هل انتهى عصر أوبك؟

09 ديسمبر 2015
الإخفاق في الاتفاق على سقف الإنتاج يهدّد أوبك (getty)
+ الخط -

 


لأكثر من 50 عاما، ظلت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" مرجعا في تحديد تدفقات النفط وأسعاره عالميا، إلا أنه يبدو أن هذا العصر قد ولى، بعد أن دخل منافسون آخرون حلبة الإنتاج، متقاسمين مع المنظمة تحديد مصير هذه الثروات، بينما آثر أعضاء "أوبك" التطاحن فيما بينهم على حصص السوق، بدلا من مواجهة الخطر الخارجي.


وجاء إخفاق "أوبك" للمرة السابعة على التوالي، خلال اجتماعها الأخير في العاصمة النمساوية فيينا يوم الجمعة الماضي، في الخروج بقرار حول سقف الإنتاج، ليعبر بشكل واضح عن مدى الانقسام الذي يعتصر أركان المنظمة، ويزيد من عجزها عن السيطرة على أسواق النفط وإيقاف نزيف الأسعار، الذي يخنق العديد من الدول التي طالما ظلت تفتخر لسنوات بفوائضها المالية.

وفي ظل هذا الانقسام والعجز، بات السؤال الأكثر إلحاحا هو هل فعلا انتهى عصر أوبك .. ألم يعد للمنظمة مقدرة على توحيد صف المنتجين أم أن المصلحة الفردية باتت الأكثر باعثاً لتحركات الدول الأعضاء؟

واقعياً فإن السوق النفطية خرجت من سطوة "أوبك"، كما خرجت أيضا من سطوة شركات النفط العملاقة، ولم يبق للمنظمة العريقة سوى اجتماعات لطحن الماء كما يروق للبعض أن يسميها.

فهذه روسيا التي تعد من أكبر المنافسين خارج المنظمة، تنتج بشراسة كميات غير مسبوقة من النفط، لتكاد تلامس مستوى 11 مليون برميل يوميا، لتعادل أكثر من ثلث إنتاج أوبك وحدها، كما يبدو النفط الصخري الأميركي قريبا من نفس هذه المستويات، ما يزيد الخناق على دول المنظمة.

وبينما من المفترض أن تبحث الدول الأعضاء في أوبك عن مخرج موحد لهذا المأزق الذي يهدد مصير افتصاداتها، دب الخلاف بينها حول سقف الإنتاج، لتتمسك الدول الأكبر إنتاجا برؤيتها حول بقاء الإنتاج وربما زيادته، لعدم ترك السوق للمنافسين ولو على حساب تهاوي الأسعار، في حين تصرخ الدول الأخرى مطالبة بكبح هذا السباق، الذي أحرق الأسعار ودفع إيراداتها التي هي محور بقائها إلى الهاوية.

اقرأ أيضاً: أوبك تفشل في الاتفاق على سقف إنتاج النفط

ولم يكن هذا الخلاف بعيدا عن دول مجلس التعاون الخليجي نفسها، فبينما تستضيف العاصمة القطرية الدوحة، اجتماع الطاولة المستديرة السادس لوزراء البترول والطاقة لدول آسيا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تعقد الإمارات في نفس التوقيت مؤتمرا عن الطاقة، كان لكل واحد منهما رؤيته هو ووزرائه أيضا على صعيد قطاع النفط من دول الخليج.

ولعل الأسعار التنافسية التي تبرم بها دول الخليج صفقاتها النفطية لكبرى الأسواق، باتت تشير إلى حد كبير إلى أن السباق لم يعد مقتصرا على المنافسة مع الدول خارج "أوبك"، وإنما انطلق الماراثون داخليا على خلفية الضربات الموجعة لتهاوي الإيرادات، التي زادت من حالة الفرار للأمام من قبل أغلب المنتجين.

ومنذ يوم اجتماع "أوبك" الأخير، أخذت أسعار النفط في التراجع لما دون 40 دولارا للبرميل، لتلامس أمس أدنى مستوى منذ عام 2009، فاقدة أكثر من 65% منذ منتصف عام 2014، بينما تسود توقعات بأن تواصل الأسعار الهبوط إلى نحو 30 دولارا للبرميل، وربما 20 دولارا في منتصف عام 2016.

وبحسب بيانات من تومسون رويترز للأبحاث يوم الثلاثاء الماضي، تشحن السعودية التي تستحوذ على ما يقرب من ثلث إنتاج "أوبك" البالغ إجمالية 31.5 مليون برميل يوميا، المزيد من النفط الخام إلى آسيا خلال الشهرين الأخيرين من العام الحالي.

وتصدر السعودية نصف إنتاجها من الخام تقريبا إلى آسيا، حيث تلقى العملاء الآسيويون الرئيسيون وفق هذه البيانات نحو 4.6 ملايين برميل يوميا من الخام السعودي في الأحد عشر شهرا الأولى من العام بزيادة 12% عن الفترة المماثلة من العام الماضي.

وربما يكون وراء التدافع السعودي على غمر الأسواق بنفطها، عامل سياسي يتمثل في محاصرة المنافسين من خارج "أوبك" وكذلك إيران التي هي من أعضاء المنظمة نفسها، ولكن بسبب الخلافات السياسية العميقة، فإن لا صوت يعلو فوق صوت المصالح الفردية، لاسيما بعد أن دخلت إيران في تحد مع "أوبك" وأنها ستزيد الإنتاج دون إذن من المنظمة.

إذن باتت "أوبك" في ظل هذا السباق والتطاحن قريبة إلى طي صفحة الوئام، ليصبح رفاق الأمس خصوما على منصات الإنتاج اليوم والغد.



اقرأ أيضاً: قرار أوبك يهبط بأسعار النفط لأدنى مستوى في 2015

المساهمون