وكان ضياء

23 سبتمبر 2015
(الشهيد ضياء التلاحمة)
+ الخط -

عزيزي كمال، كان ينبغي أن أكون في افتتاح معرضك اليوم. كنت "أخطط" لهذا ولكن صمغ الظروف ألصقني بين حيفا والقدس. لندن باتت بعيدة. هي لم تكن قريبة يوماً.

لا تعرف.. هناك أمكنة تحبّك وتحبّها، وهناك أمكنة يعيش معها البشر حبّاً من طرفٍ واحد. وأنا منذ سنوات بعيدة تعلّمت أن أحبّ ما يحبّني، ولا أحد يحبّني أكثر من هذه الأرض الجريحة. صحيح أن طاقة الحبّ غير محدودة ولكنها تحتاج إلى تجميعها في مكان.

استيقظت اليوم من أحلام هي أقرب إلى الكوابيس، أعزاء راحلون يطلبون مساعدتي في بعض أمورهم، في الحلم أحمل همّهم وأفكّر أنها ديون طفولة عليّ تسديدها. وحين أستيقظ أجد أني غير مطالب بشيء. وهذا في الحقيقة ما يعذِّب.

فجر اليوم، وبينما كنت أعارك كوابيسي، استشهد في الخليل شاب آية في الشجاعة اسمه ضياء التلاحمة. عمره 23 سنة وهو في سنته الجامعية الرابعة. قبل فترة قصيرة نجح في دخول القدس التفافاً عن الحواجز التي تحاصرها. التقط رفاقه صوراً له قرب قبة الصخرة، وأيضاً من جبل الزيتون عند تلك النقطة التي تؤمّن أوجع إطلالة على المدينة.

بدا سعيداً، لا توجس ولا رهبة. وأظنه كان يحتفظ بذات الملامح وهو يتصدّى لدورية الاحتلال. ضياء. النور يتفلّت من الاسم ويغمر عالماً صلداً وموحشاً. لو كان الزمن مختلفاً لكان معرضك يفتتح اليوم في القدس، ولكان ضياء وأصحابه من ينقلون النور وبقية مستلزمات المعرض.


اقرأ أيضاً: كمال بُلّاطه.. التجريد بكثير من النور

دلالات
المساهمون