هل تكمل الحكومة المصرية الجميل

26 يوليو 2020
الركود يعصف بالأسواق المصرية (الأناضول)
+ الخط -

أطلقت الحكومة المصرية اليوم الأحد مبادرة تستهدف من خلالها مواجهة حالة الركود الشديد التي تعصف بالأسواق، وتحفيز الاستهلاك المحلي المتراجع بشكل بات يمثل تهديدا حقيقيا للعديد من الصنَّاع وكبار المستثمرين ومنشآت الإنتاج والتجَّار، كما تستهدف الحد من التأثيرات الخطيرة لتراجع الطلب على المنتجات والسلع المحلية التي تسببت فيها جائحة "كوفيد-19"، وقبلها تراجع بسبب قفزات الأسعار، وخفض الدعم الحكومي المقدم لسلع رئيسية، وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، وانخفاض الدخول أصلا خاصة لفئة العمالة الموسمية وأصحاب الأعمال الحرفية والباعة الجائلين والذين يقدر عددهم بالملايين.

المبادرة أطلقت عليها الحكومة اسم "ما يغلاش عليك"، ويتم من خلالها منح خصومات للمستهلك تصل إلى 20% على حزمة من السلع والمنتجات تشمل الأجهزة المنزلية، والإلكترونية، والملابس الجاهزة، ومنتجات الجلود، والأثاث، ومنتجات تشطيب المنازل، والصناعات الحرفية. 

كما يحصل حاملو البطاقات التموينية على دعم تبلغ قيمته 200 جنيه للفرد وبحد أقصى 1000 جنيه للأسرة أو البطاقة الواحدة، ومن المقرر أن تستمر المبادرة حتى شهر يناير 2021، وحسب أرقام الحكومة فإن كلفة المبادرة تبلغ نحو 12.5 مليار جنيه تتحملها الخزانة العامة للدولة.

حسنا ما فعلته الحكومة المصرية رغم ضعف المبالغ النقدية التي يحصل عليها المستهلك على كل بطاقة تموينية والتي تقل قيمتها عن ثمن كيلو ونصف كيلو لحمة، خاصة إذا ما تمت مقارنة قيمة الدعم المقدم بمعدلات الغلاء المتواصلة في الأسعار، والقدرة الشرائية المتراجعة للمواطن، وقبلها تآكل عملته الوطنية الجنيه.

لكن، هل تكمل الحكومة المصرية الجميل نحو المستهلك، أبرز الأطراف اللاعبة في الأسواق، وتتوقف عن سحب ما تبقى من سيولة محدود من جيب ذلك المستهلك بحيث تعطيه الفرصة لشراء كامل احتياجاته الأساسية ولو لمرة واحدة، أو على الأقل يلتقط الأنفاس من لهيب الأسعار الحالي؟

هل تتوقف الحكومة مثلاً عن زيادة الرسوم الحكومية التي تلتهم ما تبقى من سيولة في الأسواق، وآخرها زيادة مصاريف استخراج رخصة القيادة الخاصة من 985 جنيهاً إلى 2893 جنيهاً وبنسبة زيادة قاربت 300% مرة واحدة، وذلك للمرة الثانية خلال أقل من عام، حيث كانت الرسوم نفسها تبلغ 596.5 جنيهاً في أغسطس/ آب الماضي؟

هل ستتوقف الحكومة عن زيادة الضرائب والجمارك على السلع المستوردة والتي لا تنتهي، وهل ستتراجع عن قرار زيادة أسعار المواصلات بما فيها مترو الإنفاق والقطارات والنقل العام، وهل ستترجم تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية إلى خفض في أسعار البنزين والسولار والغاز المنزلي كما حدث في معظم دول العالم؟

إذا كانت الحكومة جادة فعلا في تحريك الأسواق وزيادة الطلب على السلع المحلية وعدم ادخال الاقتصاد في حالة ركود ثم كساد مزمن، فعليها التوقف عن اتباع سياسة الجباية التي جعلت من الضرائب أهم مورد للإيرادات العامة، بل وتمثل حصة الضرائب أكثر من 80% من إيرادات الخزانة العامة للدولة. 

لو فعلت الحكومة المصرية ذلك تكون بالفعل قد "حنت" ولو مؤقتا على مواطن يئن من زيادات متواصلة في أسعار السلع والخدمات منذ  سنوات، وتكون بذلك قد حركت أحد أطراف العملية الإنتاجية الثلاثة والتي تضم "الصنَّاع والتجَّار والمستهلكين".

المساهمون