكومة الإيطالية، إلا أن حركة" فايف ستارز" الشعبوية المتطرفة التي تطالب بخروج إيطاليا من منطقة اليورو، وظفت الاستفتاء لتعبئة الجماهير الإيطالية ضد منطقة اليورو والمؤسسات التقليدية الحاكمة. وبالتالي فتح الاستفاء الباب أمام صعود حركة "فايف ستارز" للحكم في أية انتخابات قادمة، وهو ما سيعني عملياً للأسواق الأوروبية وللعملة الأوروبية تحديداً، المزيد من الاضطراب وسط احتمال تفكك دول الاتحاد الأوروبي.
وعانت أوروبا خلال العام الجاري من أزمة تدفق المهاجرين من سورية ومنطقة شمال أفريقيا ودول أفريقيا جنوب الصحراء. وهذه الموجات سببت أزمات سياسية لبعض الدول، كما ساهمت في الضغط على ميزانيات الإنفاق الاجتماعي في دول أخرى.
وفي منتصف الشهر الجاري، أعلن مصرف الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" رفع نسبة الفائدة الأميركية التي دعمت صعود الدولار إلى أعلى مستوياته منذ 14 عاماً لتعم المتاعب في الصين ودول الاقتصادات الناشئة.
ووسط احتمالات تواصل قوة الدولار، تتواصل عمليات هروب الأموال والاستثمارات من اقتصادات العالم الناشئ وحتى دول منطقة اليورو والصين إلى الحسابات الدولارية في مناطق الأفشور والموجودات الأميركية. وهذا العامل يهدد بإضعاف النمو الاقتصادي العالمي.
ولا يزال العالم يترقب صعود الرئيس المنتخب الملياردير ترامب للحكم وحول ما إذا كان سيتنازل عن بعض السياسات الارتجالية التي أعلن عنها في برنامجه الانتخابي، وهي سياسات إذا نفذت فمن المعتقد أن "تحدث انقلابا اقتصاديا"، وربما تكون بداية لدورة جديدة ينكمش فيها الاقتصاد الليبرالي وعولمة التجارة والاستثمار. وحسب توقعات، فإن بنك الاحتياط الفدرالي ربما يرفع الفائدة الأميركية ثلاث مرات أخرى خلال العام المقبل.
وكانت المفاجأة السارة الوحيدة في عالم المال هذا العام، هي اتفاق منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على إجراء أول خفض لإنتاج النفط منذ 2008، بعد أن قبلت السعودية، أكبر منتج في أوبك، خفضاً كبيراً في إنتاجها، وتخلت عن مطالبها أن تشارك إيران في خفض إنتاجها.
وأدى هذا الخفض إلى ارتفاع سعر النفط فوق 55 دولاراً، وبلغ في بعض الأسابيع 58 دولاراً ليقترب من 90 دولاراً.
وبعث ارتفاع سعر النفط الحياة في أسواق المال العربية والعالمية وزاد من التفاؤل في المنطقة العربية، بأنّ العام الجديد 2017 سيحمل أنباء سارة للمستثمرين والمواطنيين. وما يزيد من هذا التفاؤل إعلان الدول غير الأعضاء فيها خفض إنتاجها النفطي بنحو 600 ألف برميل يوميا، خصوصا بعد أن أعلنت روسيا استعدادها لخفض إنتاجها بحوالى 300 ألف برميل يومياً.