مصريون يريدون لقمة العيش

01 يناير 2020
بالكاد يحصل الأطفال على الأساسيات (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -

انتهى عام 2019، وانتهت معه طموحات وآمال المصريين الذين كانوا يسعون إلى تحقيقها، بعدما حاصرتهم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتعددة خلال العام الماضي. ويأمل المواطنون أن تقل نسبة الفقر، وتتأمن فرص عمل للشباب، وزيادة الأجور، وإيجاد وظائف، والحد من نسب البطالة، وتوفير مساكن للشباب بأسعار مقبولة في ظل ارتفاع أسعار الشقق، ما أدى إلى ارتفاع نسبة العنوسة والطلاق، وجرائم القتل، والعنف الأسري. يضاف إلى ما سبق أزمة الدروس الخصوصية في البلاد.

ويعرب مصريّون عن خوفهم من أن يشهد عام 2020 مزيداً من ارتفاع الأسعار، بعد عام ساءت فيه الأحوال المعيشية، ما أثّر على العائلات بشكل كبير. وشهد المجتمع، بكل فئاته، أسوأ موجة غلاء، وارتفاعاً في أسعار الوقود والطاقة. وشمل الغلاء غالبية السلع والخدمات وتراوح ما بين 50 و100 في المائة، وبالتالي زادت أسعار المنتجات الغذائية في ظل عدم الرقابة. كما شهد العام الماضي ارتفاع نسبة الأمراض بين المصريين.

يقول يوسف مهدي (45 عاماً)، وهو موظف في إحدى المصالح الحكومية، إنه يأمل إنشاء مستشفى حكومي يخفف ألم ومعاناة الفقراء. وتحولت المستشفيات المصرية الحكومية إلى خربة في ظل نقص الأدوية وعدم توفر غرف للعمليات، حتى باتت أوكاراً للأمراض، حيث تنتشر الفئران والثعابين، ما يؤدي إلى موت المرضى الفقراء. في الوقت نفسه، يوضح أنه يصعب تحقيق هذه الأمنية. في المقابل، المستشفيات الخاصة موجودة لكن أسعارها مرتفعة جداً، ولا يستطيع المواطن الفقير تحمّلها.

من جهته، يقول طلعت محمد، وهو بائع متجول في العقد الخامس من العمر، إنه يستيقظ في الخامسة فجراً حتى يحجز له مكاناً في الشارع لبيع الملابس، لافتاً إلى أن ما يحصل عليه بالكاد يكفي أسرته المكونة من أربعة أبناء في مراحل تعليمية مختلفة. وعادة ما لا يرجع إلى البيت قبل الحادية عشرة ليلاً بعدما يكون أبناؤه قد خلدوا إلى النوم، مشيراً إلى أنه يأمل عدم مطاردة شرطة المرافق له، لكنه أمر يصعب تحقيقه في ظل انتشار الفساد في البلاد.




نجلاء جاد، وهي ربة منزل في الأربعينيات من العمر، تأمل إلغاء الدروس الخصوصية التي أصبحت تشكل عبئاً على الأسرة، وتخصّص لها ميزانية خاصة بعدما ارتفعت أسعارها. وترى أنه يجب إنقاذ العملية التعليمية من الانهيار، مؤكدة أنها تسمع كل عام من وزارة التربية والتعليم عن مواجهة الدروس الخصوصية وتجريم أصحابها، لكن من دون أن يحدث شيء. وتشدد على أهمية رفع الأجور التي لا تكفي لمواجهة ارتفاع الأسعار شبه اليومي خلال عام 2019. بدوره، يأمل محمد عبد الرحمن (30 عاماً)، وهو موظف في إحدى شركات القطاع الخاص، أن يكون قادراً على الزواج. ويوضح أنه يرجئ الزواج كل عام بسبب الظروف المعيشية وغلاء الأسعار مثل شراء الأجهزة الكهربائية. يتابع: "أخشى ارتفاع نسبة الطلاق المتزايدة أصلاً بين الشباب".

أما طلاب الجامعات، فقد فقدوا أحلامهم ولم يطمحوا إلى شيء في العام الجديد، في ظل انتشار البطالة والفساد في البلاد. ويرى محمد أنور، وهو طالب في كلية التجارة، أنه حين ينظر إلى حال الخريجين والبطالة، يشعر باليأس، خصوصاً أن بعض الشبان يلجأون إلى الهجرة بوسائل شرعية أو غير شرعية. ويأمل الحد من نسبة بطالة الملايين من الخريجين، وإنهاء الوساطة والمحسوبية في التعيينات في الجهات الحكومية، وأن تكون الفرص مفتوحة أمام الجميع.

ويتفق يوسف مصطفى (25 عاماً)، وهو خريج كلية الآداب مع الرأي السابق، مؤكداً أن البطالة تعد أحد الأسباب التي أدت إلى زيادة حالات الانتحار، بعد إغلاق كل الأبواب أمام الخريجين. ويشير إلى أنه لا يستطيع شراء شقة مساحتها 60 متراً مربعاً في المناطق الجديدة، لأن سعرها يتجاوز 300 ألف جنيه (نحو 18 ألفا و674 دولاراً)، ما أدى إلى زيادة نسبة العنوسة. ويأمل أن يكون قادراً في العام الجديد على مواجهة البطالة والفقر. وتطالب لمياء شريف (25 عاماً)، وهي خريجة إحدى الجامعات، بأن ينتهي التحرش الجنسي في المواصلات العامة والشوارع وأماكن العمل، كونها تعد واحدة من أبرز المشاكل التي يعاني منها المجتمع المصري، عدا عن الازدحام واكتظاظ المواصلات العامة والبطالة.

ويقول حمادة صديق (28 عاماً) الذي يعمل سائقاً: "أتمنى القضاء على الفساد في العام الجديد، وأن يتقي كل مسؤول الله في وطنه، ويؤدي واجباته بإخلاص وتفانٍ وأمانة، ويعي أن الوظيفة التي كلف بها هي أمانة، ويكون العام الجديد خاليا من العنف، وأن تشعر الحكومة بالمواطنين، إضافة إلى حل جزء من مشاكل الشباب".




من جهتهم، يخشى المزارعون في مصر زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي خلال العام الجديد، بعدما ارتفعت أسعارها عام 2019، خصوصاً الأسمدة. ويقول المزارع محمد حماد (60 عاماً)، إن المزارعين يعانون بسبب الديون وارتفاع مستلزمات الإنتاج بنسب كبيرة تفوق الـ 300 في المائة، والتي تفاقمت يوماً بعد يوم، ما أثقل كاهل المزارعين وزاد أعباءهم. ويأمل الحد من زيادة الأسعار. أما المزارع علاء محمد (50 عاماً)، فيأمل أن يكون هناك راتب للمزارعين في العام الجديد وتأمين صحي بسبب كثرة الأمراض التي يواجهونها، وتوقف كبْح جماح الأسعار وجشع التجار والموزعين والمستوردين والمحتكرين للمنتجات الزراعية.

أما فاطمة محمود (50 عاماً)، فترى أن الأزمة الحقيقية تكمن في مقولة "ادفعوا واتبرع لمصر بجنيه". وتسأل: "من أين يأتي المصريون بالجنيه في ظل الفقر الذي يسود البلاد وعدم الاهتمام بالمواطن العادي؟ الغلاء سمة المرحلة إضافة إلى الجباية. الأزمة تشمل المدارس والمرور وتذاكر المواصلات وارتفاع أسعار الكهرباء والغاز". كل ما تتمناه السيدة هو الرأفة بالمواطن.