واحات المغرب..هاجس الحصول على فرصة عمل يطارد الشباب

13 مايو 2015
واحات المغرب لم يعد فيها فرص عمل كافية للشباب(Getty)
+ الخط -
لا يخفي محمد الفيلالي افتخاره بالانتماء إلى مدينة أرفود الواقعة في الجنوب الشرقي من المغرب.
ويتعلق كل أبناء المدينة بها هي ذات البيوت الطينية، التي يحجب طلعتها نخيل لا يبخل على أهل المدينة بتموره.
هذا الشاب استقر به المقام بمدينة مكناس كي يعمل مساعداً لأحد التجار هناك، بعد عدم نجاحه في الحصول على عمل في أرفود، ويعبر الفيلالي عن أمله في العودة إلى مسقط رأسه في يوم من الأيام إذا ما تأتى له العمل، فهو لا يرتضي عن واحات ونخيل مدينته بديلا، لكن للحاجة حكمها. وكلما سنحت له الفرصة لا يتردد في زيارتها.
وأرفود، هي إحدى الواحات المنتشرة في أرجاء البلاد وتشتهر بتمورها النبيلة، التي يسعى إليها الجميع، لها نصيب من السياحة الثقافية والعلاجية، تثير الاهتمام بحفرياتها ونقوشها الصخرية التي لم ينل منها الزمن.
ونخيلها الذي يحيط بك من كل مكان، يعتبر مصدر عيش ساكنة الواحة، حيث تعول عليه كثيرا في معاشها، وتبعث المشاريع التي ترمي إلى إعادة الأمل في نفوس الشباب التواق إلى شغل يجنبهم البعد عن الأهل والبحث عن عمل في المدن الكبيرة، ولكن مع الجفاف يتراجع الإنتاج ويضطر الشباب إلى هجرة واحتهم لمناطق أخرى بحثاً عن العمل.
ويعمل بعض سكان المدينة في البناء، لكنه يعتبر نشاطاً ثانوياً وغير مجز، هم يعولون، كما أهل الواحات الأخرى على التمور.
وبحسب، وزيـر التعمير وإعداد التراب المغربـي، امحند العنصر، في تصريحات سابقة، تفوق مساحة واحات المغرب 115 ألف كيلومتر مربع.
ومن جانبها، التزمت وزارة الفلاحة بمستقبل واعد لتلك الواحات التي تتوفر على ثروة طبيعية لم تخذلها على مدى قرون، رغم الجفاف والأمراض التي تزحف على النخيل. ووعدت الوزارة بتجاوز عدم استقرار إنتاج التمور جراء ضعف التساقطات المطرية، عبر تشييد سد يتيح توفير المياه لخمسة آلاف هكتار، كما شجعت التعاونيات على تشكيل اتحادات من أجل توفير مبردات تتيح حفظ التمور.

هذا يشكل جزءا من المخطط الذي يروم من ورائه المغرب، سابع منتج للتمور في العالم، إلى حسن استثمار الإمكانات التي يوفرها هذا القطاع.
فوزارة الفلاحة، كانت قد كشفت قبل خمسة أعوام عن رغبة المغرب في الوصول في 2020، إلى جني 168 ألف طن من التمور بقيمة 800 مليون دولار. هذا هدف سيتحقق عبر التصدير الذي ينتظر أن يرتفع في ذلك الأفق من 1200 طن إلى 5000 طن.
لكن في انتظار تحقيق تلك الأهداف، يبقى هاجس الحصول على فرصة عمل مسيطراً على شباب المدينة. صحيح أن المدينة معروفة بالسياحة الثقافية والعلاجية، لكن الشاب محمد العشريني يرى أن الفرص التي تتيحها قليلة، ثم إن الفنادق القليلة التي تتوفر للمدينة، تأتي، في غالب الأحيان، بخبرات من خارجها. زد على ذلك، أن النشاط السياحي في المدينة، يتخذ طابعاً موسمياً.
وفي الطريق إلى سوق أرفود الذي يقصده كل زائر من أجل التزود بالتمور النبيلة مثل "المجهول" و"الفكوس"، بالكاد تلحظ الباعة الجائلين الذين يشغلون الأرصفة، يعرضون جميع أنواع السلع. رواج قليل، لكن هذا يدر دخلاً على أولئك ويخلق حركة في وسط المدينة التي تتميز بسكون امتدادها الصحراوي الشاسع.
لا يعاملك التجار الذين يعرضون التمور كزبون عابر، يرحبون بك، ويدعونك لتذوقها. قصر ذات اليد في المدينة، لا ينال من كرم أهلها. وكما الآباء، يبدي الأبناء الكثير من الإيمان بأن الفرصة ستتاح لهم للعمل ولو عبر الهجرة.
الشباب يتحدثون بالكثير من الهدوء حول الحلم بفرصة عمل، ورغم الحاجة لم يفقدهم تلك الابتسامة الخجولة التي يعرف بها سكان الواحات التي يتعلقون بها كثيرا. وعندما يهاجرون إلى المدن الكبيرة مثل مكناس التي تعتبر وجهة أغلبهم، لا يتخلون عن خصالهم التي تجعلهم محط ثقة من يتعاملون معهم.
لكن هذا لا يمنع بعض الشباب من التعبير عن خوفه من أن يسقط في فخ البطالة سنوات طويلة. عبد الرحيم فراس، الذي يتردد على هذه المدينة من الدار البيضاء، بمناسبة مهرجان التمور الذي تشهده، يؤكد أن البطالة تنال من صبر الشباب في هذه المدنية.
فراس يعتبر أن من انفتحوا على العالم عبر التعليم والتواصل الذي يتيحه الإنترنت، دائمو المقارنة بين وضعهم والآخرين، ويتطلعون إلى اليوم الذي ستؤمن لهم فيه مدينتهم عملا يقيهم الحاجة، لكن في انتظار ذلك يهاجرون إلى المدن الكبرى كي يساعدوا أسرهم الفقيرة.

اقرأ أيضا: المغرب يبدأ إنتاج الغاز الشهر المقبل
دلالات
المساهمون