ونقلت الصحيفة عن سامي نصار، أستاذ التربية بجامعة القاهرة "التاريخ تُعاد كتابته من جديد"؛ فالمناهج انعكاس للنظام السياسي القائم؛ والذي يسعى حاليا لتمجيد السيسي، ووصفه بالبطل القومي الذي وضع مصر على الطريق الصحيح.
وأشارت الصحيفة: منذ ثورة 1952 وقيام مجموعة من ضباط الجيش بالإطاحة بالملكية، أصبح التعليم امتدادا للحكومة وقدمت المناهج الدراسية عرضا للروايات الموالية والمتوافقة مع النظام السياسي آنذاك، وتطور تسييس المناهج ودخل مرحلة غير مسبوقة بمحوه إسهامات ونضال كل معارض للنظام، وخير دليل اختصار المناهج الدراسية المصرية ثورة 25 يناير؛ والتي أطاحت بحكم المستبد حسني مبارك بعد استمراره ثلاثين عاما، في بضع فقرات سطحية، دون التطرق لأسباب الثورة أو الغضب الشعبي من المحسوبية والفساد والظلم، ولم يرد ذكر النشطاء الذين أطلقوا شرارة الثورة وقادوا الحراك الشعبي، كذلك تم تحقير جماعة الإخوان المسلمين بأنها مجرد جماعة ركبت الثورة ولم تشارك أو تدعو لها.
وبحسب الصحيفة، يرى محللون أن تغيير المناهج وإزالة بعض الشخصيات، ومحو بعض الأحداث مخطط لتعزيز سلطة السيسي في الحكم والتقليل من المعارضة والانتفاضات ضده، في حين يرى البعض أن التغييرات أكبر دليل على أن النظام التعليمي في مصر يحاول إرضاء الحاكم، ويعزز من مكانته بدلا من تدريس الأحداث بموضوعية وحيادية.
وفي نفس الإطار يضيف نصار: التاريخ ليس تاريخ الشعب، بل تاريخ الحاكم، فواضعو الكتب الدراسية دائما ما تكون أعينهم على الحاكم؛ وهي طريقة لإغرائه وتحسين صورته لدى الشعب، وبالتالي زيادة مؤيديه.
وأعلنت الصحيفة رفض وزارة التربية والتعليم العديد من الطلبات للتعليق بشأن تغيير المناهج الدراسية، إلا أن المتحدث الرسمي لوزارة التربية والتعليم، بشير حسن قال في تقارير لوسائل الإعلام المحلية إنه تمت إزالة اسم "البرادعي" من المناهج في عهد وزير التعليم السابق، مضيفا أن تحقيقا يجرى بشأن هذا القرار بناء على شكاوى أولياء الأمور.
وتوضح واشنطن بوست أن تغيير المناهج بغرض السياسة لم تكن بدايته مع تمجيد شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي فحسب، فالبداية كانت مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما ذكرت الكتب الدراسية أنه أول رئيس لمصر، في حين أن محمد نجيب هو أول رئيس فعلي للبلاد، واستمر الوضع في عهد كل من السادات ومبارك، ومجدت الكتب الدراسية من قيادتهم العسكرية أثناء النزاع بين مصر وإسرائيل، حتى حصل كلا الرئيسين على مزيد من الشرعية.
وبعد تولي محمد مرسي كأول رئيس منتخب ديمقراطيا 2012 تم تغيير المناهج بما يعزز وجهة نظر جماعة الأخوان المسلمين، وتمت إعادة صياغة الكتب لتشمل صورا لنساء يرتدين الحجاب.
وبعد عام تمت الإطاحة بمرسي بانقلاب عسكري قاده عبد الفتاح السيسي، وحُظرت جماعة الإخوان المسلمين، وطُبعت مقررات جديدة تصف الإخوان بالجماعة الفاسدة المتعطشة إلى السلطة كما أُدرجت بـ "الجماعة الإرهابية". وفي العام الماضي فقط، حذفت وزارة التربية والتعليم بمصر قصص وبطولات كل من صلاح الدين وعقبة بن نافع بحجة أنها تحث على التطرف والإرهاب.
واختتمت الصحيفة تقريرها بوجود قلق بين الخبراء حيال تغيير التاريخ والمناهج بحسب الحالة السياسية وأهواء الحكام، بما يجعل من هذه المناهج مرجعا غير موثوق به، حتى وصل الحال إلى اختصار العملية التعليمية في مجرد الحصول على شهادة في ظل إهمال الدولة لدور التعليم في تشكيل الهوية الوطنية.
* ترجمة رشا عبيد