لسنوات طوال ظلت دول الخليج تتمتع بفائدة مصرفية أقل كثيراً من نظيرتها عربياً، اعتماداً على الفوائض المالية للنفط ومحاولات تشجيع القطاع الخاص، فضلا عن إتاحة المجال بشكل أكبر للإنفاق الاستهلاكي اعتماداً على القروض الميسرة المنخفضة القيمة، كجزء من سياسة الرفاهية الاجتماعية.
لكن في ظل تهاوي أسعار النفط لأكثر من 50% منذ يونيو/حزيران 2014، واضطرار بعض الدول إلى طرح سندات كأدوات اقتراض محلية لسد عجز موازناتها، معتمدة في ذلك على السيولة المتاحة لدى مصارفها، أصبح احتمال ارتفاع أسعار الفائدة بشكل تدريجي قائماً، لتشجيع المصارف على إقراض الحكومات عبر شراء سنداتها.
فمنافسة الحكومات للقطاع الخاص على المدخرات، تؤدي حتماً إلى زيادة أسعار الفائدة ترغيبا لشراء السندات الحكومية، ما يكون له تأثير سلبي على نمو الاستثمار وكذلك على الرفاهية الاجتماعية حيث تزيد تباعا تكاليف الديون على المقترضين الأشخاص.
وفي دولة مثل المملكة العربية السعودية، تشير الأرقام إلى أن حجم التمويل الاستهلاكي في الربع الأول من العام الماضي الجاري بلغ 314 مليار ريال (83.7 مليار دولار)، مقابل 294 مليار ريال في نفس الفترة من العام الماضي (78.5 مليار دولار).
وبشكل عام ارتفع الائتمان المصرفي في السعودية إلى 1.3 تريليون ريال خلال مايو/أيار الماضي، مقارنة بنحو 1.19 تريليون ريال في نفس الشهر من 2014، بنمو بلغت نسبته 9.6%، ما يعادل حو 114.5 مليار ريال (30.5 مليار دولار).
وفي ظل منافسة الحكومات للقطاع الخاص والأفراد العاديين في الاقتراض من المصارف، فإنه لا يتوقع استمرار حصة من هم دون الحكومات على ما هي عليه أو بقاء التمتع بالفائدة الميسرة والمنخفضة عن ذي قبل.
ويبدو أن دول الخليج، والتي طالما كانت تصرح بأنها لن تتأثر كثيراً بهبوط أسعار النفط عالمياً اعتماداً على مخزون ضخم من احتياطي النقد الأجنبي والذهب، بدأت مبكراً في المعاناة.
يوماً تلو آخر، تخرج دولة جديدة من دول مجلس التعاون الخليجي لتعلن تسجيل عجز في موازنتها، هو الأول من نوعه في سنوات طويلة، واتجاهها إلى الاقتراض لسد هذا العجز، الأمر الذي قد يؤشر إلى بدء مرحلة اقتصادية واجتماعية جديدة.
اقرأ أيضاً: الخليج الغني يقترض