واشنطن وأنقرة: زواج متعب وطلاق ممنوع

واشنطن

فكتور شلهوب

avata
فكتور شلهوب
01 مايو 2017
56E5B08F-E923-4898-99EF-7DCAEF8772FF
+ الخط -

تجاوزت العلاقة المتوترة بين الحليفين الأميركي والتركي، في الأيام الأخيرة، لغة العتب والتأفف لتدخل دائرة التعبير، ولو المضمر، عن التذمر والضيق، خصوصاً من جانب واشنطن. آخر التعابير جاء على لسان الكولونيل في القوات الجوية الأميركية، جون دوريان، والذي أعرب عن عدم الرضى، إذا لم يكن الامتعاض، من العمليات التركية في سورية والعراق أخيراً. وزعم أن الحليف اكتفى "بإخطار قوات التحالف بالضربات قبل أقل من ساعة على حصولها، ما بدا وكأنه إشعار، وليس بقصد التنسيق المتوقع من شريك وحليف في محاربة داعش". وعزا دوريان عدم ارتياح البنتاغون لكون الوقت لم يكن كافياً "لضمان سلامة قواتنا على الأرض". اللغة ذاتها تحدّث بها الخميس الماضي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر، والذي قال إن "الغارات التركية وضعت قواتنا هناك في دائرة الخطر". وأخذ على أنقرة "عدم التزامها بالتنسيق"، مبدياً استياء الإدارة الأميركية من "هذا العمل غير المقبول". وكان سبق أن أبدى مثل هذا الاعتراض بعد قيام الطائرات التركية بشن هجمات داخل العراق.

هذا الخطاب ليس بجديد، غير أنه بات يتردّد بصوت أعلى. ويعود هذا الخطاب إلى بدايات تركيب التحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وقتها تأخرت أنقرة في الانضمام إليه، لأسبابها وحساباتها. وعلى الأثر توالت الزيارات الأميركية إلى أنقرة لتطويق التباين. "لم يبق مسؤول من البنتاغون أو الخارجية إلا وأجرى لقاءات مع المسؤولين الأتراك" على ما قال الجنرال المتقاعد، تاري وولف، في ندوة عقدتها "مؤسسة الشرق الأوسط" قبل أيام. لكن التأزّم تواصل. لا إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، نجحت في احتوائه، ولا محاولات إدارة الرئيس دونالد ترامب تمكّنت من تصحيح العلاقة. والسبب أن المسألة أبعد من غياب التفاهم حول آليات التنسيق الميداني، أو تعريض القوات الأميركية هناك للخطر بفعل الضربات التركية. هي ناشئة عن معادلة أعقد وأعمق. فواشنطن تجد نفسها بين حليفين لدودين، هي بحاجة لهما في المواجهة مع "داعش": تركيا والأكراد. لا هي قادرة على التخلّي عن أي منهما، ولا تستطيع التوفيق بينهما، حتى في إطار هذه المواجهة. وفي حقيقة الأمر، هي متعاطفة مع الطرف الكردي، خصوصاً السوري، لكونه "القوة الموثوقة" الموجودة على الأرض، والتي لا يجد الأميركيون غنى عنها لاسترجاع الرقة. وربما كانت لهجة الاعتراض الأميركي هذه المرة أشد، لأن الغارات التركية "قتلت عدداً كبيراً من المقاتلين الأكراد" حسب البنتاغون. بل إن التعاطف يذهب في واشنطن عموماً إلى أبعد من ذلك. معظم النخب المعنية بالشؤون الخارجية لا تخفي انحيازها للأكراد في المنطقة. وبعضهم يجاهر بالدعوة إلى وجوب دعم واشنطن "لطموحاتهم الوطنية" الكردية. وأنقرة تدرك ذلك. وثمة من يربط بين هذه الحقيقة وبين رفض تركيا القاطع لأي دور كردي مشارك مع الأميركيين في سورية، خشية أن يعزز ذلك من النزوع الاستقلالي الكردي، وامتداد عدواه إلى الشرق التركي الكردي.

الجانب الكردي حليف ميداني تستقوي به واشنطن في الصراعات الجارية في العراق وسورية. مأزق واشنطن أنها بقدر ما هي عازمة على الاحتفاظ به، بقدر ما هي غير قادرة على حمايته وإشراكه في معركة الرقة، إلا إذا قررت فرض ذلك على أنقرة، وبالتالي المجازفة بتعميق الأزمة معها. ولا يبدو أن بحوزة واشنطن خطة حول كيفية التغلب على هذه الإشكالية حتى الآن. "لا خيار لنا إلا الاستمرار بإدارة هذه المشكلة، ولو أن ذلك لن يكون بالأمر السهل"، كما يرى وولف.

ذات صلة

الصورة
دونالد ترامب ومحمود عباس بالبيت الأبيض في واشنطن 3 مايو 2017 (Getty)

سياسة

أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيعمل على إنهاء الحرب وأبدى استعداده للعمل من أجل السلام
الصورة

سياسة

على الرغم من إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، إلا أنه ما زال يواجه تهماً عديدة في قضايا مختلفة، وذلك في سابقة من نوعها في البلاد.
الصورة
هاريس تتحدث أمام تجمع النتخابي في واشنطن / 29 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

حذرت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في خطاب أمام تجمع انتخابي حضره أكثر من 70 ألفاً في واشنطن من مخاطر فترة رئاسية ثانية لمنافسها الجمهوري دونالد ترامب.
الصورة
أسلحة للعراق الجيش العراقي خلال مراسم بقاعدة عين الأسد، 29 فبراير 2024 (أحمد الربيعي/فرانس برس)

سياسة

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، وجود ضغوط إسرائيلية على دول أوروبية وآسيوية لعرقلة بيع أسلحة للعراق وأنظمةة دفاع جوي.