هل يرى الليبيون حلاً؟

26 سبتمبر 2019
لن تتوقف الحرب إذا لم يرد الوكلاء وقفها(محمود تركية/الأناضول)
+ الخط -

تختلف التأويلات بشأن رغبة ألمانيا في استضافة مؤتمر يجمع عواصم الثقل الدولي المعنية بالملف الليبي، فمنها ما يذهب إلى سعيها لإذابة الخلافات الإيطالية ـ الفرنسية، ومنها للتكهّن بأنها واجهة لرؤية أميركية للحل الليبي، بعد فشل إيطاليا وفرنسا في تمثيل البيت الأبيض في السابق. لكن في كل الأحوال، يبدو أن الملف الليبي لا يزال يدور بين تلك العواصم والمدن ولم يغادر أوروبا، من باريس إلى باليرمو ليعود مجدداً إلى برلين التي سبق أن استضافت مؤتمراً حول ليبيا منتصف عام 2015.


لكن سياق الإعداد للمؤتمر لا يبدو أن ليبيا معنية به بشكل كبير، فقبل تصريحاتها بشأن رغبة بلادها في إقامة هذا المؤتمر، دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حسبما ذكرت صحيفة "دي فيلت" الأسبوع الماضي، إلى تنظيم لقاء جمع المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، مع "أطراف دولية تدعم الأطراف الليبية المتنافسة". وتمّت الإشارة إلى هذه الأطراف بأنهم "مستشارو دول عدة على مستوى الرؤساء والسياسات الخارجية"، فبدا الاجتماع غير المعلن ترجمة لتحذيرات ميركل التي أطلقتها أمام برلمان بلادها حول "خطورة وجود حرب بالوكالة في ليبيا". وتركت خطابها مفتوحاً فلم يتعامل معه أحد في طرابلس وطبرق على أنه خطاب تهديد أو تحذير. وبدا أن ملابسات وظروف الإعداد للمؤتمر لم تشر إلى أن القادة الليبيين معنيون به، فميركل لم تسمِّ أصحاب الوكالات ولا الموكلين المحليين بالحرب عنها، بل شدّدت على سريّة اللقاء.

من جهة أخرى، ظهرت دعوة الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، التي تلت تصريحات ميركل أمام البرلمان، لإطلاق مبادرة ثلاثية مع إيطاليا وفرنسا من أجل وقف النزيف في ليبيا، أكثر صراحة، باعتبار أن الأطراف المحلية الليبية غير معنية بالمساعي الألمانية. أما المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، فقد كان واضحاً في إحاطته الأخيرة أمام أعضاء مجلس الأمن، بالدعوة إلى "عقد ملتقى دولي" لحلحلة الخلافات الدولية بشأن الملف الليبي، يليه ملتقى ليبي يجمع "أطرافاً ليبية أوسع". كل تلك الظروف والمسارات الجديدة توضح بشكل جليّ أن الملف الليبي وصل إلى مرحلة اعتراف الجهات الخارجية بأن الحل بيدها وأن على وكلائها في ليبيا ترجمة الحل وتطبيقه.

لكن السؤال الأبرز يبقى حول شكل ذلك الحل، في ظل متغيرات لم يسبق أن شهدتها ليبيا: هل سيكون الموكلون المحليون هم ذاتهم أم ستتبدل وجوههم؟ مع العلم أن المراقبين الليبيين لا يرون في برلين أي حلّ ممكن ما دام أصحاب الوكالات هم أنفسهم من يجلس على طاولة الحل، خصوصاً أن المؤتمر سيكون بمثابة اعتراف واضح بمسؤوليتهم عن سيل الدماء التي أهرقت وتشريد الآلاف، فضلاً عن الانهيار الأمني والاقتصادي.