توفي، فجر اليوم الجمعة، الفنان القدير،وحمدي أحمد عن عمر يناهز 82 عاماً، عقب سلسلة أزمات صحية مرت به مؤخرا بسبب وجود تجمعات من الماء على منطقة الرئة ودخل بسببها المستشفى أكثر من مرة لإزالتها، لكن سرعان ما كانت تعود من جديد.
تميز الفنان حمدي أحمد بهيئته ونبرة صوته، ومفرداته، التي لم يغيرها أبداً، رغم كل إغراءات الوسط الفني، فكان معتزا بلغة الرجل الصعيدي حيث تعود جذوره الى محافظة سوهاج، في جنوب مصر، وكانت معظم الأدوار التي قدمها يظهر فيها بطبيعته الصعيدية التي كانت تروق له.
لم يهو حمدي أحمد لغة الأرقام أبداً، لذا فرغم التحاقه بكلية التجارة، لم يستطع الاستمرار في الدراسة بها وغير مساره تماماً، ليصبح ممثلاً. بعدما وجد أن هواية التمثيل التى كان يمارسها بين أصدقائه على المسرح المدرسي تسيطر على عقله ووجدانه فانتقل إلى معهد الفنون المسرحية بعد صراعات عاشها مع عائلته الصعيدية التى كانت غير مؤمنة أبداً بالتمثيل، ولا تنظر إليه على أنه "عمل" يدر الرزق ويفتح بيت مثلما يعتقدون، ولكن لم يلتفت حمدي لهذه الاقاويل التى كانت في نظره خرافات من لا يفهمون معنى الفن الذي يفهمه هو جيداً.
كان حمدي أحمد من الفنانين المؤمنين جداً بضرورة ربط الفن بالسياسة، وكان رأيه أن الفنان الذي لا يمتلك مسحة سياسية في فنه فهو إذن يقدم فناً "زي قلته"، بتعبيره. والأفضل أن يترك الفن. وكان رأي الفنان الراحل هذا نابعاً من كونه سياسياً محنكاً، فقد سبق وتعرض لتجربة السجن وهو لم يكن قد أتم عامه العشرين بعد، حيث سجنته قوات الاحتلال البريطاني لقيادته لمظاهرات ضدهم أُثناء دراسته الجامعية، كما كان عضواً بارزاً في مجلس الشعب وتميز بمعارضته للحكومة وكان مؤمناً كل الإيمان أن بعض الفنانين الذين كانوا أعضاء في مجلس الشعب مثل أمينة رزق، ومديحة يسري، ومحمود المليجي، وغيرهم، وكانت نماذج "سيئة" للفنانين البرلمانيين، والسبب في رأيه أنهم كانوا معينين من الرئيس ومن يعين من الرئيس بالتأكيد سيكون ولاؤه للرئيس بدون أدنى تفكير.
وعلى الرغم من اشتراك حمدي أحمد في عدد كبير وضخم من الأعمال سواء التليفزيونية أو السينمائية، منها "القاهرة 30"، و"عرق البلح"، وأبناء الصمت"، ومسلسلات"جمهورية زفتى"، وإمام الدعاة"، و"اللص والكلاب"، إلا إنه ابتعد في السنوات الأخيرة عن الفن وكان أخر عمل على النطاق السينمائي يقدمه هو فيلم"صرخة نملة"مع الفنان عمرو عبد الجليل منذ خمسة أعوام.
أما على النطاق التلفزيوني فظهر في آخر عمل عام 2013 من خلال مسلسل "في غمضة عين"، ومع داليا البحيري وأنغام، ومن بعدها مرّ حمدي بعدد من الأزمات الصحية كان قراره بعدها باعتزال الفن تماماً. ولكنه كان يرى أن التمثيل ما هو إلا فرع اعتزله من سلسلة فنون هو موهوب بها ككتابة المقالات في الصحف وحضوره الندوات والاحتفالات الذي كان متمسكاً بهم حتى آخر سنوات عمره.
اقرأ أيضاً: ممدوح عبد العليم: صدمة الرحيل المفاجئ