مَن مِن المشاركين في ثورة 25 يناير 2011 لم يردد هتافات خلف صوت هيثم محمدين، الناشط السياسي المصري والقيادي الاشتراكي البارز؟
ومن من الذين شهدوا إرهاصات الثورة منذ 6 إبريل/ نيسان 2008 لا يعرف اسم هيثم محمدين ويحفظ شكله المميز ببنطاله الواسع ذي الجيوب المتعددة والشال الفلسطيني الذي يلتف حول رقبته دائمًا؟
ومن من رافضي الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013 لا يعرف موقف هيثم محمدين الصريح والمعلن من الانقلاب ونظامه المستمر إلى اليوم؟
هيثم محمدين لا يمكن أن يكون اسمًا عابرًا في أرشيف الثورة المصرية وما تلاها من أحداث، بل هو اسم بارز بصوته وهتافاته ومواقفه ومبادئه التي لم تخذل الثوار أبداً.
في الساعات الأولى من اليوم، الجمعة، اقتحمت قوات من الأمن الوطني المصري منزل محمدين، وألقت القبض عليه، تمامًا كزوار الفجر من رجال الأمن الوطني في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
حتى الآن لم يستدل أي من المحامين الحقوقيين على أسباب القبض عليه أو الاتهامات الموجهة إليه، وإن كان هناك اقتناع بأن النظام الحالي يعاقبه على مجمل نشاطاته ومواقفه، وخاصة أن هذه المرة ليست الأولى، بل ألقي القبض عليه سابقًا على خلفية مواقف سياسية ووطنية عدة، كان أبرزها القبض عليه من قبل قوات الجيش المصري في كمين في السويس في سبتمبر/ أيلول عام 2013، أثناء توجهه للتضامن مع إضراب عمال مصنع إسمنت، إذ تم احتجازه بقسم شرطة عتاقة في السويس، وعرض في اليوم التالي على النيابة بتهمة "التعدي على ضابط جيش أثناء تأدية عمله"، وأفرج عنه بعدها بحوالي 48 ساعة.
كما لم تتوقف معاداة النظام الحالي لمحمدين ورفاقه في حركة الاشتراكيين الثوريين، التي كانت سباقة إلى الاعتراف بأن ما حدث في 3 يوليو/تموز 2013، من الإطاحة بالرئيس المصري حينها، محمد مرسي، وتولي الجيش مسؤولية إدارة شؤون البلاد، بمساعدة شكلية من السلطات القضائية والأحزاب، كان انقلابا عسكريا.
ففي يناير/كانون الثاني من 2015، قررت لجنة حصر أموال جماعة الإخوان المسلمين، التابعة لوزارة العدل، التحفظ على أموال وممتلكات 112 شخصًا، من ضمنهم اثنان من الاشتراكيين الثوريين، وهما هيثم محمدين وهشام عبد الرسول، وعدد آخر من شباب القوى السياسية المصرية. وشمل قرار التحفظ كل الممتلكات العقارية والسائلة والمنقولة والحسابات المصرفية والودائع والأموال السائلة والمنقولة والودائع والخزائن المسجلة بأسمائهم في المصارف.
ومع صدور قرار التحفظ على أمواله، علق الناشط اليساري المصري، من خلال حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلا: "المذيع اللي بيذيع خبر التحفظ على أموالي بيقول: طيب واحد زي هيثم محمدين معهوش خمسة جنيه في جيبه هتعملوا معاه إيه. أنا اتفضحت يا جدعان.. التحفظ على أموالي غير الموجودة أصلا".
— شبكة رصد (@RassdNewsN) 18 mai 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وألقي القبض على محمدين مرة أخرى عام 2016 بالتزامن مع تشديد القبضة الأمنية، التي استمرت خلال فترة التظاهرات الاحتجاجية على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، التي تم توقيعها في 8 إبريل/نيسان من العام نفسه.
أوقف محمدين في 22 إبريل/ نيسان 2016 في حملة اعتقالات واسعة أسفرت عن اختفاء العشرات نتيجة القبض العشوائي على الشباب من الشوارع ومن المقاهي، في وسط القاهرة، وعدد من المحافظات، قبل أن يخلى سبيله في أكتوبر/تشرين الأول 2016.
كما ألقي القبض على الناشط المصري يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011 من مظاهرة خرجت من حي شبرا بالقاهرة، مع مجموعة كبيرة من الشباب، وأفرج عنهم قبل جمعة الغضب في 28 يناير/ كانون الثاني من العام نفسه.
هيثم محمدين، الناشط السياسي اليساري، عضو بالمكتب السياسي بحركة الاشتراكيين الثوريين، من مواليد 1982. انشغل بالعمل السياسي أثناء دراسته بكلية الحقوق، وهو ابن القيادي العمالي فوزي محمدين، وهو من القيادات العمالية التي شاركت في اعتصام عمال الحديد والصلب عام 1989، وكان له دور ونشاط سياسي وعمالي بارز.
ساهم هيثم محمدين في تدشين ما عُرف بجبهة طريق الثورة "ثوار" في أعقاب الانقلاب العسكري، في محاولة لخلق طريق ثالث بين مؤيدي الانقلاب ورافضيه، لكن الحركة اصطدمت بالواقع السياسي المعتم والسيطرة الأمنية المحكمة، ولم تستمر طويلًا في رسالتها.
وظل محمدين، أحد أبرز قيادات حركة الاشتراكيين الثوريين، حاضرًا بقورة في الأحداث السياسية الكبرى، وخاصة قضية نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، بموجب اتفاقية ترسيم حدود تم إبرامها في إبريل/نيسان 2016، حيث ساهم في تأسيس ما عرفت بالحملة الشعبية للدفاع عن الأرض.
وأكد مرارًا وتكرارًا أن المنتفع الأول من الاتفاقية هي إسرائيل، وأن وجود قوات سعودية عليها يجعلها بمثابة أرض محتلة.
كما أن الماركسي الثوري محمدين لم يتخل يومًا عن العمال وسعيهم نحو المطالبة بحقوقهم، وهو المحامي العمالي المتفرغ للدفاع عن قضايا المقهورين والمضطهدين والعمال.