همام السيد.. كانئات تلهو رغم ثقل الواقع

16 يناير 2019
(من المعرض)
+ الخط -

يواصل الفنان التشكيلي السوري همام السيد (1981) تأملاته في الإنسان السوري الذي يُظهره على نحو يجمع بين تناقضات تبدو غرائبية، سواء في الثيمات التي يطرحها أو في أجوائه التي تقدّم بشراً يتسمون باللطف والقسوة معاً أو بالصرامة والرقة في آن.

افتتح أول أمس الإثنين في "غاليري أنيما" في الدوحة معرضه الجديد تحت عنوان "صوت الصمت" والذي يتواصل حتى الحادي عشر من آذار/ مارس المقبل، ويتضمّن قرابة ثلاثين عملاً بين اللوحات الزيتية والأعمال النحتية بمقاييس متفاوتة.

استوحى السيد شخوصه، في بداياته عام 2005، من ملامح الشاعر السوري محمد الماغوط وعالمه الشعري المُكهرب بالأسى، حيث ابتكر "المواطن صفر" ليكون الشخصية المركزية في جميع أعماله، باعتباره هجاء للبؤس الاجتماعي والاستبداد اللذين بات من الصعب احتمالهما.

من المعرضكما يظهر على اختلاف أحجام اللوحات، أن هذه الشخصية مهما تضخّمت فيها الشخوص و"تعملقت"، فستبقى العيون هي الأهم لأنّها تفسر حقيقة معنى حركاتها وتصرفاتها ووضعياتها، وتعبّر عن حقيقة ما يجري في رؤوسها وقلوبها التي تريد أن تظهر مُتبلدة وغير معنية بما يحصل من حولها، غير أنها لم ولن تنجح في ذلك.

الضخامة تحيلنا إلى فعل قسري لم يحدث على نحو عابر وطبيعي، والقصد منه تشويه الملامح الإنسانية وجعل الشخصية تتحرك ككتلة لحمية تبدو أضخم كثيراً مما يحيط بها، ورغم ذلك فهي مشعولة عمن حولها تلهو بدولاب أو خيط، وهي أحياناً تندمج بكائنات أخرى أسطورية وواقعية وتظلّ على ثقلها الذي يقيدها ويحجبها عن الواقع.

يرى السيد أن هذه الأعمال تجيد واقع الأحداث في المنطقة العربية من خلال الشخوص، وهو لا يزال يرسمها ثابتة على الأرض، ويصفها بقوله: "مازلنا نراوح في أمكنتنا، وهذا بحدّ ذاته ضد منطق الثورة التي يدور الحديث عنها، وهو ما نراه في النتائج الآن".

لا تختفي المفارقة في تجربة السيد، بل إنه يتقصدها كثيراً حين يختار عناوين لوحاته – مثلاً- في محاولة لإبراز هزلية الطرح أو حتى الشخصية نفسها التي تتماثل مع العنوان في عدم اكتراثها وفقدان توازنها أو صلاتها مع الواقع.

المساهمون