هل تنجو صناعة السينما من جائحة كورونا؟

19 يونيو 2020
كريغ دانيال ولي سيدوكس في فيلم "جيمس بوند" (Getty)
+ الخط -

تدخل صناعة السينما المنعطف الخطر بسبب جائحة كوفيد 19 التي أدت إلى إغلاق قاعات السينما وتوقّف إنتاج الأفلام وإلغاء المهرجانات الكبرى، وعلى رأسها مهرجان كان السينمائي. وتقدر خسائر السينما حتى نهاية مايو/أيار الماضي بحوالى 17 مليار دولار.

وتواجه صناعة السينما العالمية أزمة مالية حادة من جائحة كورونا التي تبعد الجماهير عن منصات العرض بسبب الكوابح الصحية. وحسب خبراء المال، فإن صناعة الترفيه تتعرض منذ بداية 2020 لأكبر ضربة مالية، إذ أغلقت نحو 70 ألف سينما لعرض الأفلام في الصين، ثم تلاها إغلاق جميع دور السينما في أوروبا وأميركا واليابان، منذ منتصف مارس/آذار. وتقدر قيمة صناعة السينما العالمية بنحو 138 مليار دولار. وفي عام 2017، بلغ دخل صناعة السينما نحو 43.4 مليار دولار. وتعد السينما من الصناعات المهمة في عالم الترفيه، لكنها تواجه مجموعة من المتاعب.

على صعيد الإنتاج، توقفت استديوهات إنتاج الأفلام والمسلسلات في أنحاء العالم، كما أجّلت شركات هوليوود مواعيد تدشين الأفلام الرئيسية، ومن بينها فيلم جيمس بوند "نو تايم تو داي"، وهو الفيلم الخامس من سلسلة أفلام جيمس بوند الشهيرة التي يمثل فيها النجم الشهير دانيال كريج. كما أدت الجائحة كذلك إلى تأجيل مهرجان كان السينمائي الذي يقام سنوياً في مايو/أيار، ويعد من أهم منصات الترويج لصناعة السينما العالمية، وبالتالي فإن الخسائر في صناعة السينما تتزايد في وقت تتراجع فيه الاستثمارات الجديدة.

في شأن الخسائر، تتوقع شركة آمبر الأميركية، خسارة صناعة السينما، خلال العام الجاري، نحو 24.4 مليار دولار، بينما من المتوقع أن تخسر صناعة الترفيه، والتي تضم السينما والمسرح والحفلات الغنائية وأشكالا أخرى من الترفيه، حوالى 160 مليار دولار خلال العام بسبب جائحة كورونا. ولكن هذه التقديرات ربما أخذت في الحسبان عودة الأمور إلى طبيعتها في النصف الثاني من العام.

وتواجه صناعة السينما بسبب جائحة كورونا مجموعة من العقبات في التمويل والتصوير والتوزيع وكذلك إعادة تأهيل دور السينما، لتتناسب مع الإجراءات الصحية الخاصة بمنع انتشار فيروس كورونا. ويرى محللون ماليون، أنها إجراءات مكلفة قد لا تقدم عليها معظم دور العرض وسط الإقبال الضعيف المتوقع على السينما خلال الشهور المقبلة. وحتى في حال انحسار الفيروس، فإن مرتادي السينما سيخرجون من هذه الجائحة مرهقين مادياً بسبب البطالة المرتفعة وتراجع الأجور، وبالتالي فإن هذه الضائقات ربما ستمنعهم من الإنفاق على كماليات الترفيه والاقتصار على الضروريات.

وتشير إحصائيات نشرة "هوليوود ريبورتر" إلى أن صناعة السينما العالمية خسرت نحو 7 مليارات دولار حتى منتصف مارس/آذار، بسبب إغلاق دور السينما في الصين. وحسب النشرة المتخصصة في صناعة الأفلام، ربما تصل خسارة صناعة السينما إلى 17 مليار دولار بنهاية مايو/أيار. وفي كندا، تشير التوقعات إلى أن الخسائر ربما تصل 1.8 مليار دولار حتى نهاية يونيو/حزيران الجاري. وفتحت بعض استوديوهات هوليوود أبوابها للتشغيل منذ منتصف الشهر الجاري من الناحية النظرية، لكن من الناحية العملية فإن الاحتجاجات الشعبية ضد مقتل المواطن جورج فلويد أجّلت عمليات التشغيل.

وتقدر تقارير أميركية أن صناعة السينما في هوليوود خسرت نحو 120 ألف وظيفة على الأقل من جائحة كورونا، كما هربت منها العديد من الاستثمارات التي كانت تعول عليها في الإنتاج السينمائي، ولكن لا توجد أرقام دقيقة حول الخسائر المادية التي تعرضت لها.

وفي بريطانيا، قالت دراسة أجرتها مؤسسة "أوكسفورد إيكونومكس" لصالح اتحادات السينما والمسارح والراديو والتلفزيون، إن صناعة الأفلام والتصوير والتلفزيون والراديو ربما ستصل خسارتها إلى نحو 36 مليار دولار خلال 2020 من جائحة كورونا. وشهدت دول العالم، خلال شهري إبريل/نيسان ومايو/أيار، أقصى إجراءات العزل ومنع الحركة والبقاء في المنازل في معظم دول العالم.

وتحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى في الدخل من دور السينما ومعدل إنتاج الأفلام، تليها من حيث الدخل الصين واليابان وبريطانيا وفرنسا. ويقدر موقع "ستاتيستا" الإحصائي العالمي دخل دور السينما في الولايات المتحدة وكندا بنحو 11.4 مليار دولار، بينما الدخل في الصين بـ 9.3 مليارات دولار، وفي اليابان بنحو 2.4 مليار دولار، وفيكل من فرنسا وبريطانيا بـ 1.6 مليار دولار. وفقاً لحجم الدخل في العام الماضي 2019. وربما يعول أصحاب الصناعة خلال العام الجاري على مبيعات الأفلام عبر الديجتال في تعويض الخسائر، ولكن عودة رواد السينما ربما تأخذ وقتاً أطول.

وصناعة السينما، خاصة سينما هوليوود الأشهر في عالم الترفيه، ليست فقط صناعة ربحية، ولكنها تلعب دوراً مهماً في السياسة الخارجية الأميركية وتعتبر من أهم أدوات "القوة الناعمة" إلى جانب برنامج المساعدات "يو أس آيد"، التي تستخدمها الإدارة الأميركية في كسب ود الشعوب والتأثير عليها من دون الحاجة إلى جيوش وغزوات.

ولكن في السنوات الأخيرة، لم تعد السينما تلعب دور القوة الناعمة بسبب سياسات الحروب والعنف التي طبعت سمة السياسة الأميركية، خاصة في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي قضى على شعبية أميركا في العالم.
المساهمون