كان يعاني التوحد.. يصرخ ويكسر أحياناً ويعترض ويتشنج، والأب والأم في حالة قبول واسترضاء وامتصاص لكل انفعال لديه، والأدهى أن شقيقه الذي يكبره بعامين ونصف العام فقط يتعامل معه بنفس الطريقة.
فقد رسخ في ضمير الصغير أن هذا أخي وأنا أشارك والدي مسؤوليته وكلنا ندعمه، فتخلى عن أنانية وشجار وغيرة الطفولة وصار مع هذا الأخ أباً صغيراً، وقد تطور هذا الطفل المتوحد وتدرج في مستويات التعلم الخاصة بحالته إلى مراحل متميزة، وكان لهذا القبول من كل من حوله أقوى الأثر في دعمه. وهنا تتلخص أهم معلومة حول التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة في "استراتيجية القبول".
الاستراتيجيات الأربع
فقد رسخ في ضمير الصغير أن هذا أخي وأنا أشارك والدي مسؤوليته وكلنا ندعمه، فتخلى عن أنانية وشجار وغيرة الطفولة وصار مع هذا الأخ أباً صغيراً، وقد تطور هذا الطفل المتوحد وتدرج في مستويات التعلم الخاصة بحالته إلى مراحل متميزة، وكان لهذا القبول من كل من حوله أقوى الأثر في دعمه. وهنا تتلخص أهم معلومة حول التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة في "استراتيجية القبول".
الاستراتيجيات الأربع
ومن هذا النموذج العملي إلى آخر للاستفادة من تجارب عملية في التعامل مع أطفال بحاجة إلى دعم، ولكن بشكل عملي يدعم التنظير؛ فالطفل في هذه التجربة هو معافى في بدنه بل ووسيم في مظهره، ولكن سلوكه لا يحتمل من فرط معاناته من متلازمة فرط الحركة وتشتت الانتباه، فهو مثير لشفقة من يفهم حالته من فرط حركته في كل اتجاه وصعوبات تعلمه وتفاعله مع معلميه وعدم استجابته لأي توجيه، ولما أدركت الأم أنه مرضٌ مثل أي مرض من أمراض الطفولة؛ فقد قررت أن تعالج طفلها، وكانت استراتيجيتها هي الفهم والتحديد ومراعاة التنوع في القدرات، وتلك الاستراتيجية الثانية فقد استوعبت أنه لا يمكن أن اختبر الفيل والسمكة والقرد في تسلق الأشجار، لأن الفائز بلا شك هو القرد الماهر بذلك.
وبالتالي فهذا الولد يحتاج لمساحة من الحركة والحرية في التنقل، وأن يختبر في ما يستطيع أن يفعله، وليس في ما لن يتمكن أبداً من فعله، فبحثت له عن مدرسة تعمل بنظام يراعي الفروق الفردية ويميز الطلاب بحسب مستوياتهم في كل شيء وليس فقط أكاديمياً، بحيث يبرع ابنها مثلاً في حصص التربية البدنية والرياضية ويشعر بالتميّز في خفة حركته ولا يشعرها عيباً ويستذكر جزءاً من دروسه بما يناسب أسلوبه في الفهم بلا لوم.
فلا مانع من أن يحفظ جدول الضرب بحركات بدنيه أو يميز أفعال اللغة الإنجليزية بأن يقوم عند الفعل ويجلس عند الاسم ويشير بيديه لأعلى إذا كان الفعل ماضياً وباليدين إن كان مضارعاً، وتحولت الدراسة إلى السعادة بعينها للولد وللأسرة، فلما فهمت الأم أفهمت من يتعاملون مع ابنها بعد أن بحثت عنهم بعناية ليقدموا له العلم في شكل يحبه ويستطيعه ويبدع فيه ويناسب إمكاناته.
اقرأ أيضا:كيف تتعامل مع ابنك المعوّق في خطوات؟
إذن، بداية خطواتنا لتهيئة الطفل لهذه المرحلة من حياته، هي قبوله أولاً، وفهم احتياجاته ثانياً، والبحث عن مكان يناسبه ثالثاً، مكان لا يتيه فيه هذا الطفل أو تنطمس خصوصيته في خضم المعلومات التي قد لا تلائمه طريقة تقديمها أو يحتاج لأسلوب خاص لاستيعابها.
ثم تأتي التهيئة كاستراتيجية رابعة، فبعد التهيئة الخارجية تأتي التهيئة الأهم، وهي إعداد الطفل ذاته لهذا التحدي، فكم من مرة قد يتعرض فيها للسخرية من زملائه بسبب ردود أفعاله أو اختلافه سلوكاً أو مظهراً، وكم من مرة قد يسمع فيها تعليقاً لاذعاً من معلميه أو نظرات فيها نفاد صبر أو ضيق، وكلها أمور متوقعة، فكيف يتهيأ لكي لا تنال من عزمه ولا تضعف من صلابته.
ترسيخ أفكار
ويكون ذلك عن طريق ترسيخ بعض الأفكار داخله سواء بالحوار المباشر أو بالقصص أو حتى بالنظرات، ومنها على سبيل المثال:
أولاً: تأكيد فكرة أن كل البشر بهم عيوب وليس من حق أحد محاسبة أحد على شيء لا يستطيع التحكم فيه.
ثانياً: زرع فكرة "أنا محبوب" ومقبول من كل من يعرف قدراتي وقد يجهلها بعضهم فيسيئون فهمي، ولذا لا بد أن أعبر عن ذاتي وأظهر قدراتي لأدفعهم إلى احترامي بتصرفي وأخلاقي ومهاراتي.
ثالثاً: اللجوء إلى والدي أو معلمي قد يفيدني إن لم أستطع الحصول على حقوقي أو الدفاع عن نفسي، ولكن سيكون هذا اللجوء هو آخر محاولة بعد استنفاد كل ما لدي.
وتظل مراعاة الاختلاف هي المفتاح الأهم في التعامل مع كل الاحتياجات الخاصة، فدمج الطفل الخاص في برامج تعليمية لا تناسبه أملاً في ألا يشعر باختلاف عمن حوله، هو من أشد الأخطاء ضرراً على هؤلاء الأطفال، إذ لا بد من توفير بيئة تناسب قدراتهم وتمكنهم من التعايش، كل بحسب تقييم حالته واحتياجه الخاص وما يتطلبه احتياجه للتطور والاندماج التدريجي مع المجتمع وبيئته المحيطة؛ كي نتفادى إحباطه بمطالبته بما لا يطيق فيزيد انعزاله.
ويظل المبدأ الأغلب في التعامل مع أطفالنا ذوي الاحتياجات الخاصة هو أن كلاً ميسر لما خلق له؛ وأن لكل زيادة ولكل نقص سبباً وحكمةً لا بد من تدبرها ليسهل التعامل مع كل ما يمن به الله علينا من تجارب، حتى وإن كانت شاقة أو قاسية.
اقرأ أيضا:التوحد... والعلاج بالحب
وبالتالي فهذا الولد يحتاج لمساحة من الحركة والحرية في التنقل، وأن يختبر في ما يستطيع أن يفعله، وليس في ما لن يتمكن أبداً من فعله، فبحثت له عن مدرسة تعمل بنظام يراعي الفروق الفردية ويميز الطلاب بحسب مستوياتهم في كل شيء وليس فقط أكاديمياً، بحيث يبرع ابنها مثلاً في حصص التربية البدنية والرياضية ويشعر بالتميّز في خفة حركته ولا يشعرها عيباً ويستذكر جزءاً من دروسه بما يناسب أسلوبه في الفهم بلا لوم.
فلا مانع من أن يحفظ جدول الضرب بحركات بدنيه أو يميز أفعال اللغة الإنجليزية بأن يقوم عند الفعل ويجلس عند الاسم ويشير بيديه لأعلى إذا كان الفعل ماضياً وباليدين إن كان مضارعاً، وتحولت الدراسة إلى السعادة بعينها للولد وللأسرة، فلما فهمت الأم أفهمت من يتعاملون مع ابنها بعد أن بحثت عنهم بعناية ليقدموا له العلم في شكل يحبه ويستطيعه ويبدع فيه ويناسب إمكاناته.
اقرأ أيضا:كيف تتعامل مع ابنك المعوّق في خطوات؟
إذن، بداية خطواتنا لتهيئة الطفل لهذه المرحلة من حياته، هي قبوله أولاً، وفهم احتياجاته ثانياً، والبحث عن مكان يناسبه ثالثاً، مكان لا يتيه فيه هذا الطفل أو تنطمس خصوصيته في خضم المعلومات التي قد لا تلائمه طريقة تقديمها أو يحتاج لأسلوب خاص لاستيعابها.
ثم تأتي التهيئة كاستراتيجية رابعة، فبعد التهيئة الخارجية تأتي التهيئة الأهم، وهي إعداد الطفل ذاته لهذا التحدي، فكم من مرة قد يتعرض فيها للسخرية من زملائه بسبب ردود أفعاله أو اختلافه سلوكاً أو مظهراً، وكم من مرة قد يسمع فيها تعليقاً لاذعاً من معلميه أو نظرات فيها نفاد صبر أو ضيق، وكلها أمور متوقعة، فكيف يتهيأ لكي لا تنال من عزمه ولا تضعف من صلابته.
ترسيخ أفكار
ويكون ذلك عن طريق ترسيخ بعض الأفكار داخله سواء بالحوار المباشر أو بالقصص أو حتى بالنظرات، ومنها على سبيل المثال:
أولاً: تأكيد فكرة أن كل البشر بهم عيوب وليس من حق أحد محاسبة أحد على شيء لا يستطيع التحكم فيه.
ثانياً: زرع فكرة "أنا محبوب" ومقبول من كل من يعرف قدراتي وقد يجهلها بعضهم فيسيئون فهمي، ولذا لا بد أن أعبر عن ذاتي وأظهر قدراتي لأدفعهم إلى احترامي بتصرفي وأخلاقي ومهاراتي.
ثالثاً: اللجوء إلى والدي أو معلمي قد يفيدني إن لم أستطع الحصول على حقوقي أو الدفاع عن نفسي، ولكن سيكون هذا اللجوء هو آخر محاولة بعد استنفاد كل ما لدي.
وتظل مراعاة الاختلاف هي المفتاح الأهم في التعامل مع كل الاحتياجات الخاصة، فدمج الطفل الخاص في برامج تعليمية لا تناسبه أملاً في ألا يشعر باختلاف عمن حوله، هو من أشد الأخطاء ضرراً على هؤلاء الأطفال، إذ لا بد من توفير بيئة تناسب قدراتهم وتمكنهم من التعايش، كل بحسب تقييم حالته واحتياجه الخاص وما يتطلبه احتياجه للتطور والاندماج التدريجي مع المجتمع وبيئته المحيطة؛ كي نتفادى إحباطه بمطالبته بما لا يطيق فيزيد انعزاله.
ويظل المبدأ الأغلب في التعامل مع أطفالنا ذوي الاحتياجات الخاصة هو أن كلاً ميسر لما خلق له؛ وأن لكل زيادة ولكل نقص سبباً وحكمةً لا بد من تدبرها ليسهل التعامل مع كل ما يمن به الله علينا من تجارب، حتى وإن كانت شاقة أو قاسية.
اقرأ أيضا:التوحد... والعلاج بالحب