أصبح تقييم مناخ حرية الاستثمار محدداً في استقطاب المستثمرين الأجانب وتحفيز المحليين في الدول العربية على توظيف الأموال. فهل توفر هذه الدول حرية الاستثمار؟
خالد الطريطقي: صعوبات الاستثمار موجودة ومتفاوتة
يرى المحلل الاقتصادي خالد الطريطقي أن حرية الاستثمار في الدول العربية تتفاوت حسب الوضعية والظروف الاقتصادية فيها. ويقسم الدول العربية في ما يخص سهولة توظيف الأموال الأجنبية إلى ثلاثة أصناف، الأول يضم دول الخليج العربي، والتي قطعت أشواطاً طويلة في ما يخص تذليل جميع الصعاب أمام المستثمرين، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة وخاصة إمارة دبي، ودولة قطر، فالبحرين والكويت. لكن يسجل خالد الطريطقي، صعوبة إنجاز بعض الاستثمارات التي تصطدم بالهوية الاجتماعية والثقافية في المنطقة.
ويضع المحلل الاقتصادي المغربي في تصريحه لـ"العربي الجديد"، دول الأردن، تونس، مصر، والمغرب، وإلى حد ما لبنان والعراق، ضمن خانة الصنف الثاني، والذي يعتمد طرح بعض التسهيلات لتشجيع استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وخاصة الجوانب المتعلقة بالإعفاءات الضريبية، وسهولة الحصول على الوعاء العقاري لإنشاء المشاريع.
ويعتبر الطريطقي أن المغرب على رأس لائحة الصنف الثاني، نظراً لاعتماده على خطة المناطق الحرة في عدد من مدنه، والتي تمكن المستثمرين من توطين رؤوس الأموال وفق تسهيلات كبيرة، وكذا استفادتهم من إعفاءات ضريبية شاملة خلال الخمس سنوات الأولى بعد انطلاق المشروع، وتحديد سقف الضرائب بـ8% طيلة 10 سنوات بعد انقضاء مدة الإعفاءات الأولى، وهذا الوضع يشجع أساساً الشركات العالمية التي ترغب في اتخاذ المغرب كمنصة للتصنيع والتصدير نحو الأسواق الخارجية.
أما بالنسبة للصنف الثالث، فيضع ضمنها دولة ليبيا قبل الحرب والجزائر، ويقول إن هذه الأخيرة تضع قيوداً على الاستثمارات الأجنبية، نظراً لارتباط جميع المجالات بثورتها الطاقية من الغاز والنفط.
أما في ما يخص حرية الاستثمار بالنسبة للمستثمرين المحليين، فيشدد المحلل الاقتصادي المغربي على وجود اختلاف صارخ بين ما هو متضمن في القوانين المؤطرة للاستثمار وبين الواقع. ويرصد المصدر ذاته مجموعة من الصعوبات التي تواجه رجال الأعمال العرب في مجموعة من الدول، وذكر من بينها تعدد المصالح الحكومية التي يجب أن يتوجه نحوها المستثمر للتأشير على مشروعه، وعدد الوثائق المطلوبة والرخص، والمدة الزمنية التي يتطلبها الإعداد وإنشاء المشروع، والتي تطول بسبب بطء الإدارة العربية في معالجة الملفات. ويرى الطريطقي أن هذا الواقع مشترك بين غالبية الدول العربية.
ويضيف المحلل الاقتصادي المغربي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المستثمرين العرب أصبحوا ملزمين بتخصيص "ميزانية سوداء" لتذليل الصعاب أمام مشاريعهم، وحصولهم بشكل سريع على الرخص، بل أصبح الأمر، حسب الطريطقي، شيئاً عادياً ومعمولاً به.
ويقول الطريطقي إن المشكلة الحقيقية أمام المستثمرين المحليين داخل دولهم، تكمن أولاً في غياب قانون خاص كما هو الحال بالنسبة للمستثمرين الأجانب، زيادة على عدم تنصيص القوانين المعمول بها على آجال محددة (الأدنى والأقصى) لاستصدار الرخص الخاصة بإنشاء المشاريع، بالإضافة إلى عدم توفر المصالح التي تسند إليها مسؤولية التأشير على المشاريع، على ورقة تقنية موحدة، تتضمن الشروط المعمول بها داخل كل دولة، حتى يستطيع المستثمر وضع خطة إنشاء المشروع وفقها.
وأخيراً، يرى المحلل الاقتصادي المغربي في ختام تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن حرية الاستثمار في الدول العربية رهينة الإدارة والمصالح الحكومية، ولا يمكن أن تستقيم الأمور دون اعتماد نظام الشباك الواحد في تلقي الطلبات كما هو معمول به في الدول الغربية والمتقدمة، كذا تكليف لجنة واحدة تكون لها صلاحيات التقييم والمصادقة على مختلف الملفات الاستثمارية المعروضة على الإدارات العربية.
مروان هرماش: الاقتصاد العالمي فرض حرية الاستثمار
يعتبر الخبير الدولي في تحليل المعلومة الاقتصادية، مروان هرماش، أن جل الدول العربية ونظير انفتاحها على الاقتصاد العالمي، أصبحت تتميز بمناخ استثماري حر يتأرجح بين المتوسط والجيد.
ويرى المحلل هرماش في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن المؤشرات التي تعتمدها المؤسسات الدولية في تقييم مناخ الاستثمار داخل الدول، فرضت على المنطقة العربية تكييف قوانينها وإعادة تأهيل مصالحها الإدارية، من أجل مواكبة المتغيرات الدولية فيما يخص استقطاب المشاريع المحلية والأجنبية.
ويوضح المتحدث ذاته، أن المؤشرات المعمول بها دولياً، تركز على دراسة واقع ستة مؤشرات تعد مقياس مناخ حرية الاستثمار، وهي: سهولة التعاملات الإدارية واستخلاص الوثائق والرخص من أجل إنشاء المشاريع، ثم إمكانيات الولوج إلى مصادر التمويل، وتوفر اليد العاملة المؤهلة وفق حاجيات السوق الاستثمارية الدولية والوطنية، كذا الترسانة القانونية المعتمدة داخل كل دولة والقوانين الخاصة، بالإضافة إلى الضمانات القضائية التي يتمتع به المستثمر لحماية مصالحه، وأخيرا المناخ السياسي والأمني والذي يسود داخل الدول.
ويورد في حديثه مع "العربي الجديد" تجربته مع المصالح والمؤسسات الحكومية الاقتصادية في دول شمال أفريقيا، ويؤكد أن هذه الأخيرة اقتنعت بضرورة إشراك المستثمرين في مسار النمو الاقتصادي، عبر فتح الباب أمامهم للمساهمة في صنع القرار، وتوفير المناخ المناسب لتوظيف الأموال وخلق فرص الشغل. ويستثني المتحدث ذاته، حسب تجربته، دولة الجزائر، والتي يقول عنها "إن مناخ حرية الاستثمارات الأجنبية فيها لا يزال مقيداً بعدة شروط، يحكمها المناخ السياسي للبلد". ويشدد في تحليل المعلومة الاقتصادية، على أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد نموذجاً عربياً متميزاً في مناخ حرية الاستثمار، حيث إن المسؤولين فيها، بحسبه، فطنوا منذ مدة إلى ضرورة تنويع الاقتصاد، وفصله عن الارتباط المباشر بالثروات الطبيعية التي تتوفر عليها الإمارات، ما مكنها من خلق قطب إمارة دبي الذي أصبح علامة اقتصادية عالمية، توفر الأرضية المثالية لاستقطاب المشاريع في مختلف المجالات.
ويؤكد هرماش أن الاقتناع بحرية الاستثمار في الدول العربية لم يعد خياراً يمكن الأخذ به أو تركه، بل أصبح واقعاً مفروضاً، نظراً لتداخل المصالح الاقتصادية العالمية، والإكراهات التي تعاني منها مجموعة من الدول العربية، خاصة منها التي تبنت لسنوات منطق الانغلاق الاقتصادي على محيطها العربي والدولي، ما ترتب عنه نتائج كارثية على اقتصاداتها
يرى المحلل الاقتصادي خالد الطريطقي أن حرية الاستثمار في الدول العربية تتفاوت حسب الوضعية والظروف الاقتصادية فيها. ويقسم الدول العربية في ما يخص سهولة توظيف الأموال الأجنبية إلى ثلاثة أصناف، الأول يضم دول الخليج العربي، والتي قطعت أشواطاً طويلة في ما يخص تذليل جميع الصعاب أمام المستثمرين، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة وخاصة إمارة دبي، ودولة قطر، فالبحرين والكويت. لكن يسجل خالد الطريطقي، صعوبة إنجاز بعض الاستثمارات التي تصطدم بالهوية الاجتماعية والثقافية في المنطقة.
ويضع المحلل الاقتصادي المغربي في تصريحه لـ"العربي الجديد"، دول الأردن، تونس، مصر، والمغرب، وإلى حد ما لبنان والعراق، ضمن خانة الصنف الثاني، والذي يعتمد طرح بعض التسهيلات لتشجيع استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وخاصة الجوانب المتعلقة بالإعفاءات الضريبية، وسهولة الحصول على الوعاء العقاري لإنشاء المشاريع.
ويعتبر الطريطقي أن المغرب على رأس لائحة الصنف الثاني، نظراً لاعتماده على خطة المناطق الحرة في عدد من مدنه، والتي تمكن المستثمرين من توطين رؤوس الأموال وفق تسهيلات كبيرة، وكذا استفادتهم من إعفاءات ضريبية شاملة خلال الخمس سنوات الأولى بعد انطلاق المشروع، وتحديد سقف الضرائب بـ8% طيلة 10 سنوات بعد انقضاء مدة الإعفاءات الأولى، وهذا الوضع يشجع أساساً الشركات العالمية التي ترغب في اتخاذ المغرب كمنصة للتصنيع والتصدير نحو الأسواق الخارجية.
أما بالنسبة للصنف الثالث، فيضع ضمنها دولة ليبيا قبل الحرب والجزائر، ويقول إن هذه الأخيرة تضع قيوداً على الاستثمارات الأجنبية، نظراً لارتباط جميع المجالات بثورتها الطاقية من الغاز والنفط.
أما في ما يخص حرية الاستثمار بالنسبة للمستثمرين المحليين، فيشدد المحلل الاقتصادي المغربي على وجود اختلاف صارخ بين ما هو متضمن في القوانين المؤطرة للاستثمار وبين الواقع. ويرصد المصدر ذاته مجموعة من الصعوبات التي تواجه رجال الأعمال العرب في مجموعة من الدول، وذكر من بينها تعدد المصالح الحكومية التي يجب أن يتوجه نحوها المستثمر للتأشير على مشروعه، وعدد الوثائق المطلوبة والرخص، والمدة الزمنية التي يتطلبها الإعداد وإنشاء المشروع، والتي تطول بسبب بطء الإدارة العربية في معالجة الملفات. ويرى الطريطقي أن هذا الواقع مشترك بين غالبية الدول العربية.
ويضيف المحلل الاقتصادي المغربي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المستثمرين العرب أصبحوا ملزمين بتخصيص "ميزانية سوداء" لتذليل الصعاب أمام مشاريعهم، وحصولهم بشكل سريع على الرخص، بل أصبح الأمر، حسب الطريطقي، شيئاً عادياً ومعمولاً به.
ويقول الطريطقي إن المشكلة الحقيقية أمام المستثمرين المحليين داخل دولهم، تكمن أولاً في غياب قانون خاص كما هو الحال بالنسبة للمستثمرين الأجانب، زيادة على عدم تنصيص القوانين المعمول بها على آجال محددة (الأدنى والأقصى) لاستصدار الرخص الخاصة بإنشاء المشاريع، بالإضافة إلى عدم توفر المصالح التي تسند إليها مسؤولية التأشير على المشاريع، على ورقة تقنية موحدة، تتضمن الشروط المعمول بها داخل كل دولة، حتى يستطيع المستثمر وضع خطة إنشاء المشروع وفقها.
وأخيراً، يرى المحلل الاقتصادي المغربي في ختام تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن حرية الاستثمار في الدول العربية رهينة الإدارة والمصالح الحكومية، ولا يمكن أن تستقيم الأمور دون اعتماد نظام الشباك الواحد في تلقي الطلبات كما هو معمول به في الدول الغربية والمتقدمة، كذا تكليف لجنة واحدة تكون لها صلاحيات التقييم والمصادقة على مختلف الملفات الاستثمارية المعروضة على الإدارات العربية.
مروان هرماش: الاقتصاد العالمي فرض حرية الاستثمار
يعتبر الخبير الدولي في تحليل المعلومة الاقتصادية، مروان هرماش، أن جل الدول العربية ونظير انفتاحها على الاقتصاد العالمي، أصبحت تتميز بمناخ استثماري حر يتأرجح بين المتوسط والجيد.
ويرى المحلل هرماش في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن المؤشرات التي تعتمدها المؤسسات الدولية في تقييم مناخ الاستثمار داخل الدول، فرضت على المنطقة العربية تكييف قوانينها وإعادة تأهيل مصالحها الإدارية، من أجل مواكبة المتغيرات الدولية فيما يخص استقطاب المشاريع المحلية والأجنبية.
ويوضح المتحدث ذاته، أن المؤشرات المعمول بها دولياً، تركز على دراسة واقع ستة مؤشرات تعد مقياس مناخ حرية الاستثمار، وهي: سهولة التعاملات الإدارية واستخلاص الوثائق والرخص من أجل إنشاء المشاريع، ثم إمكانيات الولوج إلى مصادر التمويل، وتوفر اليد العاملة المؤهلة وفق حاجيات السوق الاستثمارية الدولية والوطنية، كذا الترسانة القانونية المعتمدة داخل كل دولة والقوانين الخاصة، بالإضافة إلى الضمانات القضائية التي يتمتع به المستثمر لحماية مصالحه، وأخيرا المناخ السياسي والأمني والذي يسود داخل الدول.
ويورد في حديثه مع "العربي الجديد" تجربته مع المصالح والمؤسسات الحكومية الاقتصادية في دول شمال أفريقيا، ويؤكد أن هذه الأخيرة اقتنعت بضرورة إشراك المستثمرين في مسار النمو الاقتصادي، عبر فتح الباب أمامهم للمساهمة في صنع القرار، وتوفير المناخ المناسب لتوظيف الأموال وخلق فرص الشغل. ويستثني المتحدث ذاته، حسب تجربته، دولة الجزائر، والتي يقول عنها "إن مناخ حرية الاستثمارات الأجنبية فيها لا يزال مقيداً بعدة شروط، يحكمها المناخ السياسي للبلد". ويشدد في تحليل المعلومة الاقتصادية، على أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد نموذجاً عربياً متميزاً في مناخ حرية الاستثمار، حيث إن المسؤولين فيها، بحسبه، فطنوا منذ مدة إلى ضرورة تنويع الاقتصاد، وفصله عن الارتباط المباشر بالثروات الطبيعية التي تتوفر عليها الإمارات، ما مكنها من خلق قطب إمارة دبي الذي أصبح علامة اقتصادية عالمية، توفر الأرضية المثالية لاستقطاب المشاريع في مختلف المجالات.
ويؤكد هرماش أن الاقتناع بحرية الاستثمار في الدول العربية لم يعد خياراً يمكن الأخذ به أو تركه، بل أصبح واقعاً مفروضاً، نظراً لتداخل المصالح الاقتصادية العالمية، والإكراهات التي تعاني منها مجموعة من الدول العربية، خاصة منها التي تبنت لسنوات منطق الانغلاق الاقتصادي على محيطها العربي والدولي، ما ترتب عنه نتائج كارثية على اقتصاداتها