بعد عملية مراجعة وتنقيح عدد من المقررات الدراسية في مادة التربية الإسلامية لمستويات تعليمية مختلفة في المغرب، تعكف وزارة التربية الوطنية على مراجعة المواد والمناهج العلمية، بهدف تحويلها إلى مواد ناجعة ومثمرة أكثر، وتفيد المستقبل العلمي للتلاميذ المغاربة.
وجاء الإعلان عن هذا التوجه الذي يقضي بمراجعة المناهج العلمية في المقررات الدراسية من طرف كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، خالد الصمدي، أمس الأربعاء، في ورشة حول التربية العلمية، أكد فيها أن المراجعة تشمل أساليب التربية العلمية في المؤسسات العلمية، من حيث البرامج والمناهج والتقويم.
ووفق المسؤول الحكومي ذاته، فإن مراجعة المناهج والمواد العلمية تأتي من أجل التركيز على التثقيف العلمي، عوضا عن الاكتفاء بحشو ذهن المتعلم بمعلومات ومعطيات علمية جافة قد تتجاوزها الأبحاث العلمية المتطورة، حيث يكون إدماج الثقافة العامة ركيزة من ركائز هذه المواد العلمية.
وزارة التربية الوطنية المغربية تسعى من وراء مراجعة المناهج والمقررات العلمية لعدد من المستويات الدراسية، إلى العمل بالنظام الذي تعتمده المدارس في الولايات المتحدة الأميركية مثلا، من خلال النأي عن الحفظ والتلقين في المعلومات العلمية، والاعتماد أكثر على الثقافة العلمية الواسعة.
وفي هذا السياق، أفاد تقرير جديد للبنك الدولي أنّ عددا من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن بينها المغرب، تسعى إلى الابتعاد عن نظام الحفظ والتلقين في المواد العلمية، واتباع مناهج أكثر إبداعية تستند على التحليل النقدي، موردا أن زهاء نصف التلاميذ المغاربة في مستويات الإعدادي مطالبون بحفظ المبادئ العلمية.
ويقول الخبير التربوي والتعليمي، محمد الصدوقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ مراجعة مقررات ومؤلفات تدريس المواد العلمية (وتسمى مادة النشاط العلمي في المدرسة الابتدائية)، لم تشمل، حتى الآن، سوى المستويين الأول والثاني من التعليم الابتدائي، ومن أبرز التغيرات التي شملتها المراجعة هو تبني منهج التقصي العلمي، وهو لا يختلف كثيرا عن المنهج العلمي المعروف عموما.
ويبسط الصدوقي عددا من الملاحظات بشأن تدريس المواد العلمية في المدارس المغربية، والتي يجب أخذها بعين الاعتبار في أي مراجعة إصلاحية للبرامج والمناهج العلمية، أولها من الناحية المنهجية أن المدرسة المغربية لا تربي المتعلمين على كيفية بناء المعرفة العلمية باعتماد كل خطوات المنهج العلمي، مثل الملاحظة، والفرضية، والتجريب، والاستنتاج.
ويسجل المتحدث أيضا، أن المدرسة المغربية تكتفي بتلقين المعلومات العلمية فقط عن طريق الصور والحفظ، وعدم القيام بأهم خطوة في المنهج العلمي، وهي التجريب للتحقق من الفرضيات وبناء المعرفة العلمية، حيث تغيب المختبرات التجريبية من المدارس، وكذلك المواد والوسائل الضرورية للقيام بالتجارب المطلوبة.
وثاني الملاحظات بخصوص الكتب المدرسية، يقول الصدوقي "إن معظم الكتب المدرسية العلمية من حيث الصور والرسوم التوضيحية والمساعدة، تعد ناقصة وغير واضحة فنيا أو غير ملائمة لموضوعات الدرس، أو لا تتضمن معلومات كافية".
والملاحظة الثالثة، بحسب الخبير، تهم البرامج، إذ إنها لا تغطي بكيفية دالة الموضوعات الكلاسيكية للعلوم الفيزيائية والكيميائية، كما أن أغلبها من حيث المحتويات طويلة وغير مناسبة تماما للعمر النمائي للأطفال المتمدرسين ومستواهم الدراسي.