هل تؤجّل "عاصفة السعودية" مؤتمر المعارضة السورية في الرياض؟

07 نوفمبر 2017
لا تزال الهوة واسعة بين أطراف المعارضة (Getty)
+ الخط -
تتهيأ المعارضة السورية لعقد مؤتمر موسّع لها في العاصمة السعودية الرياض، ولكن التطورات الأخيرة في المملكة ربما تدفع باتجاه تأجيل هذا المؤتمر، إذ لم تبلغ الخارجية السعودية المعارضة السورية بعد بموعد انعقاده، على الرغم من أنه كان من المقرر عقده قبيل الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف، التي حددت الأمم المتحدة موعداً نهائياً لها أواخر الشهر الحالي.


ولكن مصادر مسؤولة في المعارضة السورية رأت أنّ تأجيل انعقاد المؤتمر، الذي تطلق عليه تسمية "الرياض 2"، "ليس مرتبطاً بما يجري في المملكة"، مشيرة إلى أنّ "ظروف المعارضة لا تساعد على التئامه"، إذ لا يزال التباين سيد الموقف لدى تيارات ومنصات داخل هذه المعارضة.


ولا يزال الغموض يلفّ مصير مؤتمر المعارضة الموسع والذي من المفترض أن يلتئم في الرياض خلال الشهر الحالي، إذ غيّرت "عاصفة السبت" السعودية المشهد السياسي في المملكة، ومن المحتمل أن تلقي بظلالها على العديد من الملفات العالقة ومنها الملف السوري.

 وكان حسن عبد العظيم، المنسّق العام لهيئة التنسيق الوطنية، وهي مكوّن رئيسي من مكونات الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، قد أشار في تصريحات صحافية أخيراً إلى أنّ مؤتمر "الرياض 2" سيعقد ما بين 10 إلى 15 من الشهر الجاري، إلّا أنّ مصدراً رفيع المستوى في الهيئة أكد في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الموعد لم يحدّد بعد. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لأنه غير مخوّل بالحديث العلني: "لسنا نحن من يحدّد موعد انعقاد المؤتمر في الرياض، وإنما الخارجية السعودية، ولم نتلق حتى الآن ما يؤكد اقتراب هذا الموعد".

 كذلك أكد الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان آغا، لـ"العربي الجديد"، أن "موعداً قاطعاً لمؤتمر الرياض 2 لم يحدد بعد". ولم يستبعد نعسان آغا أن يتم تأجيله، وتأجيل الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف المقررة أواخر الشهر الجاري، "إلّا إذا استجدت معطيات لعقده".

وأشار نعسان آغا إلى أن "القرار عند المملكة العربية السعودية حول موعد انعقاد مؤتمر الرياض"، معرباً عن اعتقاده بأن "لا يتأثّر المؤتمر الموسع للمعارضة بما يجري في المملكة"، لافتاً إلى أنّ "الظرف العام عند المعارضة السورية لا يشير إلى جاهزيته الآن لتشكيل وفد واحد، أو موحّد".

وتهدف الهيئة العليا للمفاوضات من وراء عقد مؤتمر موسّع للمعارضة في الرياض إلى "توسيع قاعدة التمثيل"، من خلال مشاركة "أوسع طيف من الشخصيات الوطنية السياسية والعسكرية والثورية، ومن ممثلي المجتمع المدني، وتشمل أطياف الشعب السوري كافة" في المؤتمر، الذي يهدف أيضاً إلى إجراء تغييرات جوهرية في هيكلية الهيئة التي انبثقت عن مؤتمر "الرياض 1" أواخر عام 2015، والذي صدر عنه بيان بات من أهم الوثائق السياسية للمعارضة السورية، ونص على إجراء مفاوضات مع النظام تنتهي بحل يقوم على انتقال سياسي وفق قرارات دولية أهمها بيان "جنيف 1"، يؤدي إلى إنشاء دولة تعددية ديمقراطية في سورية.

كما تهدف الهيئة من وراء "الرياض 2" إلى التوصل لصيغة ترضي جميع أطراف المعارضة السورية، وتفضي إلى تشكيل وفد مفاوض مع النظام في مدينة جنيف السويسرية يضم منصتي "القاهرة" و"موسكو"، إذ يصرّ الموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، على تشكيل وفد واحد للمعارضة قبيل الجولة المقبلة من جنيف.

ولا تزال الهوة واسعة في وجهات النظر بين أطراف المعارضة، وخاصة بين الهيئة العليا ومنصة موسكو، إذ تحاول الأخيرة تكريس وجهة نظر القيادة الروسية حيال الحل في سورية من خلال إصرارها على بقاء بشار الأسد في السلطة خلال المرحلة الانتقالية، مع إمكانية ترشحه في انتخابات تعقب هذه المرحلة، وهو ما ترفضه الهيئة العليا للمفاوضات بالمطلق.

وكانت مصادر في المعارضة قد ذكرت لـ"العربي الجديد"، أنه جرى تكليف كل من جورج صبرا، وحسن عبد العظيم، وسهير الأتاسي، وعبد العزيز الشلال، وأياد شمسي، من قبل الهيئة العليا للمفاوضات، وذلك للإعداد لمؤتمر "الرياض 2" الموسّع للمعارضة السورية.

 وقدمت اللجنة مجموعة مقترحات للهيئة، منها أن تشارك نحو 51 شخصية معارضة في مؤتمر الرياض، من بينها 28 من أعضاء "الهيئة العليا للمفاوضات"، و23 شخصية أخرى نصفها من العاملين في الداخل السوري، ومنهم عسكريون منشقون وقادة ميدانيون "بما يحقق أوسع قاعدة ممكنة للمشاركة مع تحقيق حضور المكونات المختلفة للشعب السوري واحترام دور المرأة"، وفق المصادر.

وقدّم أعضاء في تلك اللجنة مقترحاً يدعو إلى حضور 120 شخصية معارضة لـ"مؤتمر الرياض 2"، بما يضمن مشاركة أوسع للفصائل العسكرية الثورية، ومنظمات المجتمع المدني، وعدد محدد من منصتي "القاهرة" و"موسكو" للمعارضة السورية.

 وأشارت المصادر إلى أن اللجنة دعت إلى زيادة عدد أعضاء "الهيئة العليا" إلى 51 عضواً، من خلال إضافة شخصيات وطنية مستقلة "لتعزيز دور الهيئة ككيان تفاوضي بالاستناد إلى أوسع قاعدة شعبية". ولم تتبلور بعد ملامح مؤتمر الرياض 2 من حيث عدد المشاركين فيه، والأجندات الرئيسية على جدول أعماله، فالأمر "لا يزال غامضاً"، وفق الدبلوماسي السوري المعارض بسام العمادي، والذي أشار في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه "قد يؤثّر ما حدث في المملكة على الرياض 2"، مضيفاً "لكن ربّما تأجيل، أو إلغاء سوتشي سيعجّل في الرياض 2، لأن جنيف أصبح الآن مساراً سياسياً وحيداً".

وبات مؤتمر "الحوار الوطني" الذي كانت تحضّر له روسيا في منتجع سوتشي في حكم المؤجل، بعد أن رفضت كل تيارات وهيئات المعارضة السورية المشاركة فيه. كما لم تبد أطراف إقليمية، منها تركيا وإيران، ودولية منها الولايات المتحدة الأميركية، حماسة كافية لانعقاده، وهو ما دفع موسكو إلى تأجيله، وربما إلغائه، لأنها أدركت أنه سيكون مؤتمراً إعلامياً لا أكثر، من دون جدوى سياسية تدفع باتجاه ترسيخ الرؤية الروسية للحل في سورية، في ظل مقاطعة أغلب الأطراف الفاعلة له.

ومن المرجح أن تحاول المعارضة السورية متمثلة بالهيئة العليا للمفاوضات، تسريع وتيرة انعقاد مؤتمر "الرياض 2"، كي تستفيد من خيبة الأمل الروسية جراء فشل مساعيها في عقد مؤتمر "الحوار الوطني" في سوتشي، وذلك لتأكيد حقيقة سياسية حاولت موسكو مراراً القفز فوقها ولم تنجح، جوهرها أن لا حل في سورية من دون المعارضة السورية التي تمثلها الهيئة، فهي ذات الثقل السياسي في الشارع السوري المعارض الذي يضمن نجاح وديمومة أي حلّ سياسي ترعاه الأمم المتحدة وليس أية جهة أخرى.

المساهمون