هل تقدّم روسيا دعماً عسكرياً لخليفة حفتر؟

16 اغسطس 2017
حفتر خلال لقائه لافروف في روسيا (سيرغي سافوستيانوف/Getty)
+ الخط -

أعادت زيارة اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، إلى العاصمة الروسية موسكو ومحادثاته مع وزيري الخارجية، سيرغي لافروف، والدفاع، سيرغي شويغو، مطلع هذا الأسبوع، إلى الواجهة قضية بحث موسكو عن زيادة دورها في ليبيا واستعادة مكانتها التي خسرتها بعد سقوط العقيد معمّر القذافي في عام 2011. ولما كان حفتر طلب من القيادة الروسية دعماً في الحصول على السلاح، تواجه روسيا صعوبة في تلبيته، في ظل استمرار الحظر الأممي على توريد الأسلحة إلى ليبيا، وتأكيد المسؤولين الروس مراراً أنهم لن يُقدِموا، بأي حال من الأحوال، على خرق الحظر.

في هذا الإطار، يشير الخبير في مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيا، رئيس تحرير مجلة "تصدير الأسلحة"، أندريه فرولوف، إلى أن "حفتر يسعى من خلال طلباته تزويده بالأسلحة، إلى تهيئة الأجواء الدولية لرفع الحظر الدولي". ويضيف فرولوف، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "طلب السلاح من روسيا وغيرها من القوى، لا يعني الحصول عليه من تلقاء نفسه، بل يجري خلق الأجواء المواتية لرفع الحظر الدولي عن توريد الأسلحة إلى ليبيا". ويضيف في ذات السياق: "أعتقد أن فرص حفتر كبيرة، لأنه شخصية نادرة تحظى بدعم علني من موسكو، وأيضاً بدعم ضمني من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة". وحول مدى واقعية تزويد حفتر بالسلاح أثناء سريان مفعول الحظر، ينوّه إلى أن "السياسة العالمية الحديثة تتميز بمجال واسع للمناورة، ما يترك مجالاً لروسيا لتوريد الأسلحة بموجب العقود المبرمة في عهد (العقيد الراحل معمّر) القذافي".
ويذكّر فرولوف بسابقة توريد منظومة "خريزانتيما-إس" الصاروخية الروسية المضادة للدبابات إلى ليبيا بعد عام 2011، تنفيذاً للعقود السابقة.

من جانب آخر، استبعدت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" احتمال إقدام روسيا على خرق قرارات مجلس الأمن، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "بإمكانها طرح مسألة رفع الحظر عن توريد السلاح في الأمم المتحدة، بعد اتفاق مسبق مع الدول الأعضاء الأخرى في مجلس الأمن، وتولي تدريب أفراد الجيش الوطني الليبي".

وفي مقال بعنوان "حفتر يطلب من روسيا الدعم والسلاح" نُشر في عددها الصادر أمس الثلاثاء، رأت الصحيفة أن "حفتر الذي يعتبر بحق رجل ليبيا القوي، يحتاج إلى شريك بنفس القوة قادر على دعمه"، مشيرة إلى أن "هناك علاقات عمل بين روسيا وفريق حفتر الذي يضم رئيس الحكومة المؤقتة، عبد الله الثني، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح".

وأضاف كاتب المقال أن "موسكو مهتمة بتعزيز مواقعها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسيكون خطأ كبيراً إذا لم تسع للاستمرار في الدفع بنجاحها السياسي والعسكري والمعنوي الذي أحرزته في سورية"، معتبراً أن "الظروف السياسية الخارجية والداخلية في ليبيا تسمح بذلك".



وعلى الصعيد الدبلوماسي، ذكرت صحيفة "كوميرسانت" أن "روسيا تعتزم استضافة محادثات مباشرة بين حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، في الخريف المقبل". ونقلت الصحيفة عن رئيس مجموعة الاتصال الروسية حول ليبيا، ليف دينغوف، قوله: "سنقوم بكل ما في وسعنا للمساهمة في المصالحة والتعاون الفعال بين الأطراف المتناحرة، بما فيها خليفة حفتر وفائز السراج".

إلا أن الأستاذ في كلية التاريخ والعلوم السياسية والقانون في الجامعة الحكومية الروسية للعلوم الإنسانية، غريغوري كوساتش، قلل من احتمال أن "تحدث جهود الوساطة الروسية نقلة كبيرة من وجهة نظر العمليات السياسية الداخلية في ليبيا".

وقال كوساتش لـ"كوميرسانت" إن "ليبيا منطقة المسؤولية الأوروبية، بفعل تحكّم فرنسا وإيطاليا وغيرهما من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي"، مرجّحاً أن "يكون تعزيز روسيا مواقعها في ليبيا أمراً صعباً للغاية".

وكان لافروف قد أكد، خلال لقائه مع حفتر يوم الإثنين من هذا الأسبوع، "دعم موسكو لتفعيل عمليات التسوية السياسية"، مشيراً إلى "أهمية تركيز كافة أفكار الوساطة حول الأمم المتحدة"، بينما رحّب حفتر بجهود الوساطة الروسية.

وبعد لقائه لافروف، توجه حفتر لعقد لقاء مع شويغو. ورغم أن اللقاء عُقد خلف أبواب مغلقة، إلا أن وزارة الدفاع الروسية أكدت، في بيان، أن اللقاء تناول "تطورات الوضع في شمال أفريقيا، مع التركيز على الوضع في ليبيا". ووسط توجه روسيا لزيادة دورها في الوساطة بين الأطراف الليبية، أصبحت اتصالاتها مع حفتر وزياراته إلى موسكو أمراً معتاداً، بالإضافة إلى اتصالات روسية أخرى مع السراج الذي قد يزور روسيا، في سبتمبر/أيلول المقبل، تمهيداً لعقد محادثات مع حفتر في موسكو، بحسب دينغوف.