23 اغسطس 2024
هل لا تزال ثمة قضية جنوبية في اليمن
سؤال القضية الجنوبية اليوم جوهري ومركزي في هذه اللحظة اليمنية، منطلقين بموضوعية، بعيدين عن أي تهريج أو توتير أو إسفاف في النقاش، فهل لاتزال ثمّة قضية جنوبية فعلا؟ ويجب أن يطرح هذا السؤال للنقاش في هذه المرحلة التي تعالت فيها أصوات جماعة الانفصال. وويعلة خطاب الانفصال في وضع معقد سياسياً وعسكريا، محليا وإقليميا ودوليا، فضلا عن انتفاء معظم أسباب حراك الانفصال وبواعثه السياسية التي ارتكز عليها هذا الحراك في تصعيد قضيته منذ البداية.
بدايةً، لا أحد ينكر وجود قضية جنوبية منذ ما بعد حرب صيف 1994، وحتى آخر معركة خيضت لدحر مليشيات علي عبدالله صالح والحوثي من عدن، منذ عام ونصف العام تقريبا، تلك القضية التي بدأت بقضايا حقوقيةٍ مطلبيةٍ بحته، فتطوّرت لمطالب سياسية رفعت سقفها مطالبة بالانفصال، وكان حينها مطلبا منطقيا وموضوعيا في ظل هيمنة قوى مناطقية، واستحواذها على كل شيء، وخصوصا في المناطق الجنوبية التي تم نهب مقدّراتها وتهميش أبنائها وإقصاؤهم من وظائفهم وأعمالهم.
وبالتالي، قضية الوحدة أو الانفصال من القضايا السياسية التي يجب أن تناقش بعيدا عن أي انفعالات، وإنما بمنطق اللحظة وتحولاتها على مدى عامين وفي كل المستويات. ومن هنا، يجب أن ننطلق بالنقاش الذي لا ينبغي أن يغفل جذور بروز القضية الجنوبية وأسبابها منذ البداية، وهي تلك الجذور والأسباب التي نشأت بفعل حكم نظام الرئيس "المخلوع" صالح الذي حوّل الوحدة اليمنية إلى لعنة على اليمنيين جميعا، وخصوصا في جنوب اليمن الذين قدموا للوحدة صادقين، وقدموا التنازلات الكبيرة من أجل الوحدة من التنازل عن الرئاسة فالعاصمة وغيرها، فتم الغدر بهم قبل أن يجف حبر توقيع اتفاقية الوحدة.
وحدة 22 مايو/ أيار 1990، تم ضربها ونسفها في 7/7/1994 بتلك الحرب التي أنهت الوحدة خياراً سياسياً وطنياً قائماً على الشراكة والندّية، وتحويلها إلى مجرد وحدة ضم الجنوب وإلحاقه لسلطة العوائل الحاكمة في الشمال وهيمنتها، وهو نظام صالح الذي أقصى شركاءه، واستأثر بكل مقدرات الدولة في الجنوب والشمال معا، لكنها كانت أكثر مرارةً، حينما سرّح كل من كانوا ضمن جهاز الدولة في الجنوب، مدنيين وعسكريين، في ما كانت تعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
وكان هذا التصرّف من نظام صالح في تسريح معظم كوادر المؤسستين، العسكرية والمدنية، حينها، عدا عن نهب أراضي الدولة وعقاراتها في عدن. وكانت كل هذه التصرفات بمثابة العوامل الكامنة وراء دفع الناس نحو خيارات ومطالب كانت، في بدايتها، مطلبية وقانونية
وحقوقية عادلة، لكن تمادي نظام الهمجية في ضرب أصحاب مطالب العودة إلى وظائفهم من المسرحين العسكريين والمدنيين وقمعهم، وقمع كل صوت يطالب بحقوقه، هذا كله دفع هؤلاء المسرّحين من وظائفهم إلى رفع سقوف المطالب، وتجاوز المطالب الحقوقية البحتة إلى مطالب سياسية عالية السقوف، وهي المطالبة بانفصال جنوب اليمن عن شماله، وكان هذا المطلب طبيعياً ومستساغاً حينها، نكاية بالنظام الحاكم الذي اتخذ من الوحدة غطاء لممارسة قمعه وهمجيته.
ومع تفجر ثورة 11 فبراير السلمية، والتي كانت امتدادا طبيعيا للحراك السلمي الجنوبي الذي ضرب صورةً رائعةً في النضال المدني والحضاري السلمي، منذ انطلاقه في عام 2007، قبيل هبوب رياح الربيع العربي بفترة طويلة. وبالتالي، كانت ثورة فبراير امتداداً مدنياً حضارياً، أبهرت العالم بنضالها السلمي، لكن الإشكالية كمنت في حالة الاختراق التي تمت لبعض فصائل الحراك من أطراف محلية وإقليمية، وحاولت الدفع بها بعيدا عن عدالة القضية ومنطقيتها.
وكان في مقدمة هذا الاختراق، وإعادة توجيه مسار النضال باتجاه سلبي، هو محاولة البحث عن هوية مصطنعة، ومحاولة التبرؤ من الهوية اليمنية لهذه الرقعة الجغرافية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، كأمة يمنية حميرية سبيئة قحطانية، والذهاب بعيدا في التأصيل لهوية ترتكز على الاتجاه الجغرافي، في مفارقة غريبة وغير منطقية، هي الأولى من نوعها في الاتكاء على هوية الجغرافيا، لا هوية الأصل والتاريخ واللغة والآمال المشتركة، عدا عن الجذر الاستعماري لهذه التسمية التي لم ترد سوى في وثائق المستعمر البريطاني.
بالعودة إلى مسار القضية الجنوبية، والتي تم التخلص من أهم بواعثها، وهو إسقاط نظام صالح الأسري سياسيا على الأقل، وهي الخطوة الأهم في مسار القضاء على دواعي القضية الجنوبية، عدا عن تحرّر كامل أراضي الجنوب اليمني من قوات صالح ومليشيات الحوثي، والأهم تمكين أبناء المحافظات الجنوبية من إدارة مناطقهم تحت مظلة الشرعية التي تقاتل لإسقاط انقلاب صالح الحوثي، الشرعية التي كانت مظلةً لتدخل التحالف العربي، وداعمة لليمنيين، شمالا وجنوبا، لمواجهة هذا الانقلاب المدعوم إيرانيا.
كل الجنوب اليوم أصبح تحت إدارة أبنائه الذين حرّروا مناطقهم، بفضل تدخل التحالف العربي تحت مظلة الشرعية التي يراد الانقلاب عليها اليوم، وتكرار سيناريو صنعاء الطائفي الانقلابي، وتعتبر هذه الخطوة اليوم بحد ذاتها انتحارا سياسيا كبيراً للفصائل الحراكية التي سلمت لها السلطة جنوبا، وفشلت فشلا ذريعا في إدارة مناطقها، ولم تستوعب الظرف الراهن اليوم، والذي يستدعي الخروج من أسر الشعارات الثورية الانفصالية التي كانت ترفعها في مرحلة النضال السابقة.
لم تدرك القوى الجنوبية اليوم أنها أصبحت حاكمةً، وليست محكومة وشريكة فاعلة للشرعية والتحالف، وأي خطوة في اتجاه مواجهة الشرعية خطأ لا يخدم سوى الانقلاب في صنعاء والمشروع الإيراني الراعي هذا الانقلاب.
ليست المعركة اليوم في اليمن معركة استعادة الشرعية اليمنية فحسب، بل معركة لمواجهة المشروع الإيراني التفكيكي للمنطقة كلها، والذي يستهدف بدرجة رئيسية دول الخليج، والمملكة العربية السعودية تحديداً، ولا شيء يخدم هذا المشروع مثل القوى التي تسعى، بقصد أو من دونه، لضرب الشرعية اليمنية التي يتكئ عليها التحالف العربي في تدخله في اليمن، وأن أي ضرر يلحق بهذه الشرعية هو بالضرورة مواجه للتحالف العربي الذي سيتحوّل في حال سقوط الشرعية اليمنية أو إضعافها إلى مجرد عدوان خارجي على اليمن، مؤكدا بذلك دعاوي (وسرديات) الانقلاب المليشوي في صنعاء الذي يدّعي أن لا شرعية لهادي وحكومته.
لم يعد للقضية الجنوبية اليوم وجود إلا بوصفها ورقة سياسية للتغطية على الفشل الكبير الذي تعيشه المناطق المحرّرة، ورقة للمزايدة في يد قوىً تقدّم نفسها ممثلا وحيداً للجنوب، محتكرة الحديث باسمه، مكرّرة مسار الصراع القديم في الجنوب، الصراع الذي يتم إعادة إنتاجه اليوم، وتحت مسمى القضية الجنوبية ذاتها، ما سيدفع المشهد العام إلى مزيد من الصراع والتأزيم وتدوير لعجلة الصراعات التي لن تنتهي إلا لتبدأ من جديد.
المطلوب اليوم في الجنوب تغليب صوت العقل والمنطق والواقع، وعدم المضي مع تيار الشعبوية الهادر الذي غدا قائداً للنخب والقادة، ودافعا بها نحو هاوية الصراعات العدمية التي ستفضي بالجنوب إلى بؤرة صراع، سيفتح المجال على مصراعيه لعودة مشاريع ما قبل الدول الوطنية، وهي المشاريع المشيخات والسلطنات التي كانت تحكم جنوب اليمن، حتى عشية ثورة 14 أكتوبر 1963.
الانتصار للقضية الجنوبية اليوم هو في الانتصار لمؤسسات الدولة وعودتها وتحقيق الأمن والاستقرار، وبناء المؤسسات الأمنية والعسكرية بناء وطنيا، يتجاوز التأسيس العصبوي المناطقي المعمول بها حاليا، وخارج مؤسسات الدولة وشرعيتها. وفشل استعادة الدولة مؤسساتها في الجنوب هو تمكين للانقلاب الطائفي في صنعاء، وتقديمه بصورة أفضل للمجتمع الدولي، سيضطر للتعاطي معه، من زاوية فشل إدارة الدولة في مناطق الجنوب المحرّرة.
هذه دعوة إلى النقاش الموضوعي بعقول مفتوحة بعيدا عن ديماغوجية الشارع ونزق المفسبكين، دعوة صادقة لمعالجة القصور والخلل، والابتعاد عن لغة التسطيح والتهييج الذي أتمنى أن نكون قد تجاوزناه في هذه المرحلة التي تتطلب مزيدا من الوعي، لمواجهة هذه اللحظة الأخطر في تاريخ اليمن على الإطلاق.
بدايةً، لا أحد ينكر وجود قضية جنوبية منذ ما بعد حرب صيف 1994، وحتى آخر معركة خيضت لدحر مليشيات علي عبدالله صالح والحوثي من عدن، منذ عام ونصف العام تقريبا، تلك القضية التي بدأت بقضايا حقوقيةٍ مطلبيةٍ بحته، فتطوّرت لمطالب سياسية رفعت سقفها مطالبة بالانفصال، وكان حينها مطلبا منطقيا وموضوعيا في ظل هيمنة قوى مناطقية، واستحواذها على كل شيء، وخصوصا في المناطق الجنوبية التي تم نهب مقدّراتها وتهميش أبنائها وإقصاؤهم من وظائفهم وأعمالهم.
وبالتالي، قضية الوحدة أو الانفصال من القضايا السياسية التي يجب أن تناقش بعيدا عن أي انفعالات، وإنما بمنطق اللحظة وتحولاتها على مدى عامين وفي كل المستويات. ومن هنا، يجب أن ننطلق بالنقاش الذي لا ينبغي أن يغفل جذور بروز القضية الجنوبية وأسبابها منذ البداية، وهي تلك الجذور والأسباب التي نشأت بفعل حكم نظام الرئيس "المخلوع" صالح الذي حوّل الوحدة اليمنية إلى لعنة على اليمنيين جميعا، وخصوصا في جنوب اليمن الذين قدموا للوحدة صادقين، وقدموا التنازلات الكبيرة من أجل الوحدة من التنازل عن الرئاسة فالعاصمة وغيرها، فتم الغدر بهم قبل أن يجف حبر توقيع اتفاقية الوحدة.
وحدة 22 مايو/ أيار 1990، تم ضربها ونسفها في 7/7/1994 بتلك الحرب التي أنهت الوحدة خياراً سياسياً وطنياً قائماً على الشراكة والندّية، وتحويلها إلى مجرد وحدة ضم الجنوب وإلحاقه لسلطة العوائل الحاكمة في الشمال وهيمنتها، وهو نظام صالح الذي أقصى شركاءه، واستأثر بكل مقدرات الدولة في الجنوب والشمال معا، لكنها كانت أكثر مرارةً، حينما سرّح كل من كانوا ضمن جهاز الدولة في الجنوب، مدنيين وعسكريين، في ما كانت تعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
وكان هذا التصرّف من نظام صالح في تسريح معظم كوادر المؤسستين، العسكرية والمدنية، حينها، عدا عن نهب أراضي الدولة وعقاراتها في عدن. وكانت كل هذه التصرفات بمثابة العوامل الكامنة وراء دفع الناس نحو خيارات ومطالب كانت، في بدايتها، مطلبية وقانونية
ومع تفجر ثورة 11 فبراير السلمية، والتي كانت امتدادا طبيعيا للحراك السلمي الجنوبي الذي ضرب صورةً رائعةً في النضال المدني والحضاري السلمي، منذ انطلاقه في عام 2007، قبيل هبوب رياح الربيع العربي بفترة طويلة. وبالتالي، كانت ثورة فبراير امتداداً مدنياً حضارياً، أبهرت العالم بنضالها السلمي، لكن الإشكالية كمنت في حالة الاختراق التي تمت لبعض فصائل الحراك من أطراف محلية وإقليمية، وحاولت الدفع بها بعيدا عن عدالة القضية ومنطقيتها.
وكان في مقدمة هذا الاختراق، وإعادة توجيه مسار النضال باتجاه سلبي، هو محاولة البحث عن هوية مصطنعة، ومحاولة التبرؤ من الهوية اليمنية لهذه الرقعة الجغرافية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، كأمة يمنية حميرية سبيئة قحطانية، والذهاب بعيدا في التأصيل لهوية ترتكز على الاتجاه الجغرافي، في مفارقة غريبة وغير منطقية، هي الأولى من نوعها في الاتكاء على هوية الجغرافيا، لا هوية الأصل والتاريخ واللغة والآمال المشتركة، عدا عن الجذر الاستعماري لهذه التسمية التي لم ترد سوى في وثائق المستعمر البريطاني.
بالعودة إلى مسار القضية الجنوبية، والتي تم التخلص من أهم بواعثها، وهو إسقاط نظام صالح الأسري سياسيا على الأقل، وهي الخطوة الأهم في مسار القضاء على دواعي القضية الجنوبية، عدا عن تحرّر كامل أراضي الجنوب اليمني من قوات صالح ومليشيات الحوثي، والأهم تمكين أبناء المحافظات الجنوبية من إدارة مناطقهم تحت مظلة الشرعية التي تقاتل لإسقاط انقلاب صالح الحوثي، الشرعية التي كانت مظلةً لتدخل التحالف العربي، وداعمة لليمنيين، شمالا وجنوبا، لمواجهة هذا الانقلاب المدعوم إيرانيا.
كل الجنوب اليوم أصبح تحت إدارة أبنائه الذين حرّروا مناطقهم، بفضل تدخل التحالف العربي تحت مظلة الشرعية التي يراد الانقلاب عليها اليوم، وتكرار سيناريو صنعاء الطائفي الانقلابي، وتعتبر هذه الخطوة اليوم بحد ذاتها انتحارا سياسيا كبيراً للفصائل الحراكية التي سلمت لها السلطة جنوبا، وفشلت فشلا ذريعا في إدارة مناطقها، ولم تستوعب الظرف الراهن اليوم، والذي يستدعي الخروج من أسر الشعارات الثورية الانفصالية التي كانت ترفعها في مرحلة النضال السابقة.
لم تدرك القوى الجنوبية اليوم أنها أصبحت حاكمةً، وليست محكومة وشريكة فاعلة للشرعية والتحالف، وأي خطوة في اتجاه مواجهة الشرعية خطأ لا يخدم سوى الانقلاب في صنعاء والمشروع الإيراني الراعي هذا الانقلاب.
ليست المعركة اليوم في اليمن معركة استعادة الشرعية اليمنية فحسب، بل معركة لمواجهة المشروع الإيراني التفكيكي للمنطقة كلها، والذي يستهدف بدرجة رئيسية دول الخليج، والمملكة العربية السعودية تحديداً، ولا شيء يخدم هذا المشروع مثل القوى التي تسعى، بقصد أو من دونه، لضرب الشرعية اليمنية التي يتكئ عليها التحالف العربي في تدخله في اليمن، وأن أي ضرر يلحق بهذه الشرعية هو بالضرورة مواجه للتحالف العربي الذي سيتحوّل في حال سقوط الشرعية اليمنية أو إضعافها إلى مجرد عدوان خارجي على اليمن، مؤكدا بذلك دعاوي (وسرديات) الانقلاب المليشوي في صنعاء الذي يدّعي أن لا شرعية لهادي وحكومته.
لم يعد للقضية الجنوبية اليوم وجود إلا بوصفها ورقة سياسية للتغطية على الفشل الكبير الذي تعيشه المناطق المحرّرة، ورقة للمزايدة في يد قوىً تقدّم نفسها ممثلا وحيداً للجنوب، محتكرة الحديث باسمه، مكرّرة مسار الصراع القديم في الجنوب، الصراع الذي يتم إعادة إنتاجه اليوم، وتحت مسمى القضية الجنوبية ذاتها، ما سيدفع المشهد العام إلى مزيد من الصراع والتأزيم وتدوير لعجلة الصراعات التي لن تنتهي إلا لتبدأ من جديد.
المطلوب اليوم في الجنوب تغليب صوت العقل والمنطق والواقع، وعدم المضي مع تيار الشعبوية الهادر الذي غدا قائداً للنخب والقادة، ودافعا بها نحو هاوية الصراعات العدمية التي ستفضي بالجنوب إلى بؤرة صراع، سيفتح المجال على مصراعيه لعودة مشاريع ما قبل الدول الوطنية، وهي المشاريع المشيخات والسلطنات التي كانت تحكم جنوب اليمن، حتى عشية ثورة 14 أكتوبر 1963.
الانتصار للقضية الجنوبية اليوم هو في الانتصار لمؤسسات الدولة وعودتها وتحقيق الأمن والاستقرار، وبناء المؤسسات الأمنية والعسكرية بناء وطنيا، يتجاوز التأسيس العصبوي المناطقي المعمول بها حاليا، وخارج مؤسسات الدولة وشرعيتها. وفشل استعادة الدولة مؤسساتها في الجنوب هو تمكين للانقلاب الطائفي في صنعاء، وتقديمه بصورة أفضل للمجتمع الدولي، سيضطر للتعاطي معه، من زاوية فشل إدارة الدولة في مناطق الجنوب المحرّرة.
هذه دعوة إلى النقاش الموضوعي بعقول مفتوحة بعيدا عن ديماغوجية الشارع ونزق المفسبكين، دعوة صادقة لمعالجة القصور والخلل، والابتعاد عن لغة التسطيح والتهييج الذي أتمنى أن نكون قد تجاوزناه في هذه المرحلة التي تتطلب مزيدا من الوعي، لمواجهة هذه اللحظة الأخطر في تاريخ اليمن على الإطلاق.