واشنطن ترى "داعش" أخطر من النووي الإيراني

07 يوليو 2015
كيري في مفاوضات فيينا (كارلوس باريا/فرانس برس)
+ الخط -
من المتوقع تمديد المحادثات الغربية الإيرانية الجارية في العاصمة النمساوية فيينا حتى يوم الخميس، وفقاً لما أفاد به دبلوماسيون غربيون، في مؤشر إلى أن احتمالات التوصل إلى اتفاق لا تزال قائمة. وفي حال التوصّل إلى اتفاقٍ، يتعيّن على إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عرضه على الكونغرس، من أجل التعجيل بمراجعة تستمرّ لمدة 30 يوماً.

وكشف خبراء أميركيون في الصناعة النووية لوسائل إعلام أميركية، أن "مسودة الاتفاق النهائي تتضمن السماح لإيران بخمسة آلاف جهاز طرد مركزي"، محذّرين من أن "باكستان صنعت قنبلتها النووية بثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي فقط".

وفي الوقت الذي يسود فيه التجاهل شبه التام مواقف حلفاء الولايات المتحدة العرب من الاتفاق مع إيران، أكد مصدر في وزارة الأمن الداخلي الأميركي لـ "العربي الجديد"، أن "التفجيرات الأخيرة التي شهدتها بلدان عربية متباعدة (مصر، والكويت، وتونس، واليمن)، عززت من موقف المؤيدين للتصالح مع إيران في الأجهزة الأمنية الأميركية".

ولفت إلى أن "الوكالات الأمنية سيكون لها دور حاسم في تشكيل الرأي الأخير للرئيس أوباما بما يتعلق بالاتفاق النهائي بشأن مشروع إيران النووي". وأوضح المصدر أن "نقاشاً ساخناً يدور حالياً في أوساط الأجهزة الأمنية الأميركية، للموازنة بين خطرين آتيين من منطقة واحدة".

وتابع أن "الخطر الأول يكمن في خطر السلاح النووي الإيراني، الذي يُمكن ردعه، بينما يتمثل الخطر الآخر في انتشار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي بات من الصعب السيطرة عليه، إلا بمغامرة بريّة أميركية غير مضمونة النتائج".

اقرأ أيضاً: ضغوط إسرائيلية بالكونغرس لإجهاض الاتفاق النووي الإيراني 

وعلمت "العربي الجديد"، أن "أوباما يميل شخصياً للرأي المنادي بانسحاب الولايات المتحدة كلياً من المنطقة، وترك العرب يواجهون مشكلاتهم بأنفسهم". وأشارت إلى أن "أوباما لم يخفِ تبرّمه من تقاعس دول الخليج في محاربة تنظيم داعش، بالمقارنة مع الحزم الذي أبدته مع تنظيمات مسلّحة أخرى".

لكن المصادر ذاتها شددت على أن "الانسحاب الأميركي من المنطقة العربية لن يتم في عهد أوباما، كما لن يحصل قبل التوقيع على اتفاق مع إيران بشأن مشروعها النووي، والوثوق من صدق نيتها في تأدية دور إقليمي إيجابي".

وعلى الرغم من أن تأثير إدارة أوباما الحالية بات قصير المدى، ولن يكون بوسعها رسم استراتيجية تتعلق بالسياسة الخارجية قابلة للتطبيق في عهد رئيس جديد، خصوصاً إذا كان منتمياً إلى الحزب الجمهوري، إلا أن فكرة "الانسحاب من الشرق الأوسط والتوجه نحو الشرق الأقصى"، بدأت تجد صداها في الأوساط السياسية والأمنية الأميركية، بسبب تناقص الاعتماد الأميركي على نفط الشرق الأوسط، وتزايد التحديات الأمنية والأعباء الاقتصادية التي سببتها المنطقة للولايات المتحدة.

إلى ذلك، تزداد التحديات الأمنية والاستراتيجية المتنامية التي تُمثّلها مناطق جغرافية أخرى في العالم، وتحديات الفضاء الإلكتروني، ويزداد معها نسبة المنادين بتحصين الولايات المتحدة من هذه الأخطار والتخفيف من عبء منطقة الشرق الأوسط. كما بدأت بعض الأوساط البحثية ذات الارتباطات الاستخبارية، تسوّق لفكرة "الاستعانة بإيران لكبح جماح الإرهاب"، في ظلّ زعم شخصيات أخرى بأن "إيران يُمكن أن تصبح قوة إقليمية إيجابية".

وفي الوقت الذي بدأ فيه هؤلاء، ينادون بـ "توطين النفس على التعايش مع إيران نووية، فإن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لا يزال يُبدي خشيته من آراء علماء الذرّة الأميركيين في الاتفاق المحتمل توقيعه مع إيران هذا الأسبوع. واعتبر بأن "الاتفاق غير كافٍ لمنع إيران من صنع القنبلة النووية".

وتعرّض كيري في المقابل إلى ضغوط قوية، وصفتها مصادر لـ "العربي الجديد"، بأنها "وصلت إلى درجة التهديد من الصين وروسيا بفك الحصار الاقتصادي عن إيران، إن لم يتم التوصل إلى اتفاق". وتضافرت هذه الضغوط مع تزايد التهديدات المنسوبة لـ "داعش" في الداخل الأميركي، لتُخفف إلى حدٍّ كبير من حدة المعارضة الجمهورية لمشروع الاتفاق، بعد تراجع لهجة المعارضين من "الرفض المطلق" إلى الاكتفاء بمطالب "عدم التسرّع" والعمل على إجبار إيران بتقديم تنازلات حاسمة ترضي المتخوفين من الاتفاق.

ومن اللافت أن جماعات الضغط السياسية والإعلامية في واشنطن، المشتبه بتلقّيها تمويلاً من إيران وروسيا والصين، تحرّكت هذا الأسبوع بكثافة لتسويق الاتفاق المنتظر، اعتماداً على تكتيك جديد، لا يتضمّن إبراز محاسن الاتفاق وتبرير عيوبه، بقدر من يركز على التخويف من عواقب عدم إنجازه، ومن عواقب مواجهة إيران و"داعش" في آنٍ واحد.

ومع عقد كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف سلسلة اجتماعات في فيينا يوم الأحد، لمناقشة ما تبقّى من عقبات، لوحظ أن برامج الأحد الإخبارية في القنوات الأميركية الرئيسية، شهدت تزايداً في عدد المعلّقين المؤيدين لإنجاز الاتفاق والمحذّرين من خطورة التراجع الأميركي عن التوقيع عليه، بحجة أنه "سوف يفتح الطريق أمام إيران لصنع سلاح نووي خلال عام أو عامين".

لكن التسريبات الخارجة من فيينا، تشير إلى أن "التصريحات التي يدلي بها كل من وزيري خارجية الولايات المتحدة وإيران، تخاطب الجمهور المحلي في بلديهما، ولا تتماشى مع حقيقة التقارب الفعلي الذي تم إنجازه خلال الأيام القليلة الماضية".

وكان كيري قد لوّح يوم الأحد بالانسحاب من المفاوضات إن لم يتم التوصل إلى اتفاق جيد، مشيراً إلى أن "وصف الاتفاق بالجيد أو غير الجيد، سوف يعتمد على ما يقوله الخبراء بشأن مدى إحكام الرقابة والتفتيش على المنشآت الإيرانية، لمنعها من صنع قنبلة نووية".

وتأتي تصريحات كيري عقب رسالة تلقتها الإدارة الأميركية من مجموعة علماء ذرة أميركيين وخبراء في الصناعة النووية، أعربوا فيها عن استعدادهم لدعم أي اتفاق "جيد" يضمن وجود تفتيش فعال للمنشآت الإيرانية.
وطالب كيري إيران بتقديم تنازلات أخيرة حاسمة، قائلاً إنه "بالإمكان التوصل لاتفاق نووي معها هذا الأسبوع، إذا قبلت طهران خيارات صعبة". من جهته، أقرّ ظريف بوجود بعض الخلافات بين إيران والقوى الست الكبرى، لكنه أكد أن "الجميع يعمل بجدّ لتذليل العقبات وإنهاء الخلافات، التي تحول دون توقيع الاتفاق".

اقرأ أيضاً: مفاوضات "النووي الإيراني" تقترب من النهاية

المساهمون