ويشهد اليوم إضراباً عاماً في وسائل النقل والمواصلات مع إغلاق مداخل مصافي البترول ومحطات توليد الكهرباء ومظاهرات في غالبية المدن الفرنسية يشارك فيها، إلى جانب النقابات، كل معارضي قانون العمل.
وتخوض النقابات منذ عدة أسابيع مواجهة مفتوحة مع الحكومة بشأن القانون المثير للجدل، ما دفع بهذه الأخيرة إلى اتخاذ جملة من التدابير الاستعجالية تفادياً لحصول شلل اقتصادي في البلاد، من بينها اللجوء إلى الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لتزويد محطات الوقود بالمحروقات واستعمال القوة لفض الاعتصامات في مداخل المصافي النفطية ومستودعات الوقود.
ورغم هذه الضغوط، جدد رئيس الوزراء، مانويل فالس، عزمه على عدم التراجع عن قانون العمل، وقال في كلمة في البرلمان الفرنسي، أمس الأربعاء، إن "الاتحاد العام للعمال ليس هو من يفرض القانون في فرنسا"، ورد عليه الأمين العام للاتحاد، فليب مارتينيز، بالدعوة إلى "تعميم الإضراب" ليشمل كافة المرافق الاقتصادية والمؤسسات العامة.
وخفف فالس، اليوم الخميس، من لهجته، حيث تحدث في حوار مع إذاعة "مونتي كارلو" عن "احتمال إدخلال تعديلات أو تحسينات على نص قانون العمل من دون المس بجوهره وفلسفته"، وذلك في رد غير مباشر على تصريح لوزير المالية، ميشال سابان، الذي تحدث من جهته عن ضرورة سحب البنود، التي تثير غضب النقابات من قانون العمل.
وكانت نقابة الاتحاد العام للعمال دخلت برفقة عدة نقابات أخرى في مواجهة مباشرة مع الحكومة الاشتراكية بعد تبني هذه الأخيرة مشروع إصلاح قانون العمل دون الحصول على موافقة البرلمان، وهو ما اعتبرته النقابة وقسم كبير من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني انتهاكاً للديمقراطية.
وستشهد باريس ومعظم المدن الفرنسية الأخرى تظاهرات احتجاجية تخشى السلطات أن تتخللها أعمال عنف وتخريب مثلما ما تكرر ذلك في بعض المظاهرات السابقة، خاصة في باريس ونانت ورين.
واحتجبت الصحف اليومية عن الصدور، اليوم الخميس، بسبب إضراب عمال شركة توزيع المطبوعات الوطنية، التي تتحكم فيها نقابة الاتحاد العام للعمال، والتي طلبت من الصحف تخصيص صفحة كاملة لنشر مطالب النقابات، وهو الطلب الذي رفضته كل الصحف الفرنسية باستثناء صحيفة "لومانيتي" الشيوعية.
وكانت النقابات قررت خوض إضراب مفتوح في 8 معامل لتصفية البترول، وأقدم مناصروها على إغلاق منافذ مخازن الوقود منذ 17 مايو/أيار الجاري، كما صوتت النقابات في 16 محطة نووية لتوليد الكهرباء على الإضراب العام لإجبار الحكومة على التراجع عن قانون العمل، الذي ترى فيه إجهازاً على مكتسبات العمال وانحيازاً للشركات وأرباب العمل.
وعلى بُعد عام من الانتخابات الرئاسية، تجد الحكومة الاشتراكية نفسها في وضع حرج، لأن التراجع عن قانون العمل سيشكل ضربة قاضية لمصداقيتها بعد أن تخلت سابقاً عن مشروع قانون سحب الجنسية من المتورطين في قضايا إرهاب.
كما تطالب المعارضة اليمينية واليسار الراديكالي باستقالة الحكومة وسحب قانون العمل، الذي بات يهدد البلاد بالشلل الكلي من جراء الإضرابات والاعتصامات المتكررة.