كشف مسؤول بارز في الحكومة الكويتية عن أن الاستثمارات الكويتية في السودان تبلغ نحو 13 مليار دولار، مشيرا إلى أن الاضطرابات التي تشهدها الدولة دفعت المستثمرين الكويتيين إلى ترقب الموقف منذ يناير/ كانون الثاني الماضي وعدم ضخ أي أموال جديدة في السوق. وقال المسؤول في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن الاستثمارات الكويتية تأتي في المرتبة الثالثة بالسوق السودانية، بعد السعودية والإمارات، من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأضاف أن "الاستثمارات الكويتية في السودان في أمان حتى الآن، ولكن لا يمكن التنبؤ بالوضع، خاصة في ظل عدم استقرار الأمور بعد في هذا البلد بعد عزل الرئيس عمر البشير". وأعلنت قيادة الجيش السوداني، في الحادي عشر من إبريل/ نيسان الجاري، عزل البشير واعتقاله، تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تنديدا بالغلاء، ثم طالبت بإسقاط النظام الحاكم منذ 30 عاماً.
وقال المسؤول الكويتي إن الاستثمارات الكويتية في السودان تتوزع على قطاعات الاتصالات والثروة الحيوانية والصناعات الغذائية والمصارف والعقارات، لافتا إلى أن شركة زين من أكبر الشركات الموجودة في قطاع الاتصالات، كما أن هناك مساهمات في شركة سكر كنانة، عن طريق الهيئة العامة للاستثمار التي تملك 33 في المائة من الشركة، بالإضافة إلى مساهمات القطاع الخاص في العديد من المشروعات الصناعية والزراعية.
كما تشير التقارير إلى أن بنك بوبيان له نصيب في الاستثمارات الكويتية بالخرطوم، إذ يمتلك نحو 20 بالمائة في بنك المال المتحد، كما تمتلك شركة بيت الطاقة القابضة التابعة لبنك بيت التمويل الكويتي، استثمارات في السودان، تتمثل في حصة بواقع 50 في المائة في شركة "الدينير بتروليوم انترشيونال"، وحصة بنحو 50 في المائة في شركة مجموعة المصادر للتنمية.
وقال مروان سلامة، المدير العام للمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، لـ"العربي الجديد": "لا يستطيع أي خبير تحديد مصير الاستثمارات في السودان حتى تهدأ الأوضاع الحالية، ويتضح شكل القيادة التي ستتولى زمام الأمور هناك خلال الفترة الانتقالية المقبلة". وأضاف سلامة أنه "من الضروري ألا يتعجل المستثمرون في اتخاذ أي قرار، خاصة التخلص من هذه الاستثمارات، فقد تستقر الأوضاع هناك خلال الأشهر القليلة المقبلة، ويصبح الوضع جيداً لاستمرار هذه الاستثمارات".
وتابع أن "الاستثمارات الكويتية في السودان سبق وتعرضت للعديد من الأزمات، خاصة عندما تم تعويم الجنيه السوداني، ما أثر سلبا بشكل كبير على أرباح الشركات، لذلك فمن الضروري عدم تعميق هذه الأضرار بالتسرع في التخلص من هذه الاستثمارات في الوقت الحالي".
وتشهد الدولة، منذ نحو عام، أزمة سيولة متواصلة، وانفلاتاً في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازية، وشحاً في الكثير من السلع. وتعهّد المجلس العسكري بالعمل على حل أزمة السيولة النقدية وتوفير السلع الأساسية، لا سيما الوقود والخبز، بينما يرتفع سقف تطلعات السودانيين إلى إحداث تحوّل حقيقي ينهي معاناة الاقتصاد العليل، بعد ثلاثة عقود من التدهور المستمر.
وقال أحمد الهارون، الخبير الاقتصادي الكويتي، لـ"العربي الجديد"، إن الاستثمارات الكويتية في السودان تعود إلى كيانات وشركات كبيرة، سواء كانت حكومية أو خاصة، لذلك يتوقع أن تبقى كما هي وألا يحدث أي تغيير بها خلال الفترة المقبلة.
وأضاف الهارون أن "المستثمرين الصغار والأفراد هم من يسارعون إلى التخلص من استثماراتهم عند حدوث الأزمات، ولكن الشركات والمؤسسات الكبيرة تمتلك استراتيجيات استثمارية مختلفة". وتابع أنه "إذا استقرت الأوضاع، لن تكون هناك حاجة إلى التخلص من هذه الاستثمارات، أما إذا ازداد الوضع سوءاً فقد تتجه هذه الشركات إلى التفكير في التخلص من هذه الاستثمارات بأقل خسائر ممكنة".