ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الإثنين، أنّ مركزاً لجهاز الأمن العام الإسرائيلي، (الشاباك)، أكّد بعد استشهاد المربي يعقوب أبو القيعان برصاص الشرطة الإسرائيلية، التي استهدفت سيارته في 18 يناير/كاون الثاني الماضي، أن الشهيد لم يحاول دهس عناصر الشرطة، أثناء قيامها بمحاصرة قريته ومنزله.
وأفادت الصحيفة العبرية، بأن محقق الشاباك، أجرى تحقيقات ميدانية بعد وقت قصير من قتل أبو القيعان، وجمع شهادات من عناصر الشرطة في المكان، ومن الشهود العيان من أهالي القرية، وأعلن لعناصر الشرطة على الفور أن أبو القيعان خلافاً للادعاءات لم يكن ناشطاً فدائياً ولم يخطط لتنفيذ عملية دهس بل انحرفت سيارته بفعل إطلاق النار عليه من قبل أحد عناصر الشرطة، مما جعله يفقد السيطرة على مركبته ويتدهور في منحدرات القرية ويدهس الشرطي الإسرائيلي الذي قتل دون أن يكون أبو القيعان قاصداً ذلك.
وبين تقرير "هآرتس" أنّ خبير حوادث الطرق الذي قام بفحص مسار سيارة الشهيد أبو القيعان منذ خروجه من منزله وحتى اصطدامه بالشرطي الإسرائيلي، أثبت أن سيارة الشهيد كانت تسير بالمسار نفسه بعد فقدان السيطرة عليها بسبب الوضع الطبوغرافي للموقع، وهو منحدرات شديدة.
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من هذه الوثيقة التي وضعها محقق الشاباك وشهادة خبير حوادث الطرق، وتصريحات لرئيس قسم التحقيقات مع الشرطة في وزارة العدل بأن الحادث كان عرضياً، وأنه ينبغي تبرئة الشهيد أبو القيعان من تهم الانتماء لتنظيم "داعش" الإرهابي وتنظيمات أصولية، إلا أن المدعي العام لدولة الاحتلال شاي نيتسان، قرر في الأول من مايو/أيار الماضي عدم الحسم بهذا الاتجاه وإغلاق الملف بادعاء وجود أدلة لكلا الاتجاهين وعدم القدرة على حسم الموضوع، وعدم تقديم المجرمين للمحاكمة.
وأوضحت الصحيفة، أنّ قرار نيتسان جاء عملياً بفعل ضغوط مارستها عليه جهات عليا، خاصة وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، والمفتش العام للشرطة الإسرائيلية، روني الشيخ، حيث يواصل الأخير الادعاء؛ رغم تقرير محقق "الشباك" أن الشهيد أبو القيعان كان "إرهابياً".
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد حاصرت في السابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي قرية أم الحيران في النقب في أوج مفاوضات بين أهالي القرية وممثلي الحكومة الإسرائيلية، التي هدفت إلى محاولة فرض تعويضات مالية على سكان القرية، مقابل ترحيلهم عن قريتهم وهدم بيوتها تمهيداً لإقامة مستوطنة يهودية على الأراضي ذاتها التي تحمل الاسم نفسه "حيران"، بحجة أن أهالي أم الحيران أقاموا قريتهم بدون رخص بناء وأنهم "استولوا على أراض للدولة".
ومن المعلوم أن أهالي القرية كانوا قد نقلوا إلى موقع أم الحيران في ستينيات القرن الماضي على يد حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد ترحيلهم من موطنهم الأصلي في وادي زبالة إثر نكبة عام 1948 وإقامة مستوطنة زراعية على أراضيهم تدعى كيبوتس شوفال.
وعند الفجر، بينما كان أبو القيعان يغادر منزله في سيارته، أطلق عناصر من الشرطة النار باتجاه سيارته فانحرفت عن مسارها، ثم أطلق شرطي آخر النار باتجاه أبو القيعان، فأصيب بجراح قتل على أثرها بعد منع تقديم العلاج له لعدة ساعات. كما أصيب في تلك الليلة رئيس القائمة المشتركة للأحزاب العربية والحزب الشيوعي الإسرائيلي، النائب أيمن عودة بعيار مطاطي في مقدمة الرأس.
وأدى استشهاد أبو القيعان إلى مواجهات مع الشرطة الإسرائيلية، وتظاهرات في أنحاء مختلفة من الداخل الفلسطيني. واضطرت التظاهرات شرطة الاحتلال إلى تسليم الجثمان بعد احتجازه 48 ساعة في محاولة لفرض مراسم تشييع سرية مع عدد محدود من أقارب الشهيد، إلا أن أكثر من عشرين ألف فلسطيني من الداخل، هرعوا إلى النقب وشاركوا في مراسم تشييع الشهيد إلى مثواه الأخير.
وتحاول حكومة الاحتلال الإسرائيلي ترحيل سكان 45 قرية عربية في النقب تدعي أنها قرى غير معترف بها وتقوم على أراض متنازع عليها مع الدولة، حيث تطمع الحكومة الإسرائيلية بوضع أياديها على أراضي هذه القرى التي تصل مساحتها إلى نحو مليون دونم.