المدير الذي أصدر قرار المنع، ﻷﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﻻ ﻳﻨﺘﻤﻮﻥ إلى ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ البروتستانتية، قال حرفياً: "ألغي ﺍﻟﻨﺸﻴﺪ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﻓﻨﻴﺔ، ﺇﺫ ﺃﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﻀﻄﺮ إلى ﺇﺧﺮﺍﺝ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ، ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻧﺠﺮﺡ ﺷﻌﻮﺭﻫﻢ عند ﺴﻤﺎﻋﻬﻢ ما ﻻ يتوافق ﻣﻊ ﻣﻌﺘﻘﺪﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ".
ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ الفنلندي انقسم ﺑﻴﻦ ﻣﺆﻳﺪ ﻭﻣﻌﺎﺭﺽ، فبينما رأى قسم ﺃﻻ ﺣﺮﺝ ﻓﻲ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، ﺃﻳّﺪ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻤﺪﻳﺮ، لكن ﺍﻷﻫﻢ هم أولئك ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﻗﻔﻮﺍ ﺑﻴﻦ بين، ﻣﺆﻛﺪﻳﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻞ ﻫﻮ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﺗُﺠﺮﺡ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ ﻭﻗﺖ الغناء.
بعد ﺷﺪ ﻭﺟﺬﺏ، ﻭﺻﻞ ﺍﻻﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، فأﻛﺪﺕ ﺃﻥ ﻟﻠﻤﺪﻳﺮ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺎﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﺭﺳﺘﻪ، ﺃﻱ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﺇﻟﻐﺎء ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ. وكان الرد الأول من ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﺑﺘﺮﻛﻪ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ، ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﻗﻲ ﺍﻟﻔﻨﻠﻨﺪﻱ حيث ﺗُﺤﺘﺮﻡ ﻋﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﻨﻠﻨﺪﻳﻴﻦ ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺒﻴﺮﻩ.
لنلق ﻧﻈﺮﺓ ﻋﺎﺑﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﻄﻊ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﺘﺮﻧﻴﻤﺔ ﻣﺘﺮﺟﻤﺎً إلى ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ:
"ﺇﻥ ﺳﻮﻓﻲ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍً
ﻭﺍﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺭﺣﻴﻤﺎً
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺗﺘﻔﺘﺢ ﺯﻫﺮﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ
ﻭﺗﺒﺎﺭﻛﻨﺎ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﺄﺷﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ
ﻭﺗﻨﻬﺾ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ"
يتحير ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺣﻴﻦ ﻳﻘﺮﺃ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻳﻠﻮﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺆﺳﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻮﺩﻱ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺰﻭﺡ ﻣﻦ ﺩﻳﺎﺭﻫﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺮﻧﻴﻤﺔ!
وﻧﻀﺮﺏ ﻣﺜﻼً ﻫﺎﻣﺎً ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺴﻮﺭيين، فهؤلاء ﻳﺘﺬﻛﺮﻭﻥ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ "ﻣﻨﺤﺒﻚ"، وﺍﻟﺘﻲ ﻭﺍﻛﺒﺖ ﺑﺪﺍﻳات ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ حيث ﺧﺎﻃﺒﺖ ﺷﺨﺺ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺑﺸﺎﺭ ﺍﻷﺳﺪ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻣﺆﻳﺪﻳﻪ، ﻭﻳﺘﺬﻛﺮﻭﻥ ﺍﻷﻏﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒﻴﻦ ﺑﺈﺯﺍﺣﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺳﻤﻴﺖ "ﻣﺎ ﻣﻨﺤﺒﻚ"، ﻭﺑﻴﻦ "ﻣﻨﺤﺒﻚ" و"ﻣﺎ ﻣﻨﺤﺒﻚ" ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﻣﺘﺎﻫﺔ ﺣﺐ ﻻ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ. ﻓﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﻼﻣﺤﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﺮكا ﺑﻴﺘﺎ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺇﻻ ﻭﺃﻃﺮﺑﺘاه ﺑﺄﻟﺤﺎنهما ﺍﻟﻌﺬﺑﺔ.
ﺍﻟﻬﺎﻭﻧﺎﺕ ﺗﺠﻬﺮ ﺑﺄﺩﻕ ﺍﻹﻳﻘﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻊ ﺗﺆﻧﺲ ﺍﻟﺘﺨﻮﺕ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ، ﻟﻴﻼً ﻧﻬﺎﺭﺍً، ﺑﻌﻈﻴﻢ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻭﺃﺑﻬﺔ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ، ﺃﻣﺎ ﺃﺯﻳﺰ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﻓﻘﺪ ﺃﺿﺎﻑ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﻐﺮﺍﻣﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻻ ﺗﻌﺎﺩﻟﻪ ﺃﻳﺔ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﺑﻬﺎء ﻭﺗﻔﺠﻴﺮﺍ ﻟﻠﻤﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻟﺸﺠﻮﻥ، ﻭﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﺨﻴﻞ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﺨﺸﻮﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻮﻥ ﺍﻟﻜﻮﺭﺱ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﺑﻲ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ، ﺣﻴﻦ ﻳﻄﻠﻖ ﻏﺮﺍﻣﻴﺎﺗﻪ ﻋﺒﺮ ﺍﻷﺑﻮﺍﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﺍﻉ ﺻﻴﺘﻬﺎ، ﻭﻣﺪﻯ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻬﻢ ﺣﻴﻦ ﺗﻬﺪﻫﺪ ﺃﻣﺴﻴﺎﺗﻬﻢ ﺟﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﻴﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺑﺘﺼﺮﻳﺤﺎﺗﻬﺎ.
ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻮﻝ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻛﻠﻪ ﻟﺴﺎﺣﺎﺕ ﺣﺮﺏ ﺑﺎﻷﻏﺎﻧﻲ، ﻭﺗﺪﺭﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻨﺎء، ﺑﻞ ﻟﻘﺪ ﺗﻤﻜﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺰﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺗﺎﺭ ﻛﻞ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ، ﻭالدندنة ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻊ ﺃﻛﺜﺮ.
ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﺮﺍﻧﻴﻢ ﺍﻟﺤﺐ ﻓﻲ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ، لكنْ ﻻ ﻳﻨﺼﺢ ﺑﺘﻌﻤﻴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺑﻠﺪ ﺁﺧﺮ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺤﺐ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ. ﻧﺘﻔاﺀﻝ ﺍﻵﻥ ﺑﺎﺳﺘﺤﺪﺍﺙ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﻤﻐﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻄﺮﺑﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻄﺮﺑﺎﺕ، بعد أن حققت نجاحاً باهرا في "تنزيح" وتهجير نصف الشعب السوري انتشاء وطربا، ﻭﻧﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻬﻮﺍﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻮﺩﻱ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﺗﻢ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻟﻠﺪﺭﻭﻉ ﺑﺸﻜﻞ ﺭﻭﻣﺎﻧﺴﻲ ﺧﺎﻃﺊ.
ﺇﻥ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺟﺪﺍً، ﻭﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﺻﺒﺢ ﺭﺣﻴﻤﺎً.
* كاتب من سوريا