وبعدما ألمح الناظوري إلى إمكانية دخول قوات حفتر للعاصمة طرابلس، استدرك بالقول إن "الجيش لن يدخل طرابلس مقاتلا، فنحن نؤكد مدنية الدولة".
ثم عاد ونفى اليوم، في كلمة نشرها المكتب الإعلامي الرسمي لقيادة قوات حفتر، وجود أي خلاف بين العسكريين الليبيين، قائلاً: "خلافنا فقط مع الإسلام السياسي، ونطالب الليبيين بمساعدتنا في بناء جيش وشرطة لحمايتهم وحماية البلاد"، كما دعا السياسيين إلى حل مشاكلهم وعدم التمسك بمناصبهم.
وأضاف: "لن نبقى تحت رحمة المليشيات والصراعات"، مشيراً إلى أن قوات حفتر "تتحرك حاليا في الجنوب لتحريرها من العصابات والقوات المعادية القادمة من الخارج".
وفي السياق، رأت المحللة الليبية نجاح الترهوني، أن توقيت التصريحات "له علاقة بالخطوة القادمة لحفتر بعد سيطرته على الجنوب"، وقالت لـ"العربي الجديد": "لا معنى لحديث الناظوري ولا مناسبة سوى إرسال رسائل ضمنية لمؤيدي حفتر داخل طرابلس عن الخطوة المقبلة لحفتر"، مؤكدة أن عملية السيطرة على الجنوب تختلف هذه المرة عن سابقاتها.
وأوضحت أن "زيارات مسؤولين أوروبيين لتشاد، وآخرها الزيارة المرتقبة لرئيس الوزارة الإيطالي جوزيبي كونتي خلال الساعات القادمة، وأخرى سيجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لنجامينا (عاصمة التشاد)، تدفع إلى الاعتقاد بأن دعماً دولياً وراء سيطرة حفتر على الجنوب، وربما هناك ضوء أخضر أميركي".
ورجحت أن تتضمن زيارة كونتي، موافقة إيطالية أيضاً على السيطرة على الحدود التي يتدفق منها الآلاف من المهاجرين إلى شواطئها عبر البحر المتوسط، لافتة إلى أن حفتر "ربما لديه خطط معدة مسبقا للتوجه إلى طرابلس".
وأضافت: "الناظوري باعتباره أحد أبرز ضباط حفتر، على علم بوجود اتفاقات مع مليشيات داخل طرابلس ستعلن ولاءها في لحظة ما لحفتر، وليس من المستبعد أن تكون النواصي وقوة الردع على رأسها، وهي الكتائب ذات التوجه السلفي الموالي لحفتر، ومن ثم لن يدخل حفتر العاصمة مقاتلا بالفعل".
وعن إمكانية معارضة الكتائب الأخرى، ذكرت أن "الجميع يعرف أن النواصي والردع أكبر قوتين، والثالثة هي كتائب ثوار طرابلس المرتبطة أصلا بالإمارات، وهي التي أشار إليها وزير الداخلية في حكومة الوفاق صراحة في مؤتمر صحافي قريب"، لكنها اعتبرت أن وجود حفتر في طرابلس مرتبط بموافقة دولية كما يحدث الآن في الجنوب.
كذلك، لفتت إلى أن حرب البيانات التي تبادلتها مليشيات طرابلس ومليشيات اللواء السابع الذي تقدم باتجاه جنوب شرق طرابلس، أمس الثلاثاء على علاقة بخطط حفتر، لافتة إلى أن الأخير "يبدو أنه أقرب إلى مليشيات طرابلس من خلال صفقات تحت الطاولة، وتشير تهديدات اللواء السابع أمس لرئيس حكومة الوفاق فايز السراج بتحميله مسؤولية حرب جديدة في طرابلس، إلى معارضتها لتلك الصفقات الخفية".
وأوضحت أنها "لا تستبعد أيضا علم السراج بما سيحدث، ووجوده ضمن تلك الصفقات مع حفتر، والهجوم الذي شنه عليه أعضاء في المجلس الرئاسي في الآونة الأخيرة للإطاحة به قد يكونان مرتبطين بالأمر"، متسائلة: "ما معنى أن يتهم ثلاثة أعضاء بالمجلس الرئاسي وهم من معارضي حفتر الأسبوع الماضي السراج بإدخال البلاد في صراع مسلح".
وقالت: "أعتقد أن موقف الإمارات الداعم لوجود حفتر في طرابلس، الذي يعمل على التمهيد له بشكل كبير غير كاف، فهناك إيطاليا الداعمة لحكومة السراج، والكتل السياسية ذات التوجه الإسلامي المعارض لحفتر، كما أن مصر أيضا لا تبدو راغبة في قبول وجود حفتر في طرابلس".
حسم الصراع: السراج سياسياً وحفتر عسكرياً
وحول علاقة حفتر بمصر، أكدت الترهوني أن حفتر "لم تعد علاقته بمصر جيدة، منذ رفضه المشاركة في لقاءات الضباط لتوحيد المؤسسة العسكرية في القاهرة"، لكنها في ذات الوقت تقول "إن تلك الدول التي دعمت حفتر في التوجه جنوبا، يمكن أن توفر له غطاء سياسيا للوجود في العاصمة كحسم للصراع في ليبيا يكون قطباه السراج سياسيا وحفتر عسكريا".
أما محيي الدين زكري الخبير الأمني الليبي، فرأى في تصريح لـ"العربي الجديد" أن السيطرة على الجنوب خطوة مهمة عسكريا للتوجه لطرابلس، وقال: "طبوغرافيا واستراتيجيا يجب على من يسيطر على طرابلس، بناء قواعد خلفية في الجنوب ووسط الجنوب لسد مصادر الإزعاج".
وأوضح أن "حركات المعارضة التشادية تشكل مصدر دعم لفصائل معارضة لحفتر كآمر حرس المنشآت النفطية السابق إبراهيم الجضران، ومن ثم يجب إنهاء وجودها، وهي هدف العملية الحالية في الجنوب"، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق أيضا بتأمين قاعدة الجفرة وسط الجنوب، أقرب القواعد العسكرية إلى طرابلس.
وأضاف: "أعتقد أن حرب البيانات يوم أمس بين قوة حماية طرابلس ومليشيات اللواء السابع، المتمركزة على تخوم طرابلس الجنوبية الشرقية، لها علاقة بعزم حفتر التوجه إلى طرابلس وسط صمت عسكري من مصراتة، التي يبدو أنه جرى تحييدها أو جرى تقارب بينها وبين حفتر ضمن صفقات لتقاسم السيطرة على العاصمة".
وأكد الخبير الأمني أن لحفتر تحالفات عسكرية مع مليشيات حول العاصمة، مثل مسلحي ورشفانة غرب العاصمة ومسلحي الزنتان جنوبها.