وانتظرت الأوساط التركية المحلية إعلان استقالة يلدريم، بعد أن بات بالفعل مرشحاً بشكل رسمي لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، وجرى إعلان ذلك من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان، إلا أنه وحتى الساعة لا يزال رئيساً للبرلمان، وهو ما خلط الأمور، ودفع المعارضة إلى رفع صوتها مطالبة باستقالته.
موقف المعارضة هذا انعكس سلباً على ما يبدو على يلدريم، إذ بات موضوع الاستقالة الشغل الشاغل في الأوساط التركية لاسيما في حديث الصحافة.
وتركز حديث الصحافة مع يلدريم عن الأمر بدلاً من الحديث عن مشاريعه لمستقبل إسطنبول، وحملته الانتخابية، فقفز موضوع الاستقالة إلى أولى أوليات الصحافيين، ما ضيّق الخناق على يلدريم للحديث عن خططه المستقبلية.
وترجع قضية الاستقالة منذ البداية إلى تصريح سابق للرئيس أردوغان الذي قال فيه إنه ليس هناك أي داع لاستقالة بن علي يلدريم، ووافقه على ذلك حليفه رئيس حزب "الحركة القومية" اليميني المتطرف دولت باهتشلي، ومع قول رئيس زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو "عليه الاستقالة ولكن سنمضي قدماً في الانتخابات بهذا الشكل"، قاصداً الحملات الانتخابية، واعتبرت تصريحاته تساهلاً من المعارضة، ليقول بن علي يلدريم بعدها "موضوع الاستقالة انتهى".
ولكن الموضوع لم ينتهِ هنا، وعلى العكس كلما اقتربت الانتخابات كلما ازداد الحديث عن الاستقالة، خاصة مع قول كليجدار أوغلو "لا داعي لاستقالة يلدريم لأنه سيعود إلى أنقرة مجدداً"، قاصدا هزيمته في الانتخابات، ليرد عليه الأخير بالقول "أنا لا أعود من طريق انطلقت فيه"، الأمر الذي ألهب السجال السياسي.
واعتبر في الأوساط المحلية أن ترشيح يلدريم لرئاسة بلدية إسطنبول، أعطى معنويات عالية لحزب "العدالة والتنمية"، خاصة أن من يمتلك مفاتيح إسطنبول، تكون له اليد العليا في تركيا، وقول أردوغان "من يخسر إسطنبول، يخسر تركيا"، ولكن موضوع الاستقالة بدأ ينعكس بشكل سلبي على "العدالة والتنمية"، خاصة لجهة تركيز الصحافة على الأمر، ما قد يقوي خصمه مرشح حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو.
وتقدم الأحزاب السياسية لوائحها من أسماء المرشحين للانتخابات في 19 فبراير/شباط المقبل، على أن يتم الإعلان النهائي عن المرشحين المقبولين في 3 مارس/آذار المقبل، ويجري الحديث عن أن استقالة يلدريم قد تكون في هذه التواريخ، وحتى قبل الإعلان النهائي بخمسة أيام، ولكن مع السجال السياسي الحاصل، يبدو أن موضوع الاستقالة الذي يعود لأمور قانونية، سيكون في وقت ليس ببعيد.
وتُجرى انتخابات الإدارة المحلية التركية في 31 مارس المقبل، وهي انتخابات مهمة، تشهد تحالفات بين المعارضة من أجل إسقاط حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، الذي وجد من حزب "الحركة القومية" حليفاً لمواجهة المعارضة.
وتكتسب هذه الانتخابات أهمية لأنه في حال فشل "العدالة والتنمية" في حصد الأصوات بنسب عالية، فإن حكم أردوغان قد يتعرض للتقويض، وتتجه البلاد نحو انتخابات مبكرة.