يوسف بعلوج.. في خرائط الجوائز الأدبية

15 يونيو 2020
(يوسف بعلوج)
+ الخط -
مع تعدّد الجوائز الأدبية العربية، تُوَفِرُ "منصة أدبرايز" إطاراً يساعد الكتّاب على المشاركة والاختيار بينها. هنا حديث مع مؤسّسها الكاتب الجزائري يوسف بعلوج.


■ كيف تقدّم "منصّة أدبرايز" للقرّاء؟
هي خدمة جامعة لجديد الجوائز الأدبية في العالم العربي. ننتقي بعناية المسابقات التي تقدّم التقدير الأدبي والمادي للفائزين، ونعرض طرق المشاركة فيها عبر صفحاتنا على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل بسيط ومرتّب. أيضاً، نقوم في "أدبرايز" بدور الوسيط بين الكتّاب والجهات المنظمة للجوائز في حال وجود استفسارات أو صعوبات يجدها المبدعون في الترشيح. هدف الخدمة الرئيس هو تخفيف عناء البحث عن المعلومة الدقيقة، الكاملة والموثوقة، وتوفير الوقت على الكتّاب، ودفعهم للتركيز على الأهم: الكتابة.


■ تنال الجوائز الأدبية العربية هجاء من مجتمع الكتابة العربي، تُتَّهَم بقلّة الرصانة وانخفاض مستواها الفني وعدم جدّية القائمين عليها؛ ما معنى تشجيعكم لمجتمع الجوائز الأدبية إذن؟
أرى أن الموضوع مبالغ فيه قليلاً، وإلا كيف نبرّر حرص الكتّاب الكبار قبل المغمورين على المشاركة في الجوائز الأدبية؟ لدى البعض قناعات مرتبطة بجدّية ونزاهة المؤسسات المنظمة للجوائز، وهناك آخرون ضد فكرة التنافس عموماً، بدعوى أن المسابقات تُسلّع الأدب. رأيي أن المسابقات الأدبية لها إيجابيات وسلبيات، لكن تبقى إيجابياتها أكبر بكثير من سلبياتها، ونفعها أقوى بكثير من ضررها.

المسابقات أفرزت لنا أسماء أدبية جديدة ما كنّا لنعرف عنها بسهولة عن طريق النشر التقليدي، هذا الأخير صار بحد ذاته يعاني من تسليع غير مسبوق. لا أنصح الآخرين بما لستُ مقتنعاً به، وأنا شخصياً قد استفدت كثيراً من الجوائز الأدبية، وأظن أن غالبية الكتاب مهتمون بها أيضاً. ما نحرص عليه في "أدبرايز" هو تقديم الجوائز التي نراها تشكل إضافة للمبدع، وفي النهاية قرار المشاركة من عدمه متروك للمتابعين.


■ ما هي من وجهة نظرك فائدة الجوائز الأدبية العربية، وما هي نقاط ضعفها؟
فائدة الجوائز الأساسية بالنسبة لي هي الإضاءة على جيل جديد قد لا ينال حظه في زمن الطبع السهل، واستمرار حالة الشِللية، واحتكار المنابر والفُرَص لدى من سبقوهم. أيضاً الجزء المادي مهم أيضاً، فمعظم الكتّاب في العالم العربي يبدعون في ظروف صعبة. الجائزة قد تسمح بتفرّغ مؤقت للمزيد من الكتابة.

بالنسبة لنقاط الضعف، لن أكون في صف الطرف الذي يطعن في النزاهة، ويتهم بالمحسوبية، ويروّج لوجود أجندات. معظم ملاحظاتي مرتبطة بطريقة تنظيم الجائزة من زاوية تقنية بحتة، وهي أمور يمكن تجاوزها بسهولة متى ما توفرت للجهات المنظمة للجوائز الرغبة في ذلك. شخصياً، ساعدتُ في تصميم وتنظيم وتحكيم عدد من الجوائز، وأرى أن الأخطاء غالباً ليست مقصودة، بل ووجدتُ أن هذه الأطراف المنظمة مستعدة للأخذ بالمشورة. فقط ربما لم تكن المشورة المناسبة متوفرة سابقاً.


■ ما هي المواصفات المثالية برأيك لجائزة أدبية عربية؟
هناك عدة نقاط يجب الاهتمام بها لتنظيم مسابقة بمواصفات جيدة، وهي الركائز الثلاث التي ينبني عليها أي مشروع عموماً، وبالتحديد المشاريع الثقافية. التخطيط والتنفيذ والتسويق. فالتخطيط الجيد يجب أن ينبني على الهدف من تنظيم الجائزة، وينبغي أن يركز على تقديم التقدير لأعمال أدبية مميزة تستحق أن تصل إلى القارئ. التنفيذ يأتي من هذه الرؤية، بحيث تسهل طريقة المشاركة، وتكون الشروط مدروسة مع اختيار لجان تحكيم نزيهة تعمل وفق سلّم تقييم عادل يضمن تكافؤ الفرص.

أما التسويق فهو أمر تعاني منه الكثير من الجوائز التي تمرّ فعالياتها بسرعة من دون أن تقدم الأثر المُرتجى منها للكاتب الفائز أو المجتمع الأدبي. في "أدبرايز" صغنا دليلاً بالاعتماد على دراسة إيجابيات وسلبيات أكثر من خمسين جائزة عربية، وهو الدليل الذي نستخدمه في تقديم خدماتنا لتطوير الجوائز.


■ أنت من الكتّاب الذين بدأوا مسيرتهم الأدبية بالفوز بعدة جوائز، كيف أثّرت الجوائز على مسيرتك ككاتب، ألم يكن لها تأثير سلبي؟
معظم الآثار التي خلّفها فوزي بالجوائز كانت إيجابية. الجوائز ساهمت بشكل كبير في التعريف بما أقدمه، ووضعتني في دائرة الاهتمام الإعلامي والرسمي، ولو لفترة مؤقتة. ربما الأثر المزعج هو الوعود التي تأتي بعد الفوز من مسؤولين يستثمرون في نجاحك من دون أن يكونوا طرفاً فيه، ثم يتناسون وعودهم بعد مرور الزخم الإعلامي. بخلاف هذا، أخشى أن تطلعات المتابعين لمسيرتي ترهقني أحياناً.


■ نلاحظ أنك أصبحت أقلّ فوزاً بجوائز أدبية بعد تأسيسك لـ"أدبرايز"، هل هذا صحيح وما هو تفسيرك؟
ملاحظتك صائبة، وهذا في الحقيقة أمر له علاقة ليس فقط بـ"أدبرايز" وما خلقته من تنافس، بل بالوقت والجهد الذي يستهلكه كمشروع ثقافي جاد، من جملة مشاريع أخرى سبقته كـ"بودكاست آرابيا" وبرامج اشتغلت عليها لحساب وزارة الثقافة في الجزائر.

في الفترة ما بين 2015 و2018 لم أفز بأي جائزة، والسبب بسيط، كان تركيزي الأكبر منصباً على التأسيس والإشراف على هذه المشاريع، ما استنزف وقتي وطاقتي، وقلص وقت الكتابة عندي، إلى درجة الانقطاع لفترة طويلة. بعد أول استفاقة كتبت نص "قمقم مارد الكتب" الذي فاز بالمرتبة الأولى لمسابقة "الهيئة العربية للمسرح"، ثم العام الذي يليه ترشحتُ في نفس المسابقة ضمن فرع نصوص الكبار لقائمة أفضل 20 نصاً، وقبل أسابيع فزت بالدرع الفضي لـ"مسابقة قنبر الدولية لأدب الطفل" بالعراق.

مؤخراً واجهني صديق بمخاوفي التي أصارع لإسكاتها، ودعاني إلى التركيز على الكتابة، وإيقاف مشاريع الويب التي أسّستها وأُشرف عليها. صحيح أنني مستنزف بهذه المشاريع، لكني أتحايل على نفسي وأستمر على أي حال.


بطاقة
كاتب وناشط ثقافي جزائري، من مواليد 1987. فائز بعدة جوائز أدبية في القصة والمسرح وأدب الطفل. أصدر إلى الآن خمسة كتب، كان أوّلها "على جبينها ثورة وكتاب" (2011) الذي ضمّ حوارات وريبورتاجات أنجزها في تونس ما بعد الثورة مع شخصيات ثقافية وسياسية، تلاه إصداره لكتب في المسرح وأدب الطفل مثل: "إنقاذ الفزّاعة" (2014)، و"سأطير يوماً ما" (2015)، و"المظلة" (2017). أسس ويدير منصّتي "أدبرايز" و"بودكاست آرابيا".

المساهمون