منذ بدء إنشاء وإعلان المحميات الطبيعية في لبنان والعالم العربي، ظهرت لدى القيمين عليها دلالات تشير إلى أنّ الرعي الجائر هو عمل ضار بالبيئة والمناظر الطبيعية. كذلك، نحن نسلّم بهذه الاستنتاجات. أما الرعي العادي فهو ضرورة لا لشيء إلاّ لأنّه يجب استرضاء الرعاة لجعلهم أصدقاء للمحمية بدلاً من استثارة غضبهم ونشوء عداوة بينهم وبين المحمية تؤدي إلى جعلهم يخربون البنية التحتية للمحمية ويعملون على استفزاز القائمين عليها.
لكن، بعد مرور نحو ثلاثة عقود ونيف، اتضح أنّ الرعي مطلوب ليس استرضاء للرعاة فقط بل من أجل المحافظة على الأرض العشبية كأرض رعوية، لأنّ إهمالها قد يؤدي إلى نمو الشجيرات والأشجار. لا نرى ضيراً في نمو الغابات، لكن ليس على حساب المراعي التي بدأ الرعاة يتركونها ويتجهون إلى المزارع لتربية قطعانهم في الإسطبلات والحظائر.
من هنا كانت الدعوة إلى المحافظة على المراعي والرعاة وقطعانهم وربط المجتمع المحلي في الأرياف والمناطق النائية ببيئته وحضه على عدم الهجرة نحو المدن من خلال تقوية المراعي بدمجها مع البيئة الغابية والزراعية والثقافية والإيكولوجية والتنوع البيولوجي. فكلما كثرت الموارد التي يستفيد منها المجتمع المحلي، تعلق هذا المجتمع بأرضه وازدادت عائداته المالية وتحسن وضعه الاجتماعي.
هذا الانصهار أو الدمج بين المناظر الطبيعية يجعل الأشجار المثمرة تطرح منتوجاتها وكذلك يفعل الرعاة بإنتاج الحليب واللحوم والصوف والأجبان، بينما البيئة الغابية توفر النباتات المطبخية كالزعتر والهندباء والقرصعنة، والطبية كالبابونج والقصعين والكتان. وكلّ هذه البيئات تصبح مقصداً لمحبي مراقبة الطيور وعشاق المشي وتصبح منهلاً غنياً بالمواد التربوية والمعلومات الثقافية التقليدية، كما يمكن لها أن تضم مراكز دينية لها طابع مقدس أو رياضات مثل ركوب الدراجات أو الأحصنة أو البغال والحمير.
اقــرأ أيضاً
كل ذلك يشكل مجموعة حوافز تغري المجتمعات المحلية بالبقاء والاستفادة من منتجاتهم المتنوعة. وهنالك اتجاه في لبنان إلى إعادة الموائل البيئية إلى سابق عهدها السائد قبل أن تؤثر بها أفعال الإنسان. بمعنى آخر، هناك دراسات أثبتت أنّ إعادة الماعز النوبي إلى لبنان، حيث كان ينتشر في الماضي، تؤدي إلى الحفاظ على المراعي وتمنع تمدد البيئات الأخرى نحوها. صحيح أنّ الماعز العادي والنعاج يقومان بأدوارهما في البيئة لكنّ الماعز النوبي يركز على الشجيرات الكثيفة التي تشكل بداية لتمدد الغابات. من هنا، يمكن القول إنه لا تضارب بين أنواع الحيوانات المعشبة لأنّ أدوارها تتكامل في ما بينها. أما المطلوب للوصول إلى الأهداف فهو فتح منافذ إلى الأراضي الرعوية وإنشاء ممرات لهواة رياضة المشي أو ممرات حيوانات فيها، بالإضافة إلى تزويدها بأماكن للراحة والمعلومات وأماكن لمراقبة الطيور وأخرى لمتابعة المتغيرات من أجل الاطمئنان على حسن سير إدارة هذا التجمع الغابي والرعوي والزراعي والثقافي. أما الشق الثاني من إعادة الموائل البيئية إلى سابق عهدها فيتمثل بصيانة الأراضي الزراعية التي تمنع تدهور التربة وتقوم حيطانها الصخرية بإيجاد مناخات دقيقة وحساسة لحيوانات ونباتات متطلبة.
*اختصاصي في علم الطيور البرية
لكن، بعد مرور نحو ثلاثة عقود ونيف، اتضح أنّ الرعي مطلوب ليس استرضاء للرعاة فقط بل من أجل المحافظة على الأرض العشبية كأرض رعوية، لأنّ إهمالها قد يؤدي إلى نمو الشجيرات والأشجار. لا نرى ضيراً في نمو الغابات، لكن ليس على حساب المراعي التي بدأ الرعاة يتركونها ويتجهون إلى المزارع لتربية قطعانهم في الإسطبلات والحظائر.
من هنا كانت الدعوة إلى المحافظة على المراعي والرعاة وقطعانهم وربط المجتمع المحلي في الأرياف والمناطق النائية ببيئته وحضه على عدم الهجرة نحو المدن من خلال تقوية المراعي بدمجها مع البيئة الغابية والزراعية والثقافية والإيكولوجية والتنوع البيولوجي. فكلما كثرت الموارد التي يستفيد منها المجتمع المحلي، تعلق هذا المجتمع بأرضه وازدادت عائداته المالية وتحسن وضعه الاجتماعي.
هذا الانصهار أو الدمج بين المناظر الطبيعية يجعل الأشجار المثمرة تطرح منتوجاتها وكذلك يفعل الرعاة بإنتاج الحليب واللحوم والصوف والأجبان، بينما البيئة الغابية توفر النباتات المطبخية كالزعتر والهندباء والقرصعنة، والطبية كالبابونج والقصعين والكتان. وكلّ هذه البيئات تصبح مقصداً لمحبي مراقبة الطيور وعشاق المشي وتصبح منهلاً غنياً بالمواد التربوية والمعلومات الثقافية التقليدية، كما يمكن لها أن تضم مراكز دينية لها طابع مقدس أو رياضات مثل ركوب الدراجات أو الأحصنة أو البغال والحمير.
كل ذلك يشكل مجموعة حوافز تغري المجتمعات المحلية بالبقاء والاستفادة من منتجاتهم المتنوعة. وهنالك اتجاه في لبنان إلى إعادة الموائل البيئية إلى سابق عهدها السائد قبل أن تؤثر بها أفعال الإنسان. بمعنى آخر، هناك دراسات أثبتت أنّ إعادة الماعز النوبي إلى لبنان، حيث كان ينتشر في الماضي، تؤدي إلى الحفاظ على المراعي وتمنع تمدد البيئات الأخرى نحوها. صحيح أنّ الماعز العادي والنعاج يقومان بأدوارهما في البيئة لكنّ الماعز النوبي يركز على الشجيرات الكثيفة التي تشكل بداية لتمدد الغابات. من هنا، يمكن القول إنه لا تضارب بين أنواع الحيوانات المعشبة لأنّ أدوارها تتكامل في ما بينها. أما المطلوب للوصول إلى الأهداف فهو فتح منافذ إلى الأراضي الرعوية وإنشاء ممرات لهواة رياضة المشي أو ممرات حيوانات فيها، بالإضافة إلى تزويدها بأماكن للراحة والمعلومات وأماكن لمراقبة الطيور وأخرى لمتابعة المتغيرات من أجل الاطمئنان على حسن سير إدارة هذا التجمع الغابي والرعوي والزراعي والثقافي. أما الشق الثاني من إعادة الموائل البيئية إلى سابق عهدها فيتمثل بصيانة الأراضي الزراعية التي تمنع تدهور التربة وتقوم حيطانها الصخرية بإيجاد مناخات دقيقة وحساسة لحيوانات ونباتات متطلبة.
*اختصاصي في علم الطيور البرية