يوم آخر عادي جداً

27 اغسطس 2015
يوم آخر عادي جداً (Getty)
+ الخط -
اليوم أخطأت في تحديد من يقف وراء الباب من طريقة طرقة بيديه. الوحدة أكسبتني تلك المهارة كما أكسبتني أيضا حساسية مرهفة تجاه الأصوات غير القريبة من أذني، تصيبني بالتوتر والأرق.


سبب لي ذلك انزعاجا، ربما لمح الطارق تعيرا له على وجهي، المفاجآت دائما ما تزعجني، لأنها متوقعة كحفلات أعياد الميلاد البلهاء التي ترتبها مخطوبة لخطيبها، كزيارات المحافظين والوزراء المفاجئة للمدارس والمستشفيات.

أكملت فيلما لعادل إمام وشاهدت آخر أميركيا لطيفا، لم تحدثني عنه أمل، وأكلت طعاما معلبا، وجلست أتابع باهتمام مباراة مملة لكرة القدم في الدوري المحلي، انقطعت الكهرباء عند بدايتها للمرة الثالثة، حدقت طويلا في الشاشة السوداء، وقررت أن أكف عن لوم شقيقي الأصغر، بسبب حرصه ومواظبته الدائمين على وضع زجاجات المياه الفارغة في الثلاجة، لا بد أن له فلسفة في ذلك لا أدركها، وأخبرته بألا يوقظني في المساء؛ لأنني لن أذهب إلى حفل زفاف ابن خالتي.

تزعجني طقوس الزواج برتابتها، ويشعرني المدعوون بالبلاهة، وهو أيضا كف عن نصيحتي بأهمية تأدية الواجبات الاجتماعية وهذه الأشياء منذ زمن، وكتبت رسالة إلى صديقة قديمة أخبرها فيها بأني ما زلت أحبها، وترددت في إرسالها حتى أتخلص من شعور مميت بالخجل يعتريني كلما كتبت شيئا، وفكرت في أن أحدا ما غيري سوف يقرأه، الحقيقة أنني لا أحب ما أكتبه بعد أن يمر أول يوم، وبعد مرور يومين أكرهه بشدة وأرغب في نسيانه للأبد.

هاتفت صديقي الطبيب البيطري الذي لا يعمل كطبيب بيطري، وزميلي في المدرسة الإعدادية الذي كان يضطهد الطلاب المسيحيين، ولم يشرب الفودكا أثناء سفره إلى روسيا لأنها محرمة، لكنني يبن الحين والآخر أنجح في إقناعه بأن يجلب لي أربع أو خمس علب من سجائر أجنبية، تتحدد جنسيتها بحسب البلد الذي يسافر إليه، لأقترض منه نقودا هو صديق طيب على أية حال يبحث عن مقعد فارغ بين الأصالة والمعاصرة ليجلس عليه، وله طفل يشبهه، عندما سافر إلى بيروت التقط لنفسه صورة مع الداعية عمرو خالد، يبدو أنه لم يصادف نجوى كرم أو نانسي عجرم أو إليسا التي يحبها سرا، ربما لم يصادف غيره.

(مصر)
المساهمون