يُكشف ما أُثير عن تدخل مستشار ولي عهد أبوظبي، القيادي الأمني المطرود من حركة "فتح"، محمد دحلان، للتوسّط لحلّ أزمة سدّ النهضة بين مصر وإثيوبيا، قوة العلاقة بينه وبين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خصوصاً أن الأخير هو من طلب دعم دحلان، حسبما كشفت مجلة "نيوزويك" الأميركية، في عددها الصادر في 28 أبريل/نيسان الماضي.
وفي وقتٍ حذّر فيه دبلوماسي مصري من خطورة تدخل دحلان في موضوع السد، قائلاً "إن الأمر ليس في صالح مصر"، نفت مصادر خاصة في الخارجية المصرية لـ "العربي الجديد"، علمها بما نُشر في المجلة الأميركية. وذكرت أن "لا علم لدى الوزارة بقضية توسط دحلان بين مصر وإثيوبيا، حول حل أزمة سد النهضة". وأضافت المصادر، أن "الخارجية لم تكن على علم بتوسط جهات خارجية للتوصل لحل حول السد، بخلاف وساطة الرئيس السوداني عمر البشير، وهو أمر سبق أن أُعلن عنه، وبناءً عليه تمّ توقيع اتفاق إعلان المبادئ حول السدّ في السودان".
وأضافت المصادر أن "ما نُشر حول تحرّك دحلان للتوسط في موضوع السد، بعيد كل البعد عن التنسيق مع الخارجية، وهو أمر لو أُعلن من قبل كان سيثير أزمة داخل الوزارة". وكانت مجلة "نيوزويك" قد أفردت تقريراً مرفقاً بالصور، حول تفاصيل توسط دحلان في إبرام الاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان، لإنشاء سد النهضة على نهر النيل.
وكشف مصدر مقرّب من دحلان، عن كواليس الاتفاقات، قائلاً "دعانا رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ميرييم ديساليغنه، وكنا حريصين على الحضور"، وأضاف: "قمنا بوضع أسس الاتفاق بناء على طلبٍ من السيسي أيضاً".
ويرتبط دحلان والسيسي بعلاقات قوية، تحديداً منذ إطاحة الرئيس المعزول محمد مرسي من الحكم، كما يدعم السيسي وصول دحلان إلى منصب الرئاسة الفلسطينية بقوة، وفقاً لما كشفته مصادر خاصة لـ "العربي الجديد"، في وقت سابق.
اقرأ أيضاً "سدّ النهضة": خفض حصة مصر المائية ثلاثة أعوام
من جهته، قال الدبلوماسي المصري، السفير إبراهيم يسري، في حديثٍ إلى "العربي الجديد"، إن "مسألة تدخل دحلان لحل أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، دليل خطير، وتُشكّل تدنياً لوضع مصر في أفريقيا". وأضاف يسري، أن "تكليف السيسي لدحلان يُعدّ تفريطاً كبيراً في السيادة المصرية، لأن الاتفاق حول السدّ تمّ، كما تمّ توقيع اتفاق ثلاثي بعد الوساطة". وتابع يسري "تؤدي الإمارات دوراً محدداً في إثيوبيا، حيث تملك استثمارات كبيرة هناك، وهي إحدى الدول المستفيدة من بناء سد النهضة".
وأشار الدبلوماسي المصري، إلى أن "الاستثمارات الخليجية بصفة عامة في إثيوبيا كبيرة، على خلفية مساهمة السدّ، في حال استُكمل بناؤه، في زراعة مساحات واسعة من الأراضي، بما يخدم الخليج والإمارات". واعتبر أن "دحلان متورط في محاولة تقزيم دور مصر الإقليمي"، متسائلاً "هل عجزت مصر عن حلّ أزماتها مع دول المنطقة بشكل جيد وحكيم؟". ولفت يسري، إلى أن "ما يقوم به السيسي، بداية من طلب وساطة دحلان لدى إثيوبيا، وتوقيع عن إعلان المبادئ حول سدّ النهضة، يُعدّ أمراً خطيراً جداً، وله تداعياته على مصر في المستقبل القريب".
وأضاف سليمان في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أن "للإمارات استثمارات كبيرة في إثيوبيا، وبالتالي فمن الطبيعي جداً وجود جلسات مناقشات، سواء فيها أو في إثيوبيا". وتابع "تُشير الصور التي نُشرت بين دحلان ورئيس الوزراء الإثيوبي ورئيس المخابرات العامة المصرية، إلى أن ما حصل هو أمر طبيعي، ولا يُعتبر سراً بشكل كبير، نظراً لأن هذه اللقاءات تُعدّ طبيعية".
ولم يستبعد سليمان، "تدخل دحلان بموافقة الإمارات، على التوسط لحلّ أزمة سد النهضة، ولكن ليس بالصورة التي انتشر بها الخبر، خصوصاً أنه من الطبيعي، في ظلّ العلاقات التي تتمتع بها الإمارات مع مصر وإثيوبيا، التدخل لمحاولة حل الأزمة".
وشدّد الخبير العسكري، على أن "الإمارات مستفيدة من سد النهضة في زراعة مساحات واسعة من الأراضي، في ظل الاستثمارات الكبيرة في إثيوبيا، وبالتالي من الطبيعي أن تكون حريصة على عدم إثارة أزمات بين مصر وإثيوبيا، في ظلّ تمتعها بعلاقات قوية بين الطرفين". وأشار إلى أن "تدخل دحلان، في حال ثبت، يُعدّ طبيعياً على ضوء عمله مستشاراً لدى الإمارات، ومن المؤكد أن الأمر سيكون بتكليف، وليس بتدخل فردي منه".
اقرأ أيضاً سدّ "النهضة": إشكالية مصرية ووساطة سودانية