يمنيون يتطلعون إلى لمّ الشمل

01 يناير 2020
بعض مما فعلته الحرب (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -

تختلف آمال وتطلّعات اليمنيين من شخص إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى، لكنّهم يجمعون على الرغبة في أن يكون هذا العام نهاية لمأساتهم من جراء الحرب، وبداية لحياة جديدة ملؤها الأمن والسلام وضمان توفير احتياجاتهم المعيشية. ويأمل الطبيب مجاهد البحري (33 عاماً)، أن يودّع عام 2019 كل الأحداث المخيبة للآمال التي فاقمت معاناته وأسرته وقضت على أحلامه وطموحاته خلال السنوات الخمس الماضية. يقول لـ"العربي الحديد": "أتمنى أن يحمل العام الجديد، 2020، السلام والوئام، وتنتهي المخاطر المحدقة باليمن، وتتلاشى الأمراض التي انتشرت أخيراً".

يعترف البحري بأنّه لم يتمكن من تحقيق الكثير من أحلامه وطموحاته بسبب الحرب في البلاد، ويتطلع إلى تحقيقها فور انتهائها. "لن نستقر نفسياً ومعيشياً ونحقق طموحاتنا إلا بانتهاء أسباب تعثّرها، أي التغلب على التحديات التي تواجه اليمنيين عموماً، على رأسها عدم الاستقرار والفقر وانقطاع رواتب الموظفين والنزوح وانتشار الأمراض المعدية".

المصور أحمد حسين الأشول (25 عاماً)، لم يذهب بعيداً في تطلعاته. يأمل أن يكون العام الجديد فرصة لـ"التصالح بين المتخاصمين في اليمن"، ويلتقي عائلته في صنعاء بعدما أبعدته الحرب عنها عام 2015. يقول لـ"العربي الجديد": "أعيش في صنعاء، لكنني غادرتها عام 2015 واستقريت في مأرب. لا أستطيع العودة إلى عائلتي في صنعاء إلا إذا انتهت الحرب". ويتمنى الأشول أن يكون أكثر حظاً في العام الجديد، ويحصل على عمل براتب جيّد يساعده في تأمين متطلباته المعيشية وتكاليف الدراسة، وشراء ما ينقصه من أدوات في مجال عمله، كي يتسنى له تحقيق حياة أفضل.

أما المعلمة في المدرسة الحكومية في صنعاء فاطمة عبد الواسع (31 عاماً)، فتتمنى أن يأتي العام الجديد ببشرى وهي حل مشكلة الرواتب الشهرية التي حرموا منها منذ سنوات. تقول: "لا أعتقد أن هناك من يستطيع تحمل ما تحملناه من معاناة من جراء حرماننا من الرواتب منذ ثلاث سنوات، ولا يجب أن يستمر هذا الوضع"، مشيرة إلى أن العملية التعليمية برمتها تضررت بسبب توقف صرف موازنة وزارة التربية والتعليم. تضيف: "كانت هناك وعود متكررة خلال عام 2018، وهي أن هذه المشكلة ستحل وسيتم تسليم رواتب المدرسين بانتظام. لكن هذا الوعود كلها تبخرت، ولا أدري ما الذي سيحمله لنا عام 2020".




أمة الله صالح (59 عاماً)، تأمل أن ترى أبناءها الذين غادروا صنعاء من جراء تصاعد الحرب في مارس/ آذار عام 2015. تقول: "عندما هاجر أبنائي هرباً من الحرب، وعدوني بأن تكون عودتهم قريبة. لكن مرت نحو أربع سنوات ولم يعودوا بعد"، مشيرة إلى أنها تصلي من أجل أن تتمكن من رؤية أبنائها في العام الجديد قبل أن ترحل عن الدنيا. تضيف لـ"العربي الجديد": "أنتظر يومياً انتهاء الحرب ليعودوا إليّ. لكن هذا لم يحدث. وفي حال استمر الوضع كما هو، ربما سأقبل بالسفر إليهم هذا العام على الرغم من صعوبة ذلك علي بسبب بعد المسافة، لألتقي بهم وأرى أطفالهم".

وعلى عكس ذلك، يرغب الشاب حمزة عبد الواحد (25 عاماً)، وهو خريج صيدلة، في الحصول على فرصة سفر إلى أي دولة خليجية أو غربية بهدف الحصول على عمل. يقول لـ"العربي الجديد": "أبدأ خلال الأسابيع المقبلة البحث عن فرصة عمل في المملكة العربية السعودية. وفي حال فشلت في إيجادها، لن يكون أمامي إلا البحث عن فرصة لجوء في أي دولة أخرى في العالم"، مشيراً إلى أن اليمن أصبح بلداً "لا مستقبل فيه".

يضيف عبد الواحد: "المسألة لم تعد محصورة بعدم توفر الأعمال. لكن لم يعد هناك أمن ولا تعايش. الأحقاد العرقية والمذهبية والمناطقية موجودة في كل أرجاء اليمن. وبعد خمس سنوات من الحرب، لا أعتقد أن ثمة تغيّراً إيجابياً سيحدث خلال العام المقبل. نحتاج إلى سنوات بهدف إصلاح ما دمر"، مؤكداً أن الهجرة باتت طموح غالبية شباب اليمن في هذه المرحلة. وهناك من لديه استعداد لمواجهة أي مصاعب من أجل الحصول على فرصة سفر إلى خارج اليمن.

ويجدد السائق غالب المعافا (35 عاماً)، رغبته في بناء منزل صغير له ولعائلته هذا العام بدلاً من السكن في مخيمات النزوح. "أعمل سائقاً متنقلاً بين المحافظات، وسأعمل على البحث عن عمل مناسب لتوفير مستوى معيشي أفضل لعائلتي وتعليماً مناسباً لأولادي". يضيف لـ"العربي الجديد": "هناك مشاكل أخرى تواجهني في عملي كسائق باستمرار وأتمنى زوالها خلال هذا العام. نحن نحتاج إلى أن تعمل الدولة على تسهيل عملية المرور بين المحافظات والمدن اليمنية، وألا تتم إعاقتنا بسبب زيادة نقاط التفتيش والمواجهات المسلحة كونها تعرضنا إلى مخاطر كثيرة".



ويشهد اليمن حرباً بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وأنصار الله الحوثيين منذ أواخر عام 2014، وتصفها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وقد تسببت بنزوح أكثر من 3.3 ملايين يمني داخلياً. كما أن 80 في المائة من سكان اليمن البالغ عددهم 28.6 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة والحماية.