هل حكيت لأبنائك عن فلسطين؟

28 مايو 2015
ماذا تعرف عن فلسطين؟
+ الخط -

أخبرتني ابنتي أن معلمها في المدرسة، أيرلندي الجنسية، يحب فلسطين ولديه العديد من الأصدقاء سافروا إلى هناك؛ وسألتني هل تحبين فلسطين أنت أيضا وهل يمكن أن نسافر إلى هناك؟!

توقفت عن النطق فجأة وشعرت بأنني أريد أن تبتلعني الأرض فورا، فكيف لابنتي أن تعرف عن فلسطين من مدرسها الأجنبي! وماذا لو حكى لها القصة بصورة مغايرة؟ وكيف كنت سأتصرف لو كان صهيونيا أو على الأقل يحابي الصهاينة؟

ثم أفقت على إلحاحها في السؤال فأجبتها بخجل أن فلسطين هي وطننا كمصر تماما، وبدأت أحكي القصة باختصار وببساطة تناسب سنواتها السبع؛ ثم هربت من الحوار ظنا مني أنني لم أتقن الحكاية. فكيف لي أن أخبرها لماذا لا نسافر هناك وكيف تركنا الفلسطينيين لقمة سائغة للصهاينة؟ وماذا يجب علينا أن نفعل لهم؟


ريميكس فلسطين

مضى ذلك اليوم وضميري يؤنبني ولم أستطع النوم. هاتفت صديقتي الفلسطينية "روان الضامن" التي ساهمت في تأسيس موقع إلكتروني يضم مكتبة فيلمية، عبر موقع "ريميكس فلسطين" باللغتين العربية والإنجليزية. عبر هذا الموقع ستجد بابا سحريا للمعرفة، فكل ما غاب عنك لسنوات ربما لقلة ما درسناه عن فلسطين أو لنقص معرفتنا في البحث عما حدث هناك، ستجده موثقا بالصورة والصوت والتواريخ، فما عليك إلا النقر على بوابة الريمكس السحرية بل والأهم يمكنك إنتاج فيلمك الخاص من محتوى الموقع ومشاركته مع أصدقائك عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تذكرت الموقع وسنوات عملها الطويلة وطلبت منها لقاء أطفالنا وسرد القضية بطريقة تناسب أعمارهم، والمساعدة في إنعاش ذاكرتنا ومحاولة غرس حب فلسطين في قلوب أبنائنا كما شربناه نحن.

ماذا تعرف عن فلسطين؟

رحبت صديقتي بالفكرة واخترنا يوما محددا وحضرت مبتسمة تحمل أوراقها وفيديوهات قصيرة من أحد أفلامها الوثائقية، وبدأت تسأل الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين الثانية والثانية عشرة في البداية عما يعرفونه عن فلسطين، وكيف يتخيلون خارطتها وكم عدد السكان هناك ولماذا قرر الصهاينة احتلال فلسطين تحديدا، وكم عدد الفلسطينيين الذين خرجوا من بلادهم ويعيشون الآن في بلاد شتى وماذا يجب أن نفعل من أجل فلسطين؟!


أسئلة معقدة وبسيطة في الوقت ذاته، وكان تجاوب الأطفال معها محدودا ولكنه مبشر، كانت العديد من الإجابات جديدة حتى علينا كأمهات.

تقبلت أجوبتهم بحب حتى الخاطئ منها ورسمت الأرقام بخط كبير، وصارت تشرح بطريقتها المذهلة حكاية وطنها وقبل أن تنتهي قصت عليهم قصة الثور الأبيض، وكيف عرف الثوران الأسود والبني أنهم أكلوا يوم أكل الثور الأبيض، خجلت وقتها من كوننا جميعا وقعنا في هذا الفخ وما زلنا عالقين فيه، فالحياة تمضي وتذكرت كيف توقفت عما اعتبرته لسنوات دوري في الحياة من خلال شرح مدى فداحة معاهدة كامب ديفيد، وكيف أثرت في الصراع العربي الصهيوني. وتذكرت جلسات أستاذي محمد عصمت سيف الدولة عن تلك القضية وكيف كنت أحفظها عن ظهر قلب، وللأسف "كنت" هنا صحيحة وتستحق الأسف.

احكوا عن فلسطين

في الوضع العربي الحالي لا ألوم أطفالنا على عدم معرفتهم بفلسطين، فلم تعد القضية تطرح على موائد الطعام في المنازل كما كانت، وبات السعي وراء الحياة هو الهدف الأول. كما ندرت أخبار فلسطين فلم تعد نشرات الأخبار تكتظ بأخبار الشهداء والأسرى والجرائم التي يقترفها الاحتلال، كما باتت القضية في ذيل تلك النشرات في واقع عربي باتت صراعاته متعددة، حتى إنها زحزحت القضية الفلسطينية عن الصدارة وكأنه صراع بعيد لكن بقليل من التركيز ندرك أنه صراع يدور بالأساس حولها.

هاتفتني صديقتي التي يدرس أبناؤها في نفس مدرسة ابنتي، وهي مدرسة دولية، تشكو من خوفها من التغريب وتسريب أفكار لا تناسب ديننا وأخلاقنا، أخبرتها قصة معلم ابنتي الذي حكى لها عن فلسطين، وشاركتها أفكاري أنه لو قمنا نحن بواجبنا وعلمناهم قيمنا وديننا بشكل واع وصحيح، فلا مكان للقلق من أي ثقافات أخرى فالحل في إيدينا نحن والنتيجة مرهونة بقيامنا بواجبنا قبل لوم الآخرين.

قبل أيام مرت ذكرى النكبة بكل ما علمناه عنها من روايات أكثرها زائف يسعى لطمس الحقائق، فهل تكون هذه أجواء مناسبة للحكاية؟َ!

(مصر)

المساهمون