ولادة متعثرة لحكومة الوحدة الأفغانية: عقبة تقاسم الوزارات

31 ديسمبر 2014
تعثر الحكومة يؤثر بالوضع الأمني (زيار خان ياد/الأناضول)
+ الخط -
مضت نحو ثلاثة أشهر على اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الأفغانية (الحكومة الائتلافية) برئاسة أشرف غني أحمدزاي، والذي توصلت إليه الأطراف الأفغانية المشاركة في الانتخابات بعد محادثات مضنية تحت إشراف أميركي مباشر. غير أن الرئيس الأفغاني لم يتمكن حتى الآن من تشكيل الحكومة وتعيين الوزراء، بسبب الخلافات العميقة بينه وبين الرئيس التنفيذي ومنافسه في الانتخابات الرئاسية عبد الله عبد الله بشأن تقسيم الوزارات وتعيين الوزراء، والمناصب السيادية.

ووعد أحمد زاي يوم أدائه اليمين الدستورية في 29 سبتمبر/أيلول الماضي بتشكيل الحكومة خلال 45 يوماً، وأوضح حينه أنه لن يستعجل في تشكيل الحكومة الجديدة. لكن بسبب الضغوط المتزايدة من قبل الساسة وأعضاء البرلمان، أعلنت الرئاسة الأفغانية قبل شهر عن اتفاق بين الرئيس الأفغاني والرئيس التنفيذي على تشكيل الحكومة خلال فترة ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع. ومضت الفترة المعلن عنها ولم يتم تشكيل الحكومة، وهو ما يشير إلى استفحال الخلافات بين الطرفين.
وفيما تؤكد مصادر مقربة من الرئيس الأفغاني أنّ المعضلة قد حُلّت تقريباً باستثناء تعيين بعض الوزراء، تقول مصادر أخرى في الحكومة إنّ الخلافات مستمرة بين الطرفين، وإن العقبة الأساسية تتمثل في تمسك الرئيس الأفغاني بعدم تقسيم الوزارات التي تتعلق بالأمن والاقتصاد، ويفضل أن تتولاها شخصيات مؤهلة خارج المعسكرين، وهو ما يؤيده مجلس الأمن الأفغاني. لكن عبد الله عبد الله يصرّ على تقسيم الجميع الوزارات.  
وتسود حالة من الارتباك في الشارع الأفغاني خشية من أن تؤدي الخلافات بين طرفي حكومة الوحدة الوطنية إلى انهيارها، الأمر الذي قد يدفع البلاد باتجاه حرب أهلية لا تحمد عقباها. ويعتقد الخبراء الأمنيون أن أحد أسباب التدهور الأمني، وتزايد هجمات "طالبان" هو التأخر في تشكيل الحكومة. إذ تعمل كافة الوزارات حالياً بدون الوزراء، فالرئيس الأفغاني أقال جميع وزراء حكومة حامد قرضاي، ولم يتمكن حتى الآن من تعيين وزراء جدد.
وكان النائب الأول للرئيس التنفيذي والقيادي السابق في الحزب "الإسلامي" حاجي خان محمد قد وجه انتقادات حادة لكل من غني وعبد الله، قائلاً إن الشعب الأفغاني يعيش في حالة من الارتباك بسبب الخلافات بينهما حيال تشكيل الحكومة وتقسيم الحقائب الوزارية، وإن أفغانستان تعيش في ظروف استثنائية، تتطلب تشكيل الحكومة في أسرع وقت.
وأمام تدهور الأزمة، تدخل البرلمان الأفغاني ومنح يوم السبت الماضي مهلة أسبوع للرئيس الأفغاني لإعلان الحكومة، لكن الأخير فشل وهو ما اضطر البرلمان إلى تشكيل لجنة برلمانية بهدف مناقشة الملف مع طرفي المشكلة هذا الأسبوع.

ويوضح عضو البرلمان شير ولي وردك أن لديه معلومات تؤكد وجود خلافات عميقة بين غني وعبد الله بشأن تشكيل الحكومة، مرجّحاً عدم قدرتهما على التوصل إلى اتفاق قبل شهرين. ويشير إلى أهمية تدخل البرلمان لإجبار الطرفين على نبذ الخلافات والعمل معا لمصلحة البلاد.
بدوره، يرى النائب عبد الرؤوف إنعامي أن الحكومة تهتم بالشعارات وتترك وراءها الأمور الهامة والتحديات التي تواجهها أفغانستان في الظروف الراهنة، مطالباً رئيس الجمهورية تشكيل الحكومة في غضون أيام.
لكن ثمة من يشير إلى تدخل أجنبي لعرقلة تشكيل الحكومة. وتؤكد مصادر مقربة للرئيس الأفغاني، فضلت عدم نشر اسمها، لـ"العربي الجديد"، أنّ العقبة الأساسية أمام تشكيل الحكومة التدخل الأجنبي. وترى أن الزيارات المكثفة للمسؤولين الأميركيين إلى كابول قد عقدت الأمور أكثر، وأن عبد الله يملك ورقة ضغط على أحمد زاي تتمثل في معارضة الولايات المتحدة لبعض سياساته، وفي مقدّمتها تحسين العلاقات الباكستانية الأفغانية، التي ستساهم في القضاء على الجماعات المسلحة، إضافة إلى اهتمامه بدور بكين المتوقع لتطوير وتحسين الحالة الأمنية والاقتصادية في أفغانستان، خاصة وأن الأخيرة أبدت رغبتها في القيام بدور الوساطة بين "طالبان" والحكومة الأفغانية.
وعلى الرغم من فشله في تشكيل الحكومة حتى الآن، غير أن الرئيس الأفغاني أجرى تغييرات جذرية في الدوائر الحكومية وقام بإقالة شخصيات بارزة في الحكومة السابقة، بعضهم أمراء حرب أو المنتمون إليهم، تحسباً للفساد المالي والإداري. وأقدم الرئيس الأفغاني على خطوات هامة بشأن مكافحة الفساد في البلاد، ومنها فتح تحقيق في فضيحة بنك كابول، وإقالة حكام كل من إقليم قندز وبكتيا وهرات، إضافة إلى إقالة نحو ثلاثين موظفاً على خلفية الفساد المالي، وقيامه بزيارات خاصة لبعض الأقاليم والمحافظات، وإجراء تغييرات في المنظومة السياسية والأمنية في تلك الأقاليم.
دلالات