هل يمتلك حفتر قوات للسيطرة على طرابلس؟

20 ديسمبر 2016
حفتر لا يمتلك قوات ضاربة للدخول إلى طرابلس (Getty)
+ الخط -



أثارت تصريحات منسوبة للواء المتقاعد خليفة حفتر، تداولتها وسائل إعلام محلية ودولية مؤخراً، يطلب فيها من المقاتلين الموالين له في غرب ليبيا، "الاستعداد للمعركة في العاصمة طرابلس"، تساؤلات عدة، حول قدرته على السيطرة فعلياً على العاصمة، رغم عدم صدور أي تصريحات أو أوامر علنية من جانبه.

وفي أول المواقف اللافتة إزاء هذه التسريبات، أعلن المجلس العسكري لمدينة الزنتان، أكبر المدن الموالية للبرلمان غرب ليبيا، السبت الماضي، أنّه "لا يؤيد أي عمل مسلح يجر المنطقة الغربية إلى سفك الدماء والفوضى تحت أي مسمى من المسميات".

والمعروف أنّ كتائب الزنتان التي أخرجتها قوات "فجر ليبيا" نهاية عام 2014، من العاصمة طرابلس، على حالة خلاف متنامٍ مع اللواء حفتر.

وفي الوقت ذاته، حذّر المجلس العسكري لمدينة مصراته، من "أي حراك عسكري داخل مدينة طرابلس". وقال مجلس مصراته، في بيان، الأحد الماضي، "نرفض محاولات الفتنة وجر المنطقة الغربية والعاصمة طرابلس إلى الحرب بهدف الاستيلاء على السلطة".

ويبدو أنّ المساعي الحثيثة التي يبذلها حفتر لدى روسيا، ومؤخراً في الجزائر، حليفها الأقوى في شمال أفريقيا، والتي تعارض اقتراب حفتر من المنطقة الغربية، قد اصطدمت بمعارضة أميركية واضحة.

فقد أعلن المبعوث الأميركي لدى ليبيا جوناثان ونير، مساء أمس الإثنين، عن رفضه لــ"الحلول المائلة للعنف".

وقال، على حسابه على "تويتر"، إنّ "الأزمة السياسية في ليبيا لا يمكن حلها إلا بالحلول السياسية"، مشدداً على ضرورة العمل على عدم انزلاق البلاد في أتون حرب أهلية.



ويرى مراقبون للشأن الليبي، أنّ حفتر لا يمتلك قوات ضاربة يمكنها الدخول في معارك بالعاصمة طرابلس التي تعج بالمجموعات المسلحة لا سيما المعارضة له، مؤكدين أنّ الفصائل المسلحة الموالية له، لا يمكنها التأثير في ظل وجود معارضين، أغلبهم يمتلكون السلاح.

وشكّل موقف حفتر المعارض للاتفاق السياسي لعملية "الكرامة" في بنغازي، قبل ما يقارب ثلاث سنوات ضد كتائب الثوار التي وصفها بـ"الإرهابية"، عقبة أمام قبول مشروعه العسكري. كما أنّ تأكيد العديد من القيادات العسكرية في شرق ليبيا، والتي شاركته في إطلاق حملته العسكرية وانشقت عنه في وقت لاحق، بأنّ حفتر يسعى للانفراد بالسلطة عسكرياً، زاد من عدد الرافضين لمشروعه.

ومن أبرز تلك القيادات، قائد كتيبة الدبابات البارزة في بنغازي المهدي البرغثي، والذي أعلن انسحابه من عملية "الكرامة"، ليوالي الاتفاق السياسي في الصخيرات، وتم اختياره في وقت لاحق وزيراً للدفاع في حكومة "الوفاق الوطني"، ويعتبر من أبرز خصوم حفتر السياسيين والعسكريين.

وفي غرب البلاد، لم تقتصر موجة رفض مشروع حفتر العسكري على خصومه السياسيين، بل طاولت أيضاً قيادات مجموعات مسلحة موالية للبرلمان، أبرزت مواقفها الرافضة تولي حفتر قيادة المؤسسة العسكرية.

ورغم موالاة كتيبتي "الصاعقة" و"أبو بكر الصديق" في الزنتان، غير أن موقف المجلس العسكري للمدينة كان حاسماً لجهة رفض مساعي حفتر العسكرية مؤخراً باتجاه العاصمة، فالزنتان رغم موالاتها للبرلمان إلا أن أبرز قياداتها العسكرية أسامة الجويلي وزير الدفاع السابق في حكومة "المؤتمر الوطني العام"، قد أعلن منذ إطلاق عملية "الكرامة" في بنغازي، رفضه لها، كونها خارج إطار الدولة.

وبعد أن شرعن البرلمان عملية "الكرامة" مطلع عام 2015، تصاعدت الخلافات بين معسكرات الزنتان وحفتر.

وأعلن المجلس العسكري للزنتان، في بيان إثر زيارة الناظوري لمعسكرات جنوب طرابلس في مايو/ أيار الماضي، رفض الزنتان لإعلان الناظوري أنّ قوات البرلمان تقف على بعد 10 كيلومترات من طرابلس.

وقال المجلس، في بيانه: "على الناظوري أن يعري على رأسه ويشمر على ذراعه، ويتقدّم الصفوف لا أن يطلق تصريحاته ويغادر بطائرته ألف كيلومتر، ويتركنا على بعد عشرة كيلومترات كما يقول"، محذراً من أنّ "الحروب اكتوى بنارها أناس لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وإنّ وقت الحروب قد انتهى وفتحنا للسلام أبواباً ودروباً".




أما في ورشفانة المتاخمة غرب وجنوب العاصمة طرابلس، والتي شكلت قوة عرفت بــ"جيش القبائل" تألف غالبها من عناصر النظام المخلوع، ضد عملية "فجر ليبيا" نهاية عام 2014 ومطلع العام 2015، فقد اختلف الوضع عن ذي قبل.

فهي وإن حافظت على صلتها بالبرلمان، ورفضها للاتفاق السياسي في الصخيرات، و"المجلس الرئاسي" بطرابلس، إلا أنّ علاقتها بـحفتر، أصبحت متوترة في الآونة الأخيرة، حيث لم يعد قائد قواتها العميد عمر تنتوش، يستقبل أوامر حفتر، بل عكست مواقفه بأنّه ند له، ويطالب بتبعيته، مثل باقي العسكريين، للجيش.

وتجاهل تنتوش، وهو ضابط بجيش معمر القذافي كان سجيناً لدى الزنتان على خلفية مشاركته في قمع الثوار عام 2011، قرار حفتر بإقالته من منصبه كقائد لـ"جيش القبائل" الذي يعمل تحت مسمى "القوة الرابعة"، ويتخذ من معسكرين في جنوب وغرب العاصمة، كمقرات له.

ونفى تنتوش، في تصريح صحافي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، استلام قرار إقالته من منصبه، معتبراً أنّ "البرلمان الذي كلّفه بمنصبه هو المخول فقط بإقالته".

وصاحبت هذه التصريحات حينها، استعراضات عسكرية للمجموعات التابعة له في ورشفانة، عبّرت هي الأخرى عن رفضها لقرار حفتر وتمسّكها بتنتوش.

لكن متابعي الشأن الليبي، يرون أنّ حفتر يعوّل على إحداث فوضى مسلحة بالعاصمة طرابلس، على غرار بنغازي من خلال خلايا تابعة له "نائمة" بالعاصمة.

ويبدو أنّ هذه الخلايا، هي التي قصدها في معرض لقاء أجرته معه هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيث أجاب رداً على سؤال حول من سيدعمه داخلياً وخارجيا بالقول، "لدينا قوات بداخل طرابلس تنتظر أوامرنا".

ورغم عدم تحديده لقواته داخل العاصمة، إلا أنّ قطاعاً كبيراً من الليبيين، يعتقد أنّ الجماعات السلفية المدخلية التي تقاتل ضمن صفوف حفتر في بنغازي، لها امتدادات داخل العاصمة، ومن أبرز مجموعاتها قوة "الردع" التي يتزعمها عبد الرؤوف كاره أبرز أئمة "المداخلة" في طرابلس، لكنهّا تبقى قوة تدرّب أفرادها على المهام الشرطية، ولم تتجاوز عملياتها القيام بالقبض على عصابات المخدرات، وملاحقة اللصوص والخاطفين.


المساهمون