هلا الشروف.. رغبات يوميّة

02 فبراير 2015
محمد الوهيبي / فلسطين
+ الخط -

تنسج هلا الشروف في مجموعتها الثانية "لم أقطع النهر" (الأهلية) عوالم لم تصل بعد إلى قرارها وخلاصها النهائي، عوالم مليئة بالحيرة والأسئلة، لكن الحيرة هنا، تبدو حيرة المتشكك الذي لا يأمن إلى هدوء الأشياء وصفائها المخادع.

تبدأ الشروف (1978) مجموعتها بإهداء مقتضب إلى والدها: "أبي، هذا ثمرة حزني عليك". اقتضابٌ يشي بكلام كثير سيقال لاحقاً، كما في قصيدة "لو كنت حياً" التي حاكمت فيها وطأة الزمن الضائع، وثقل الغياب على الحاضرين، عوضاً عن الاستسلام لمآلات هذا الغياب.

لم يتوقف الكلام الكثير عند هذا الهامش - هامش الغياب المأسوف عليه - بل تجاوزه إلى ثيمات شعرية معروفة أعملت فيها الكاتبة صنعتها: "يسيلُ الندى فوق وجه المحبّين عند الصباح/ فلا يعرفان: أسال الوجودُ أم انسكبَ الحبُّ/ حتى تبلّلَ وجه الوجود!".

لم تغادر الشروف، في قصائدها الثلاث والثلاثين، مربع اللغة الشعرية وإيقاعاتها، مزاوجة بين حمولة النص وغنائيته المسترسلة التي تبتعد عن التكلف وافتعال الصور الشعرية، في انحياز صادق لالتقاطات الهواجس والمشاعر المتولدة عبر اليوميّ والمعاش.  

"- كيف يولد الحب؟
 - بالتخاطر: كلما نادى الجوى أحدَ المحبَّينِ استعادَ الآخرُ الإحساس بالمعنى، وأرخى قلبه للأغنيات.
 - وكيف يموت؟
 - بالتخلي، كلما جرح المحبُّ يد اللقاء وخانها، نادى الحبيبُ من البعيد: لقد نسيتُ، لقد نسيت".

ينسحب ما قاله الشاعر والروائي الجزائري مالك حداد في عبارته: "علينا أن نمنح العاطفة عقلاً، والعقل عاطفة"، على معظم قصائد "لم أقطع النهر"، من خلال سعيها المكثف إلى الكشف عن الذات الإنسانية في القصيدة؛ الذات/ المرهفة/ القوية/ الضعيفة/ المنتصرة/ المسالمة كما هي، دون أدنى رغبة بمغادرة هذه التموضعات.

تتعدد المنابر التي اعتلتها الشروف في قصائدها من حيث المزاج الشعري الذي يحكم النص من جانب، ومن حيث المناسبة التي تدفعها غالباً لصناعة القصيدة من جانب آخر. بدأت قصائدها بمناجاة المستسلم للغياب، في قصائد "لو كنت حياً" و"دم الغزال" و"أخونا"، ثم المرتبكة أمام جوهر التفاصيل والهوامش مثل "اخلعيني تماماً" و"انفصام" و"بلا وردة واحدة" و"ثنائيات"، وأخيراً المنتصرة على الذات وما يشبه الآخر مثل "أراك غدا" و"أحبك أخضر" و"أسئلة".

المساهمون