بحث وفد إيطالي يتكون من وزيرة الداخلية لوتشيانا لامورغيزي، ووزير الخارجية لويدجي ديمايو، بحضور مفوضين من الاتحاد الأوروبي، اليوم الإثنين، ملف الهجرة السرية مع الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال زيارة هي الثانية من نوعها، في ظل تزايد عدد المهاجرين، الذي بلغ في نهاية يوليو/تموز الماضي 5655 مهاجراً.
وقالت لامورغيزي في مؤتمر صحافي سبق الزيارة، إنها "تأتي في توقيت مهم، وهي مؤشر على الاهتمام ببلد يشهد صعوبات"، في مؤشر على الاستياء الإيطالي من تدفق المهاجرين من تونس.
وعبر الجانبان التونسي والإيطالي عن الرغبة المشتركة في تعزيز الشراكة في مختلف المجالات، خصوصا المجالين الاقتصادي والاجتماعي، بما يساعد على الحدّ من ظاهرة الهجرة، ومعالجة أسبابها العميقة. وأكد الرئيس قيس سعيد ضرورة اعتماد مقاربة شاملة وتوافقية في مجال الهجرة ترتكز بالأساس على محاربة الفقر والبطالة عبر دعم جهود التنمية، والتشجيع على الهجرة الشرعية، معتبرا أنّ الحلول الأمنية وحدها ليست كفيلة بالقضاء على الهجرة السرية.
وأوضحت كاتبة الدولة المكلفة بتصريف أعمال وزارة الشؤون الخارجية، سلمى النيفر، أن الرئيس عبّر خلال اللقاء، عن استعداد تونس المستمر لتطوير التعاون مع جميع الأطراف لإيجاد الحلول الكفيلة بالحد من هذه الظاهرة، والتأكيد على ضرورة فتح الآفاق للشباب التونسي للانتقال بشكل قانوني إلى أوروبا من خلال إبرام اتفاق شامل مع إيطاليا، مضيفة أن الجانبين سيواصلان مباحثاتهما من أجل إرساء مقاربة متكاملة حول ملف الهجرة، تأخذ في الاعتبار مختلف الجوانب والأبعاد، وتحفظ كرامة المهاجرين التونسيين.
وأفاد وزير الخارجية الإيطالي، أن اللقاء كان مثمرا، وأعرب عن استعداد بلاده لتقديم كل المساعدات اللازمة لتونس، وتوفير برامج للشباب، وأوضح أنه لا مجال لبقاء من يصل إلى إيطاليا بطريقة غير شرعية، وأن التفاوض بين الجانبين التونسي والإيطالي متواصل لإيجاد صيغ للتعاون الثنائي.
وأكد المفوض الأوروبي المكلف بالتوسع وبسياسة الجوار الأوروبية، أوليفر فاريلي، على استعداد المفوضية لتعزيز الشراكة القائمة مع تونس عبر خلق فرص شغل ومهن جديدة لفائدة الشباب، مبينا أن ذلك يعتمد على إصلاحات تقوم على التعاون من أجل مكافحة المهربين والمتاجرين بالبشر.
ووجه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، اليوم الإثنين، رسائل إلى الاتحاد الأوروبي وإيطاليا وإلى الرئيس قيس سعيد، مطالبا تونس بتصحيح الاتفاقيات السابقة مع الاتحاد الأوروبي، والتي لا تستجيب للتطلعات الشرعية للتونسيين في معاملة عادلة تضمن الحريات والحقوق.
وأكد المسؤول عن الإعلام بالمنتدى، رمضان بن عمر، لـ"العربي الجديد"، أن الرئيس التونسي أمام اختبار حقيقي لتحسين شروط التفاوض حول ملف الهجرة، وتغيير الاتفاقيات المجحفة التي أبرمتها تونس في إبريل/نيسان 2011، وأن على تونس القطع مع السياسات السابقة التي كانت ترضخ للجانب الإيطالي.
وتابع بن عمر أن "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس تغيرت، وبالتالي يجب أخذ هذه العوامل بعين الاعتبار، وإرساء علاقات جديدة مع الجانب الأوروبي والإيطالي، وإيقاف الاتفاقيات التي تمس بحقوق المهاجرين، أو تنتهك كرامتهم. هذه الزيارة الثانية من الجانب الإيطالي خلال شهر، وهناك محاولة لصناعة أزمة، واستغلال الملف التونسي لمزيد من الضغط، رغم انتهاك حقوق المهاجرين التونسيين بحسب الفيديوهات المسربة، وينبغي التحقيق فيها".
وأوضح أن "الطرف الإيطالي والأوروبي يحاول تكريس اتفاقيات تخدم مصلحته فقط، والضغط على تونس من خلال مصادرة الحق في التنقل والحقوق الإنسانية، ولابد من تغيير المعادلة من خلال الصدق في مساعدة تونس، لا تعميق الأوضاع والأزمات، وزيادة الاحتقان. محاولات استغلال أزمة المهاجرين تظهر فيها أيضا التجاذبات السياسية، فالوزيران الإيطاليان من أحزاب سياسية تسعى لتسجيل نقاط ومكاسب سياسية، والتعتيم حول الزيارة يثير عدة مخاوف، وسيكون امتحانا حقيقيا للسياسة الخارجية التونسية".
وأكد النائب عن جهة إيطاليا، سامي بن عبد العالي، أن "زيارة وزيري الداخلية والخارجية الإيطاليين إلى تونس، ستركز على أزمة الهجرة غير النظامية إلى السواحل الإيطالية، وستتناول مراجعة الاتفاقية الثنائية، والترحيل القسري، وعدم نجاعة المقاربة الأمنية، إلى جانب تحسين ظروف إقامة المهاجرين بمراكز الإيواء".