استمع إلى الملخص
- **تقسيم موضوعي**: الكتاب مقسم إلى فصول حسب الموضوعات مثل "الأشجار"، "الماء"، و"الطبيعة"، حيث يقدم كل فصل نصوصاً تعبر عن تجارب وتأملات مختلفة حول هذه العناصر.
- **دعوة للتواصل مع الطبيعة**: يهدف الكتاب إلى إعادة الإنسان إلى جذوره المرتبطة بالأرض والطبيعة، مشجعاً على التأمل والشعور بالذات عبر الحواس الخمس.
يجمع الناقد التشيلي فيليبي رييس Felipe Reyes في كتاب "هي في كلّ شيء: أغانٍ من أجل الطبيعة"، الصادر حديثاً عن دار Alquimia Ediciones في تشيلي، نصوصاً نثرية وشعرية لمؤلّفين من مختلف العصور وخطوط الطول والعرض؛ ولا سيّما أولئك الذين يغرسون جذورهم في الأرض لتقديم علاقتهم بالطبيعة ووصفها. كل صفحة من صفحات الكتاب هي دعوة للتواصل مع الطبيعة الحاضرة دائماً، والتي تحدّد حياتنا في كل شيء، حتى لو لم ندرك ذلك.
الأشجار والورود والأنهار والطيور والجبال؛ الفصول ما بقي منها وما يعيش تحت تهديد تغيّر المناخ، جميعها ستكون نقطة بداية خمسة عشر كاتباً وكاتبة، شاعراً وشاعرةً، للتوقّف والتأمل والكتابة، بدءاً من الشاعر الألماني يوهان غوته والشاعرة والكاتبة الأميركية إدنا سانت فنسنت ميلاي، والشاعرة التشيلية غابرييلا ميسترال، وانتهاءً بالإنكليزي جون راسكن، والأميركيين رالف إمرسون وإيميلي ديكنسون، وما بينهما من كتّابٍ وشعراء من الأرجنتين واليابان وتشيلي وبريطانيا والولايات المتحدة ونيوزيلاندا وروسيا، هم: روبرتو أرلت، وألفونسينا ستورني، وسي شوناغون، ولويس أويارزون، وبيدرو برادو، وماري أوستن، وسوزان كوبر، كاثرين مانسفيلد، ومارينا تسفيتايفا.
معيار اختيار النصوص، وفقاً لجامعها، هي "تلك الكلمات التي تسمح لنا بالقيام برحلة، ليس في الزمن فحسب، بل في التجربة الثقافية والشخصيّة التي ربطت كلّ مؤلف بالطبيعة وجعلته يكتب عنها أو يشير إليها أو يعيشها. وهي بذلك نصوص لا تخضع لترتيب زمني معين، إنها نصوص تقول الطبيعة في زمن صار فيه كل شيء غير طبيعي".
مجموعة من الأساليب ووجهات النظر لمقاربة الطبيعة وتأمّلها
هي، إذن، مجموعة من الأساليب ووجهات النظر لمقاربة الطبيعة وتأمّلها، كما أنّها في الوقت نفسه، دعوةٌ لأهمية التواصل مع البيئة التي تحدّد حياتنا، ومع المناخ والتغيرات التي تحصل عليها بسبب الصناعة؛ ومع الطبيعة التي تتحرك من حولنا دائماً، والتي تم سردها والتعبير عنها بطرق مختلفة إلى درجة أنها صارت نوعاً أدبياً في حدّ ذاته.
يُقسم الكتاب إلى فصول تبعاً للموضوع الذي يُكتب عنه. ففي فصل "الأشجار"، نقرأ ما كتبته ميسترال؛ أوّل شاعرة تشيلية حصلت على "نوبل للأدب"، عن شجر الحور، حيث وصفته بأنّه تارةً "رفيق السفر والتجوال"، وتارةً بـ"امرأة تهمس مهرولةً إلى جانب الموتى".
وفي فصل "الماء"، نقرأ مع الكاتب الأرجنتيني روبرتو أرلت نصوصاً مختصرة، لكنها تجعلنا نفكر بأهمية الماء. إنها نصوص حول الجفاف، حيث "محادثات ركاب الحافلة التي تعبر البلاد نحو الشمال، ومناظر الأراضي الجافة التي نراها من النافذة تجعلنا نفكر بكلمة واحدة لا غير: الماء".
أما فصل "الطبيعة"، وهو الأشمل والأكبر، فيتناول نصوصاً تنوعت موضوعاتها وأساليبها. فالطبيعة هي "الكتاب المفتوح المفهوم وغير المفهوم في الآن ذاته، وهي اللغز الأبديّ الموجود أمامنا، والرمز الأبديّ للحركة، ولبلوغ الكمال، وللكشف عن الذات"، كما يقول غوته. وهي "النحل الطنان؛ ما نسمعه وما نغنيه: الطيور. هي ما نراه ونستشعره: غروب الشمس. وهي قبل هذا كلّه ما يقود الإنسان إلى الخطوة الأولى من المعرفة، الشك: وردة ننظر إليها من طريق الصدفة!" كما تقول الشاعرة الأميركية إميلي ديكنسون.
يدعو كتاب الناقد التشيلي إلى العودة إلى الأم الحقيقية للأشياء كلّها، الطبيعة، ولا سيما في هذا الزمن المتسارع والمرتبك الذي نعيشه، الزمن الذي تحوّل فيه الإِنسان نفسه إلى آلة معدنية. إنه كتاب يعيدنا إلى الجذر الأخضر الأول الذي يربطنا بالأرض، أي الطبيعة، ذلك التاريخ الذي يولد وينمو ويشيخ ويتحول ويموت ويحيا من جديد. وهو بذلك دعوة الإنسان إلى الشعور بذاته: إلى التنفس والنظر والسمع والذوق واللمس.