"أسمع صوت المنشار وهو يقطع قدميّ، أصيح من الألم ثم أفقد وعيي".. هو كابوس شبه يومي يراود عمر بعد بتر قدميه، في مستشفى ميداني في مدينة حلب، شمال سورية، قبل أقل من عام.
يروي الشاب العشريني تفاصيل الحادثة وكأنها اليوم: "كنت أعي كل ما يحدث من حولي.. أرض المكان كانت حمراء من الدماء، أكثر من خمسة مصابين في الغرفة نفسها. ثلاثة مسعفين يحاولون إيقاف النزيف من جسمي. كانوا يستعملون خرق القماش. أتوسل إليهم بأن يخلّصوني من الألم، فيقولون: إن شاء الله". يتابع: "اقترب مني الطبيب، ونظر في عينيّ، وقال: آسفون، علينا أن نبتر قدميك وإلا ستكون حياتك في خطر، عليك أن تكون متماسكاً وتحتمل الألم، عدني بذلك".
تسبب سقوط قذيفة في إصابة عمر في قدميه. ونقل حينها إلى المستشفى الميداني الذي كان يفتقر إلى الكثير من الأدوات الجراحية الضرورية والأجهزة والمختصين والأدوية المخدرة. وهو ما دفع الجراح الوحيد المتواجد هناك إلى اتخاذ قرار البتر، للحفاظ على حياة الشاب.
يقول عمر عن ذلك: "بسبب عدم وجود مستشفى حقيقي، أنا الآن بلا قدمين، وجلّ أحلامي اليوم هو الحصول على قدمين اصطناعيتين، وتدبّر أي عمل يمكن أن يكسبني لقمة عيشي".
انخفاض مستوى الرعاية الطبية في سورية، يحرم الكثير من المرضى من الدواء والعلاج الضروريين، ما يتسبب لهم في خسائر صحية لا تعوض. يشير الطبيب عبدالرحيم العبدو، من حلب، إلى أنّ "الوسائل المستخدمة في المستوصفات والنقاط الطبية بدائيّة، بسبب عدم توافر الأجهزة، وغياب الطاقة".
يكشف أنّ "آلاف الأشخاص الذين يمكن إنقاذهم لو كانت الظروف أفضل، يموتون". ويقول: "كأطباء نعلم أنّ بإمكاننا الحفاظ على أرواح أكثر لو توافرت بين أيدينا معدات وإمكانيات أكبر. مثل هذا الوضع يضعنا تحت ضغط نفسي ومسؤولية أكبر. عزائي الوحيد أنّي أفعل ما بوسعي، وأتكل على بعض القصص الإيجابية لأستطيع الاستمرار".
وعن ذلك يروي: "قبل فترة توقف قلب رجل ستيني، فأنعشناه بطرق بدائيّة، فلا آلة تنفس كهربائية لدينا. أخذنا قراراً بأن نتناوب على مساعدته على التنفس بواسطة أداة التنفس اليدوية، التي تعتمد على ضخ الهواء داخل رئتيه، واستمررنا بهذا حتى استفاق في اليوم الثالث. كانت أشبه بمعجزة بعد أن اقتربنا من فقدان الأمل".
من جهته، انتقل عبدالله، وهو مريض بالسرطان، إلى تركيا للعلاج بعد تدهور حالته الصحية. وعانى الكثير للحصول على العلاج في سورية. يقول إنّ عدم وجود متخصص أو مستشفى لعلاج وتشخيص الأورام، أدى إلى تأخر اكتشاف الورم في جسمه حتى مرحلة متأخرة، وبات يصعب القضاء عليه. قضى عبدالله ستة أشهر في سورية، تنقل خلالها بين مستشفيات اللاذقية ودمشق بحثاً عن العلاج. فالجرعات الكيميائية موجودة فقط في المستشفيات الحكومية هناك.
يشير إلى أنه اضطر إلى دفع ثمن العديد من الجرعات، إذ إنها لا تتوفر دائماً بشكل مجاني. ويقول: "في المرة الأخيرة ازدادت حالتي سوءاً، وأقمت في المستشفى 15 يوماً، وعند خروجي سافرت إلى قريتي، فأنزلني أحد الحواجز العسكرية المتواجدة على الطريق بسبب طول لحيتي وشعري، وبدأوا بضربي ظناً منهم أني سجين سابق. لم يتوقفوا عن ضربي حتى تأكدوا من أني كنت في المستشفى. جئت بعد الحادثة إلى تركيا. وهنا أتلقى العلاج مجاناً، لكن بعد أن فات الأوان".
أما عائشة، وهي إحدى المتضررات من نقص الرعاية، فتقول: "حان موعد ولادتي المبكرة. وفي وقت متأخر ليلاً، توجهت إلى مستوصف البلدة. لم يكن هناك وقت للوصول إلى مستشفى في المدينة المجاورة. نزفت كثيراً ولم يتوقف النزيف لساعات وكانت حياتي مهددة". تضيف: "لم يكن في المستوصف أكياس دم، والسفر إلى المدينة في الليل أشبه بالانتحار، فقرر الطبيب إعطائي الدم من متبرعين من نفس فئة دمي. وهو ما أنقذ حياتي حينها، لكني أصبت بالتهاب الكبد، بسبب دم أحد المتبرعين، وباتت حياتي في خطر مجدداً".
وكانت "الجمعية الطبية الأميركية" قد أكدت في تقريرها الصادر في مارس/آذار الماضي، أنّ عملية نقل الدم والتي تعتبر أساسية في الحفاظ على حياة الكثير من المرضى، تشكّل اليوم واحدة من كبرى التحديات التي تواجه الفرق الطبية العاملة في سورية. وأشارت إلى أنّ "إجراء الاختبارات والحفاظ على أكياس الدم مهمة مستحيلة بسبب عدم وجود أجهزة التحليل وغياب الكهرباء. وهذا ما دفع الأطباء إلى وضع قوائم للمتبرعين مع فئات دمهم لاستدعائهم عند الحاجة، ما يرفع مستوى خطر الإصابة بالعدوى".
يروي الشاب العشريني تفاصيل الحادثة وكأنها اليوم: "كنت أعي كل ما يحدث من حولي.. أرض المكان كانت حمراء من الدماء، أكثر من خمسة مصابين في الغرفة نفسها. ثلاثة مسعفين يحاولون إيقاف النزيف من جسمي. كانوا يستعملون خرق القماش. أتوسل إليهم بأن يخلّصوني من الألم، فيقولون: إن شاء الله". يتابع: "اقترب مني الطبيب، ونظر في عينيّ، وقال: آسفون، علينا أن نبتر قدميك وإلا ستكون حياتك في خطر، عليك أن تكون متماسكاً وتحتمل الألم، عدني بذلك".
تسبب سقوط قذيفة في إصابة عمر في قدميه. ونقل حينها إلى المستشفى الميداني الذي كان يفتقر إلى الكثير من الأدوات الجراحية الضرورية والأجهزة والمختصين والأدوية المخدرة. وهو ما دفع الجراح الوحيد المتواجد هناك إلى اتخاذ قرار البتر، للحفاظ على حياة الشاب.
يقول عمر عن ذلك: "بسبب عدم وجود مستشفى حقيقي، أنا الآن بلا قدمين، وجلّ أحلامي اليوم هو الحصول على قدمين اصطناعيتين، وتدبّر أي عمل يمكن أن يكسبني لقمة عيشي".
انخفاض مستوى الرعاية الطبية في سورية، يحرم الكثير من المرضى من الدواء والعلاج الضروريين، ما يتسبب لهم في خسائر صحية لا تعوض. يشير الطبيب عبدالرحيم العبدو، من حلب، إلى أنّ "الوسائل المستخدمة في المستوصفات والنقاط الطبية بدائيّة، بسبب عدم توافر الأجهزة، وغياب الطاقة".
يكشف أنّ "آلاف الأشخاص الذين يمكن إنقاذهم لو كانت الظروف أفضل، يموتون". ويقول: "كأطباء نعلم أنّ بإمكاننا الحفاظ على أرواح أكثر لو توافرت بين أيدينا معدات وإمكانيات أكبر. مثل هذا الوضع يضعنا تحت ضغط نفسي ومسؤولية أكبر. عزائي الوحيد أنّي أفعل ما بوسعي، وأتكل على بعض القصص الإيجابية لأستطيع الاستمرار".
وعن ذلك يروي: "قبل فترة توقف قلب رجل ستيني، فأنعشناه بطرق بدائيّة، فلا آلة تنفس كهربائية لدينا. أخذنا قراراً بأن نتناوب على مساعدته على التنفس بواسطة أداة التنفس اليدوية، التي تعتمد على ضخ الهواء داخل رئتيه، واستمررنا بهذا حتى استفاق في اليوم الثالث. كانت أشبه بمعجزة بعد أن اقتربنا من فقدان الأمل".
من جهته، انتقل عبدالله، وهو مريض بالسرطان، إلى تركيا للعلاج بعد تدهور حالته الصحية. وعانى الكثير للحصول على العلاج في سورية. يقول إنّ عدم وجود متخصص أو مستشفى لعلاج وتشخيص الأورام، أدى إلى تأخر اكتشاف الورم في جسمه حتى مرحلة متأخرة، وبات يصعب القضاء عليه. قضى عبدالله ستة أشهر في سورية، تنقل خلالها بين مستشفيات اللاذقية ودمشق بحثاً عن العلاج. فالجرعات الكيميائية موجودة فقط في المستشفيات الحكومية هناك.
يشير إلى أنه اضطر إلى دفع ثمن العديد من الجرعات، إذ إنها لا تتوفر دائماً بشكل مجاني. ويقول: "في المرة الأخيرة ازدادت حالتي سوءاً، وأقمت في المستشفى 15 يوماً، وعند خروجي سافرت إلى قريتي، فأنزلني أحد الحواجز العسكرية المتواجدة على الطريق بسبب طول لحيتي وشعري، وبدأوا بضربي ظناً منهم أني سجين سابق. لم يتوقفوا عن ضربي حتى تأكدوا من أني كنت في المستشفى. جئت بعد الحادثة إلى تركيا. وهنا أتلقى العلاج مجاناً، لكن بعد أن فات الأوان".
أما عائشة، وهي إحدى المتضررات من نقص الرعاية، فتقول: "حان موعد ولادتي المبكرة. وفي وقت متأخر ليلاً، توجهت إلى مستوصف البلدة. لم يكن هناك وقت للوصول إلى مستشفى في المدينة المجاورة. نزفت كثيراً ولم يتوقف النزيف لساعات وكانت حياتي مهددة". تضيف: "لم يكن في المستوصف أكياس دم، والسفر إلى المدينة في الليل أشبه بالانتحار، فقرر الطبيب إعطائي الدم من متبرعين من نفس فئة دمي. وهو ما أنقذ حياتي حينها، لكني أصبت بالتهاب الكبد، بسبب دم أحد المتبرعين، وباتت حياتي في خطر مجدداً".
وكانت "الجمعية الطبية الأميركية" قد أكدت في تقريرها الصادر في مارس/آذار الماضي، أنّ عملية نقل الدم والتي تعتبر أساسية في الحفاظ على حياة الكثير من المرضى، تشكّل اليوم واحدة من كبرى التحديات التي تواجه الفرق الطبية العاملة في سورية. وأشارت إلى أنّ "إجراء الاختبارات والحفاظ على أكياس الدم مهمة مستحيلة بسبب عدم وجود أجهزة التحليل وغياب الكهرباء. وهذا ما دفع الأطباء إلى وضع قوائم للمتبرعين مع فئات دمهم لاستدعائهم عند الحاجة، ما يرفع مستوى خطر الإصابة بالعدوى".