هل يُستبعد حزب أوربان المجري من "الشعب الأوروبي"؟

08 ابريل 2020
منح البرلمان المجري أوربان سلطة خاصة وواسعة(زولتان ماثي/فرانس برس)
+ الخط -
جاءت مصادقة البرلمان المجري، أخيراً، على قانون يمنح رئيس الوزراء، فيكتور أوربان، سلطة خاصة وواسعة النطاق تسمح له بالحكم لأجل غير مسمى، ويقول إنه يحتاج إليها لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد، لتثير القلق وتعزز النقاش بين أعضاء حزب "الشعب الأوروبي" (يجمع بين التشكيلات اليمينية ويمين الوسط للاتحاد الأوروبي)، حول إمكانية استبعاد حزب أوربان "فيديس" من عضوية الحزب الأوروبي العريق، خصوصاً أنّ القوانين التي أقرّت بذريعة مكافحة كورونا، تمنع إجراء انتخابات أو استفتاءات. ويأتي ذلك وسط اتهامات بأنّ أوربان يستخدم حالياً وباء كورونا لتعزيز سلطته في الحكم.

وتمثلت الاعتراضات على الخطوة المجرية، بتوجيه 13 حزباً تنتمي إلى "الشعب الأوروبي"، من السويد وبلجيكا ولوكسمبورغ وفنلندا وليتوانيا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا واليونان والنرويج، رسالة إلى رئيس الحزب دونالد توسك، تعبر فيها عن قلقها بشأن التطورات السياسية الأخيرة في المجر، مع إقرار البرلمان قوانين مثيرة للجدل تسمح بإعلان حالة الطوارئ الوطنية من دون مهلة محددة، وتعطي رئيس الوزراء الحق بالحكم بموجب مرسوم. واعتراضاً منها على ذلك، أكدت هذه الأحزاب أنّ حزب أوربان "فيديس" يجب ألا يكون كامل العضوية في حزب "الشعب الأوروبي"، داعيةً كذلك لاستبعاده من صفوف الأخير.

ومنذ إعلان حالة الطوارئ في 11 مارس/آذار الماضي، يعطي القانون الجديد أوربان سلطة الحكم لفترة غير محدودة إلى أن تقرر الحكومة إعلان انتهاء حملة مكافحة الوباء. ويزيل القانون البند الحالي الذي يتطلب موافقة النواب على أي تمديد لمدة المراسيم. ردّ أوربان لم يتأخر على رسالة هذه الأحزاب، إذ كتب، يوم الجمعة الماضي، رسالة بدوره إلى توسك، قال فيها: "مع كل الاحترام، ليس لدي وقت للنقاشات، أستخدم كامل الوقت لحماية حياة المجريين من وباء كورونا"، مضيفاً: "أنا مستعدّ لمناقشة أي موضوع عند انتهاء الوباء". ويأتي ذلك فيما يشدد رئيس المجلس الأوروبي السابق دونالد توسك، المنتخب منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي رئيساً لحزب "الشعب الأوروبي"، على أنّ الأخير لن يضحي بقيمه وحقوقه المدنية وسيادة القانون، تحت أي ظرف من الظروف.

ولم يكن من بين الأحزاب التي وجهت الرسالة المعترضة لتوسك بشأن ما تم تمريره في بودابست، حزبا "الاتحاد المسيحي" الألماني، أي حزب المستشارة أنجيلا ميركل "المسيحي الديمقراطي"، والشقيق الأصغر "الاجتماعي المسيحي" البافاري، على الرغم من أنهما يلعبان دوراً مؤثراً في هيكل السلطة داخل "الشعب الأوروبي". ووفق ما رأت بعض التحليلات، فإنّ الحزبين وعلى الرغم من انتقاداتهما الواضحة وإدانتهما لسلوك أوربان الذي يعتبرانه "غير مقبول"، إلا أنهما يبدوان أكثر تريثاً، لأنّ لديهما خشية من أن يسود الانقسام داخل "الشعب الأوروبي"، ويعتبران أنه من الجيّد تعليق النقاش في هذا الأمر في المرحلة الحالية، خصوصاً أن الجميع لديه الآن اهتمامات أخرى تتعلق بمكافحة فيروس كورونا.

بدورها، لفتت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، إلى أنّه "ليس لحزب فيديس المجري أي تأثير على قرارات حزب الشعب الأوروبي"، معتبرةً أنّ طرده "سيؤدي إلى مشاكل مع بعض الأطراف الأخرى التي ترفض فصله". تجدر الإشارة إلى أنّ تعليق عضوية الحزب المجري في مارس/آذار عام 2019، بعد أن كان قد أظهر عدم احترام لسيادة القانون، سمح لـ"الشعب الأوروبي"، بتجنّب تشكيل تحالف متشدد بين أوربان والزعيم اليميني الشعبوي الإيطالي، ماتيو سالفيني.

إلى ذلك، فإنّ العامل الحاسم بالنسبة لوضع "فيديس"، هو ما إذا كان أوربان سيتخلى لاحقاً عن الصلاحيات التي اكتسبها أخيراً بفعل أزمة كورونا. فإذا لم يفعل، واستمر في فرض حال الطوارئ، فسيكون هناك رأي آخر داخل "الشعب الأوروبي" ووضع جديد. وتفيد تقارير صحافية، بأنّ التنسيق قائم بين حزبي "الاتحاد المسيحي" الألماني بالنسبة للخطوات اللاحقة.

ويسود اعتقاد بأنّ رسالة الأحزاب الـ13، ستسمح باتخاذ إجراءات ضد "فيديس" بموجب قواعد حزب "الشعب الأوروبي"، ولكن من الصعب تخيّل انعقاد اجتماع خاص لمجلس الحزب خلال أزمة كورونا الحالية، فيما الاجتماع العادي مقرر في يونيو/حزيران المقبل.

وفي تعليق على الواقع المستجد في المجر، وصف مسؤولون أوروبيون ما حصل بـ"الخطير سياسياً وغير المقبول أخلاقياً" لناحية إعلان حالة طوارئ دائمة. أمّا رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، فأعربت عن قلقها من دون أن تسمي المجر بالاسم، واعتبرت أنه "يجب أن تقتصر جميع إجراءات الطوارئ على ما هو ضروري ومتناسب، وألا تستمرّ إلى ما لا نهاية".

من جهته، وصف نائب رئيس حزب "الشعب" النمساوي، يوهانس هان، وهو مفوض الاتحاد الأوروبي للميزانية والإدارة، في حديث لمجلة "دير شبيغل" الألمانية، الوضع في المجر بأنه "مقلق للغاية". وقال إنّ "هناك 14 دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي تبنت قوانين الطوارئ، والتي يتم تنفيذها غالباً بالتعاون الوثيق مع المعارضة في البرلمانات". وتابع: "أنا لا أفهم لماذا تتخذ المجر مساراً مختلفاً، خصوصاً أنّ حكومة أوربان، وعلى أي حال، تحكم بأغلبية الثلثين". وأضاف هان أنه "إذا أظهر تقييم المفوضية أنّ تصرفات أوربان تتعارض مع مبادئنا الأساسية، فسوف نقرّ العقوبات اللازمة بحقه، لأنه عندما يتعلّق الأمر بالامتثال لمعاهدات الاتحاد الأوروبي، قد لا يكون هناك تساهل".

يذكر أنّ وزير الدولة للشؤون الأوروبية عن الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" الألماني مايكل روث، كان قد قام بحملة، ولا سيما خلال المفاوضات الحالية في بروكسل بخصوص ميزانية الاتحاد، للبحث بإمكانية فرض عقوبات، إذا انتهكت إحدى الدول مبادئ التكتل الأوروبي.

المساهمون